العنف الممنهج ضد النساء فى السودان

تعد الأزمة الإنسانية فى السودان واحدة من أشد الأزمات تعقيدًا فى العالم وتتضاعف آثارها بشكل خاص على النساء، حيث تواجه المرأة السودانية تحديات غير مسبوقة تهدد سلامتها الجسدية والنفسية وتزيد من ضعفها الاجتماعى والاقتصادى، فمع استمرار القتال اضطر ملايين من النساء إلى ترك منازلهن باحثات عن الأمان فى مخيمات النزوح داخل البلاد، أو اللجوء إلى البلدان المجاورة هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر تعرضهن للعنف والابتزاز والاستغلال، ففى المخيمات تعانى النازحات من ظروف معيشية قاسية، ونقص فى الغذاء والمياه والرعاية الصحية ما يجعلها عرضه للأمراض، وسوء التغدية، كما أن غیاب الحماية الكافية يجعلهن هدفًا للعنف القائم على النوع الاجتماعى، وقد كشفت تقارير مفوضية الأمم الممتدة لحقوق الإنسان مايو ٢٠٢٥ عن ٣٦٨ حادثة عنف جنسى شملت ما لا يقل عن ٥٢١ ضحية أكثر من نصف هذه الحالات شملت حالات اغتصاب بما فى ذلك اغتصاب جماعى اتسم بالكراهية العرقية، حيث يستخدم الاغتصاب وبصفة عامة العنف الجنسى كسلاح للحرب لترهيب السكان وترك الضحايا فى حالة من الصدمة النفسية والجسدية، مع عدم الحصول على الرعاية الصحية أو الدعم النفسى، ومع انهيار الخدمات الأساسية يزيد العبء على المرأة، حيث صعوبة الوصول إلى المستشفيات ما يشكل خطرًا على الحوامل والأمهات والأطفال.
كما أن انعدام الأمن يؤدى إلى إغلاق المدارس وحرمان الفتيات من التعليم، ويعرضهن مستقبلًا لخطر الزواج المبكر والعمل القسرى، ويعود تاريخ استخدام سلاح اغتصاب النساء فى السودان إلى الحرب فى دارفور عام ٢٠٠٣ والتى اتسمت بالبعد القبلى والإثنى، حيث أصبح الاغتصاب سلاح للهوية وإحدى أهم أدوات المعارك اليومية كنوع من الخضوع والإذلال ليس فقط لانتهاك شرف المرأة فحسب، بل هو انتهاك صارخ للعرقية أو القبيلة التى تنتمى لها هذه المرأة، ما يعد إذلالًا يستهدف المجتمع كله.
ولقد عاد هذا العنف بصورة كبيرة فى الحرب الحالية فى السودان وبشكل أكثر مأساوية، مع انهيار العدالة والنظام القضائى وتفشى الإفلات من العقاب، ما أدى إلى توسع هذه الحرب إلى موجات متعددة من العنف والاستعباد الجنسى، والاختطاف، والاتجار، الزواج القسرى مع تعدد الزيجات من الرجال للمرأة الواحدة ما يؤثر على النسيج الاجتماعى للمجتمع السودانى كله، خاصة مع وجود صعوبة فى توثيق المعلومات وغياب الدعم الصحى والنفسى للناجيات، خاصة الحوامل منهم، وأيضًا صعوبة الحصول على الأدوية اللازمة لعلاج الأمراض التى تنتقل عن طريق الممارسة الجنسية مثل الإيدز.
فهذه الحرب أودت بحياة الملايين وعرضت حياة النساء لتحديات كبيرة تؤثر على سلامتهم وتشكل نقطة فارقة فى تاريخ المرأة السودانية.
أمين سر لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب