دراسة في فهم الأرق: الأمعاء المفتاح لعلاج اضطرابات النوم

الأرق .. في تطور علمي لافت، تمكن باحثون من جامعة نانجينج الطبية في الصين من تحديد عامل غير متوقع قد يكون "المحرك الرئيسي" لمشكلة الأرق التي تؤثر على حياة الملايين حول العالم.
ووفقًا للدراسة المنشورة حديثًا في مجلة General Psychiatry، فإن الخلل في تركيبة بكتيريا الأمعاء قد يلعب دورًا جوهريًا في اضطرابات النوم.
البكتيريا التي تسرق النوم
اعتمدت الدراسة على بيانات ضخمة شملت أكثر من 386 ألف شخص يعانون من الأرق، وقارنتها بتحليلات من دراستين منفصلتين حول ميكروبيوم الأمعاء شملت ما يقارب 26 ألف مشارك.
وتوصل الباحثون إلى وجود ارتباط واضح بين بعض أنواع البكتيريا المعوية وزيادة خطر الأرق، بينما وُجد أن أنواعًا أخرى قد تساهم في تقليله.
التحليل أظهر أن 14 مجموعة من البكتيريا كانت مرتبطة بزيادة احتمالية الأرق بنسبة تتراوح بين 1 و4%، في حين ارتبطت 8 مجموعات بانخفاض هذا الخطر بنسبة وصلت إلى 3%.
كما تبين أن الأرق ذاته قد يؤثر على توازن الميكروبيوم في الأمعاء، ما يعزز فرضية العلاقة المتبادلة بين الجهاز الهضمي وجودة النوم.
علاجات مستقبلية تستهدف الأمعاء
رغم النتائج الواعدة، شددت شي على أن الدراسة ليست خالية من القيود، أبرزها أن جميع المشاركين كانوا من أصل أوروبي، ما يحد من تعميم النتائج عالميًا. كما لم يتم أخذ عوامل نمط الحياة كالنظام الغذائي ومستوى النشاط البدني في الاعتبار، رغم تأثيرها المعروف على الميكروبيوم.
ملايين يعانون بصمت
تشير التقديرات إلى أن نحو ثلث السكان في المملكة المتحدة والولايات المتحدة يعانون من الأرق بدرجات متفاوتة، ما يجعله من أكثر المشكلات الصحية شيوعًا.
ويؤثر الأرق المزمن على الصحة الجسدية والعقلية، ويزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري والسمنة والاكتئاب.
ماذا يحدث عندما لا ننام؟
الحرمان المطول من النوم لا يؤدي فقط إلى التعب والإرهاق، بل يطلق سلسلة من التفاعلات البيولوجية التي تؤثر سلبًا على الهرمونات، ضغط الدم، والجهاز المناعي.
وفي حالات شديدة، قد يؤدي الأرق المستمر إلى تلف أجهزة الجسم الحيوية أو انهيار الجهاز العصبي.
وكشفت تجربة نادرة أجريت في الستينيات على شاب أمريكي يُدعى راندي جاردنر أنه تمكن من البقاء مستيقظًا لأكثر من 11 يومًا، مما أدى إلى مشاكل في النطق والذاكرة وظهور الهلوسة.
وتوفي آخرون بسبب متلازمات نادرة مرتبطة بحرمان الجسم من النوم، ما يؤكد أن النوم ليس رفاهية، بل ضرورة بقاء.
الأمعاء والعقل مرتبطان أكثر مما نظن
بينما اعتدنا ربط مشاكل النوم بالعوامل النفسية أو البيئية، تكشف هذه الدراسة أن جهازنا الهضمي، وتحديدًا البكتيريا التي تعيش فيه، والتي يكون له تأثير مباشر على نومنا.