رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

محمد شاكر مدير عام شركة كنوز القابضة للاستثمارات المالية:

الفرص البديلة فى الشركات المقيدة.. أفضل من الطروحات الجديدة

محمد شاكر، مدير عام
محمد شاكر، مدير عام شركة كنوز القابضة للاستثمارات المالية

 

50 مليون جنيه رأس مال الشركة المزمع طرحها

 

فكِّر بنفسك، واثبت على قدميك كما تثبت الجبال فى وجه الريح، لا تضع بين يديك كتب الحكماء لتردد كلماتهم، بل تعلم كيف تصيغ فلسفتك بمداد تجربتك، وكيف تجعل من عقلك مرآة ترى بها، لا نسخة من عيون الآخرين.. لا تُقاس همتك بمسافات الأرض ولا تحدها أسوار الواقع، أسعى فى كل خطوة لتبلغ ذروة ذاتك، اجعل دربك منقوشا فى أعماقك، كأنه قد بسط لك وحدك، يدعوك أن تسير.. وكذلك محدثى يعرف أن كل خطوة، مهما كانت صغيرة، هى جزء من طريق طويل نحو القمة.

ثقتك رفيق أبدى، تسير إلى جانبك فى كل منعطف، تهمس أن القمم وجدت لترتقى، أمامك سدود وأودية، وجبال تلو جبال، لكن عينيك معلقتان بالبعيد، حيث يلوح لك ضوء النجاح.. وهكذا كانت مسيرة محدثى منذ الصبا.

محمد شاكر، مدير عام شركة كنوز القابضة للاستثمارات المالية.. يحول العقبات إلى وقود.. لا يكتفى بخوض المعارك، بل يبحث عن ميزة لا يطالها الغير، النجاح فى فلسفته لا يكون لحظة عابرة، أو إنجازًا مؤقتًا، بل حالة مستدامة.

على مرمى حجر من شارع عباس العقاد، ذلك الشارع الذى يحمل فى اسمه عبق واحدٍ من عظماء الأدب، تقف أمتار قليلة لتفتح الطريق نحو مبنى ضخم، طرازه المعمارى الفريد يمزج بين الحداثة والأناقة.. فى الطابق الرابع، تبدأ الحكاية.. شبكة من الممرات تمتد كأنها خيوط متشابكة فى نسيجٍ متقن، جدرانها تحمل بصمة تصميم عصرى، وألوانها تهمس بالسكينة والتركيز.

بنهاية تلك الممرات، أبواب غرفٍ يغمرها الصمت، لا يقطعه إلا همس العمل، ونقرات لوحة المفاتيح، وأزيز الحواسيب.. فى الغرفة الأولى، تسود البساطة بتنظيمٍ مثالى؛ كل شىء فى مكانه كما لو أن المكان انعكاس لذهن صاحبه، الجدران لوحة فنية رسمتها ريشة فنان يعرف كيف يجعل من الصمت جمالًا، سطح المكتب منظومة من النظام؛ ملفات مرتبة بعناية، قصاصات ورقية تحمل بين سطورها خططًا مدروسة، ورؤية لا تعرف الارتجال.

 أجندة ذكريات تتصدر غلافها عبارة كالسيف فى وضوحها: «نبيل من يتنازل.. ذليل من يتخاذل». عبارة ليست للزينة، بل مبدأ سُطرت تحته حكاية رجل قاتل الرياح، وواجه العواصف، وجازف بطمأنينة من يثق فى بوصلة حلمه.. خاض التجارب، قدّم التضحيات، ودفع ثمن كل خطوة، حتى كتب اسمه فى سجل الناجحين، ليس صدفة، بل بمداد العزيمة، وبقلبٍ عرف منذ البدء أن المجد لا يُمنح، بل يُنتزع.

حماسى فى خطواته، هادئ فى تفكيره، يبحث ويفتش، يغربل الأحداث، يسطر رؤية موضوعية لا يشوبها انفعال عابر، يختار كلماته بميزان الحكمة، يصف مشاهد الاقتصاد بوضوح يكشف الخفى ويزيل الضباب.. يقول إن «الاقتصاد الوطنى واجه عواصف ثقيلة فى السنوات الأخيرة، خاصة على مستوى المتغيرات الخارجية، التى أثرت سلبا على مسار الاقتصاد الوطنى، مع تصاعد الأزمة بدول المنطقة، والتداعيات السلبية على ممر قناة السويس، وتراجع قيمة الإيرادات من العملة الصعبة، وأثر ذلك على الموارد الدولارية الرئيسية».

يستطرد قائلا إنه «رغم ما يحيط بالمشهد من معوقات، فإن الحكومة استطاعت، بخطوات محسوبة، أن تتعامل بفاعلية مع التحديات الداخلية، وفى مقدمة هذه النجاحات، استقرار أسعار الصرف الذى منح السوق قدرا من الطمأنينة، يعززه التعافى الملموس للعملة المحلية، بالإضافة إلى العودة إلى نهج التيسير النقدى عبر خفض أسعار الفائدة، وهى خطوة إيجابية، خاصة فى ظل ما يمر به الاقتصاد الوطنى من أزمات خانقة، ومع ذلك، تبقى معدلات التضخم، بكل ما تحمله من ضغط، العقبة الأبرز التى تقف فى طريق التعافى الكامل والانطلاقة المنشودة للاقتصاد، مع عقبة الديون الخارجية».

< إذن فى ظل هذه الأزمات الطاحنة.. كيف ترى المشهد فى الاقتصاد خلال الفترة القادمة؟

< بهدوء الواثق، وبنبرة تحمل عمق التحليل يجيبنى قائلا إن «كل مؤشرات الاقتصاد تدعو إلى تفاؤل حذر، يقوم على أرضية صلبة من استقرار المشهد الاقتصادى، هذا الاستقرار جاء نتيجة مرونة سعر الصرف، والعودة القوية إلى دورة التيسير النقدى، وهى عوامل من شأنها أن تدفع بعجلة السياسة التوسعية، وانعكاس ذلك سيكون واضحًا فى تحفيز النشاط الاستثمارى، واستقطاب المزيد من رؤوس الأموال، الأمر الذى قد يترك بصمته الإيجابية على بنية الاقتصاد، ويمنحه دفعة قوية خلال العام المقبل 2026».

نجاحك مسار تصنعه بخطوات ثابتة، وهو ما ينعكس فى تناوله لملف السياسة النقدية، وخاصة ما يتعلق برفع معدلات أسعار الفائدة أو تثبيتها طوال السنوات الماضية، إذ يربط ذلك بالاتجاه العالمى نحو رفع الفائدة، وباستفادة الدولة من هذا التوجه فى استقطاب المزيد من الأموال الساخنة، لكنه يصف هذه الأموال بأنها معادلة صعبة، بل وقنبلة موقوتة، إذ إن خروجها المفاجئ قد يترك أثرًا سلبيًا عميقًا على الاقتصاد، كما حدث فى سيناريو عام 2022 حين تخارجت استثمارات بقيمة وصلت إلى 22 مليار دولار دفعة واحدة. ومع ذلك، ظل الاتجاه نحو جذب هذه الأموال قائمًا فى ظل شح العملة الصعبة، حتى وإن لم تكن قرارات خفض أسعار الفائدة بسبب ارتفاع معدلات التضخم، ولكن بحثا عن الأموال الساخنة.

لا يزال ملف الاقتراض الخارجى، رغم تراجعه مؤخرا، يثير جدلًا واسعًا بين الخبراء والمراقبين، إذ تتباين الرؤى حول جدواه ومخاطره.. غير أن محدثى يحمل فى هذا الشأن رؤية خاصة، تنبع من إدراكه العميق لحساسية هذا الملف وتشابك عوامله، حيث يرى أن الاقتراض الخارجى ليس مجرد بند مالى على جدول الحكومة، بل هو أشبه بصداع مزمن يثقل كاهل الدولة ويستنزف مواردها.. ولمعالجة أعباء هذه الديون، يرى أن الطريق لا يمر عبر المزيد من الاقتراض، بل عبر العمل على زيادة الصادرات بشكل مستدام، وسد فجوات العجز فى الموازنة العامة، بالتوازى مع التوسع فى الشراكات الاستراتيجية مع المستثمرين الأجانب والعرب، مستشهدا فى هذا الصدد بمشروع رأس الحكمة الاستثمارى، الذى يراه نموذجًا يمكن البناء عليه لاستقطاب رؤوس أموال ضخمة، ونقل الخبرات، وتحقيق عوائد تعزز قدرة الدولة على تجاوز عبء الديون والانطلاق نحو آفاق أرحب من النمو الاقتصادى.

< كيف يمكن تقييم أداء السياسة المالية ودورها فى دفع عجلة الاقتصاد؟

علامات حيرة ترتسم على ملامحه قبل أن يجيبنى قائلا إن «إيرادات اقتصاديات الدول الكبرى تقوم أساسًا على المنظومة الضريبية، لكن جوهر المسألة يكمن فى الكيفية التى تنعكس بها هذه الضرائب على حياة المواطن. فى التجارب الناجحة، تتحول هذه الإيرادات إلى خدمات ملموسة تمس كل المجالات، من الصحة والتعليم إلى البنية التحتية، أما ما نراه فى واقعنا، فإن جزءًا كبيرًا من الضرائب لا يجد طريقه إلى خدمة رجل الشارع كما ينبغى».

يضاف إلى ذلك أن الإجراءات المرنة التى اتُخذت لم تُترجم بعد إلى محفزات حقيقية للإنتاج، الأمر الذى يحدّ من أثرها الإيجابى، وفقا لقوله، وهنا تبرز ضرورة دعم الاقتصاد غير الرسمى، والعمل الجاد على ضمه إلى منظومة الاقتصاد الرسمى، ليس فقط لتوسيع القاعدة الضريبية، ولكن أيضا لضمان استفادته من الحماية والمزايا التى تكفلها الدولة، فيتحول من هامشٍ معزول إلى رافد أساسى للنمو.

القمة ليست آخر الطريق، بل نافذة واسعة تطل على قمم أعلى.. بهذه الروح يتناول محدثى ملف الاستثمار الأجنبى المباشر، واضعه فى سياق منافسة شرسة على «تورتة الاستثمار» فى المنطقة، حيث تتسابق الدول لاقتناص أكبر حصة ممكنة من التدفقات الاستثمارية، إذ يرى أنه على الدولة أن تقدم المزيد من المحفزات، لا بصورة جزئية أو متفرقة، بل فى إطار متكامل يشمل كافة القطاعات، مستندة إلى ما تملكه من مقومات تؤهلها لاستهداف مليارات الدولارات من الاستثمارات. ولتحقيق ذلك، يؤكد أهمية التنسيق المحكم بين صانع القرار ومنفذه، إلى جانب الترويج والدعاية الفعّالة، وطرح الفرص الاستثمارية بوضوح أمام المستثمرين والكيانات الكبرى.

يشدد على أن الهدف لا ينبغى أن يقتصر على جذب رأس المال فحسب، بل توطين الصناعات الكبرى داخل البلاد، والتوسع فى المشروعات الاستثمارية القادرة على إحداث فارق حقيقى فى الاقتصاد. كما يدعو إلى دراسة تجارب الدول التى نجحت فى استقطاب الاستثمارات، واستلهام أفضل ممارساتها، بالتوازى مع دعم المستثمر المحلى، وتوفير كافة المحفزات التى تمنحه القدرة على التوسع والمنافسة، ليصبح شريكًا فاعلًا فى مسيرة النمو لا متفرجًا على إنجازاتها.

< ماذا ترى فى ملف برنامج الطروحات الحكومية؟

لحظات من الصمت تسود المكان، قبل أن يكسر هذا السكون قائلاً إن «المستثمر الاستراتيجى هو الخيار الأمثل فى عمليات الاستحواذ على الشركات؛ فهو يضخ السيولة الدولارية فى شرايين الحكومة بسرعة، على عكس الطروحات فى البورصة التى تتطلب وقتًا أطول لإتمامها، ثم إن اكتتابات الشركات لا تكون مجدية إلا إذا جاءت بحجم كبير بما يعادل قيمة العملة الصعبة المرتفعة، فحينها فقط تمنح هذه الشركات وزنًا ثقيلًا فى المؤشرات بالأسواق الخارجية بالإضافة إلى أن الفرص البديلة فى شركات البورصة أفضل من الاكتتابات الجديدة».

حصيلة طويلة من التجارب صقلت خبراته، يتبين ذلك فى حديثه عن القطاعات القادرة على قيادة قاطرة الاقتصاد يتصدرها القطاع السياحى، لما له من قيمة مضافة للعملة الصعبة، وكذلك قطاع التكنولوجيا، والمعلومات، بالإضافة إلى القطاع الزراعى والصناعى، وآثارهما على النمو الاقتصادى، والتصدير.

لا يُخفى انحيازه لقطاع سوق المال، وهو ما يتكشف فى حديثه بضرورة تفعيل المنتجات، والأدوات المالية، بما يتيح الفرص أمام المستثمرين للاستفادة منها.

وعدٌ يبرمه مع نفسه ألا تكتفى بما حققه، وهو سر نجاحه، رحلة طويلة، ومحطات فاصلة فى مشواره نجح فى تجاوزها إلى أن نجح مع مجلس إدارة الشركة فى تحقيق بعض الطموحات، عبر قيد مزيد من الشركات بسوق المشروعات الصغيرة، من ضمنها إحدى الشركات العاملة بقطاع الأغذية برأس مال 50 مليون جنيه.

يتعامل مع الصعاب كأنها اختبارات لصقله، ومع التعثر كدرس ثمين يضيف إلى خبراته، يحث أولاده على السعى والجهد، واختيار ما يؤمنون به، لكن يظل شغله الشاغل.. الوصول بالشركة مع مجلس الإدارة إلى الريادة.. فهل يستطيع تحقيق ذلك؟