قطر تحجب روبلوكس وسط مخاوف متزايدة على سلامة الأطفال

أوقفت السلطات القطرية الوصول إلى منصة الألعاب الإلكترونية الشهيرة "روبلوكس"، في خطوة قالت إنها تهدف إلى حماية الأطفال من المخاطر المحتملة المرتبطة بالمحتوى الافتراضي والتفاعلات داخل المنصة، ويشمل الحجب جميع المواطنين والمقيمين، مما جعل الخدمة غير متاحة على مستوى الدولة بالكامل.
ورغم بقاء تطبيق روبلوكس متاحًا في متاجر التطبيقات على الهواتف الذكية، إلا أن المستخدمين داخل قطر لم يعودوا قادرين على تشغيله، فعند محاولة الدخول عبر الأجهزة المحمولة، تظهر رسالة خطأ تفيد بعدم وجود اتصال بالشبكة، بينما يعرض متصفح الحاسوب إشعارًا بعدم إمكانية الوصول إلى الموقع الإلكتروني للمنصة.
وبحسب ما نقلته وسائل إعلام محلية، فإن السلطات أوضحت أن قرار الحجب جاء استنادًا إلى مخاوف متعلقة بـ "السلامة والأمن الأخلاقي" للأطفال، مشيرة إلى أن حرية إنشاء الألعاب وتبادلها والتفاعل الاجتماعي عبر روبلوكس قد تسببت في حوادث وصفت بأنها "اعتداءات افتراضية" وانتهاكات للقيم الدينية والثقافية السائدة في البلاد.
تتيح روبلوكس لمستخدميها من مختلف الأعمار تصميم ألعابهم الخاصة، واستكشاف تجارب تفاعلية أنشأها الآخرون، والمشاركة في بيئات افتراضية تحاكي جوانب من الحياة الواقعية، لكن هذه الحرية، بحسب منتقدي المنصة، تفتح المجال أمام محتوى غير ملائم أو سلوكيات ضارة، خاصة إذا لم تكن هناك آليات صارمة للرقابة أو الإشراف على التفاعلات بين اللاعبين.
وفي تصريح لصحيفة "الشرق"، قال الباحث في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، بهاء الأحمد، إن البيئات الافتراضية المفتوحة قد تحمل آثارًا سلبية على النمو النفسي والاجتماعي للأطفال، إذ يمكن أن تحاكي سلوكيات واقعية دون توفير الضمانات اللازمة لحمايتهم من التأثيرات السلبية أو المخاطر غير المتوقعة.
بهذه الخطوة، تنضم قطر إلى مجموعة من الدول التي اتخذت إجراءات مماثلة ضد المنصة، من بينها الصين وتركيا وسلطنة عمان والأردن، وجميعها بررت قراراتها بمخاوف تتعلق بسلامة القاصرين، أو بوجود محتوى يعتبر غير مناسب ثقافيًا أو أخلاقيًا.
ويأتي القرار في وقت تخضع فيه روبلوكس لتدقيق عالمي متزايد بشأن سياساتها المتعلقة بحماية المستخدمين، لا سيما الصغار منهم، مؤخرًا، تعرضت المنصة لانتقادات واسعة عقب حظرها أحد صناع المحتوى على يوتيوب المعروف باسم "شليب"، والذي كان قد نشر مقاطع تكشف عن سلوكيات وصفت بالمفترسة لبعض مستخدمي روبلوكس.
وقالت الشركة إن قرار الحظر جاء نتيجة مخالفات عدة، من بينها المشاركة في محادثات محاكاة لتعريض الأطفال للخطر وتشجيع نقل التواصل إلى منصات خارجية.
أثار هذا الحظر موجة من الجدل عبر الإنترنت، حيث أطلق مستخدمون حملات ووسوم تطالب بإعادة شليب، فيما دعا عضو الكونجرس الأمريكي رو خانا إلى اتخاذ تدابير أكثر فاعلية لحماية اللاعبين القاصرين على المنصة.
حتى الآن، لم تصدر شركة روبلوكس بيانًا رسميًا بشأن قرار الحجب في قطر، كما لم يتضح ما إذا كانت هناك محادثات جارية بين الطرفين لإعادة الخدمة ضمن ضوابط أو شروط جديدة.
تعكس هذه التطورات التحدي المتزايد الذي تواجهه الحكومات حول العالم في موازنة حرية الوصول إلى المنصات الرقمية من جهة، وحماية الفئات الأكثر عرضة للمخاطر من جهة أخرى.
وفي ظل الانتشار الواسع للألعاب والتطبيقات التفاعلية بين الأطفال والمراهقين، يبدو أن النقاش حول تنظيم المحتوى الرقمي ومراقبته سيظل حاضرًا وبقوة في السياسات المحلية والدولية خلال السنوات المقبلة.