الذكاء الاصطناعي يقود ثورة دوائية جديدة..تطوير مضادات حيوية تقاوم الجراثيم
الذكاء الاصطناعي .. نجح فريق من العلماء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في إحراز تقدم غير مسبوق في سباق التصدي لأزمة مقاومة المضادات الحيوية، التي تودي بحياة أكثر من مليون شخص حول العالم سنويًا.
وبالاستعانة بالذكاء الاصطناعي، تمكّن الباحثون من تصميم مضادات حيوية جديدة تستهدف سلالات بكتيرية مقاومة كان علاجها شبه مستحيل باستخدام الأدوية التقليدية.
تصميم ملايين المركبات الجزيئية واختيار الأكثر فاعلية
اعتمد الفريق البحثي على خوارزميات الذكاء الاصطناعي التوليدي لمسح أكثر من 36 مليون مركب جزيئي، مع التركيز على ابتكار مركبات فريدة لا تشبه المضادات الحيوية الحالية، وذلك لتقليل فرص ظهور مقاومة جديدة.
وبحسب ما نُشر في مجلة Cell العلمية، توصل العلماء إلى مركبين واعدين: NG1 وDN1.
NG1: سلاح موجه ضد السيلان المقاوم
تم تصميم المركب الأول، NG1، خصيصًا لمكافحة مرض السيلان، وهو عدوى تنتقل جنسيًا وتطورت بسرعة لتقاوم معظم العلاجات المتاحة.
وتشير بيانات وكالة الأمن الصحي البريطانية إلى رصد 17 حالة من السيلان المقاوم للعلاج بين يناير 2024 ومارس 2025، في مؤشر مقلق على تفشي سلالات لا تستجيب للدواء.
DN1: اختراق جديد ضد المكورات العنقودية المقاومة
أما المركب الثاني، DN1، فقد أثبت فعاليته ضد المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين (MRSA)، وهي بكتيريا خطيرة تبدأ غالبًا على شكل دمل جلدي وقد تتسبب في التهابات مميتة بالدم أو الرئتين أو العظام، لا سيما لدى أصحاب المناعة الضعيفة.
نتائج واعدة على الحيوانات ومعركة ممتدة ضد المقاومة
أظهرت التجارب المخبرية، وكذلك التجارب على الفئران، قدرة NG1 وDN1 على القضاء على البكتيريا المستهدفة بفعالية ملحوظة.
ونجح المركبان في علاج التهابات الجلد الناتجة عن المكورات العنقودية MRSA، بالإضافة إلى إزالة عدوى السيلان تمامًا.
وعلى الرغم من هذه النتائج المشجعة، أكد الباحثون أن الدواءين ما زالا في مراحل مبكرة من التطوير، وأن الطريق لا يزال طويلاً قبل اعتماد استخدامهما على البشر. وتشمل الخطوات التالية تعديل التركيبات الكيميائية، تقييم الآثار الجانبية المحتملة، والبدء في التجارب السريرية.
آفاق جديدة في تطوير الأدوية باستخدام الذكاء الاصطناعي
صرّح البروفيسور جيمس كولينز، المشرف على المشروع، بأن هذا العمل "يفتح آفاقًا واسعة لتصميم أدوية في مساحات كيميائية غير مستكشفة سابقًا"، مؤكدًا أن الذكاء الاصطناعي أصبح أداة جوهرية في الابتكار الدوائي.
وشاركته الرأي الباحثة آرتي كريشنان، مشيرة إلى أن الفريق أراد "كسر قوالب التفكير التقليدية لصنع أدوية تعمل بطرق مختلفة تمامًا عن المضادات الحيوية الحالية".
هجوم مباشر على جدران البكتيريا
ما يجعل هذه المضادات الحيوية مختلفة هو طريقة عملها الجديدة؛ فبدلًا من استهداف الآليات الداخلية للبكتيريا، تعمل هذه المركبات على مهاجمة الأغشية البكتيرية مباشرة، وهو أسلوب نادر في الأدوية المعتمدة حاليًا، ما قد يجعل من الصعب على البكتيريا تطوير مقاومة ضده.
رسالة تحذير وأمل في آن
مع استمرار تزايد حالات مقاومة مضادات الميكروبات في دول مثل المملكة المتحدة، التي سجلت أكثر من 66 ألف إصابة مقاومة في عام 2023 فقط، يأتي هذا التطور كبادرة أمل في سباق يصفه العلماء بالحاسم.