رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

أزمة سياسية جديدة «ترامب» يزج بالجيش فى مواجهة التحديات المدنية

بوابة الوفد الإلكترونية

خرج الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ليصف عاصمة البلاد بأنها أشبه بممتلكات متداعية تحتاج إلى إصلاح. يقول إن واشنطن «غير آمنة» و«قذرة» و«مقززة». إنها مهددة بـ«مجرمين متعطشين للدماء» ومشوهة بالتشرد. يجب تنظيفها وجعلها «جميلة من جديد».

يتماشى وصف «ترامب» الكئيب لواشنطن مع رؤيته للمدن الأمريكية بأنها خطيرة وعنيفة، والتى تعود إلى فترة وجوده فى مدينة نيويورك فى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضى، خلال فترة تفشى الجريمة. ومع إعلانه عن تولى الشرطة الفيدرالية مؤقتاً مسئولية شرطة واشنطن، أشار «ترامب» إلى أن خلفيته كمطور عقارى فى نيويورك تجعله أكثر كفاءة من السلطات المحلية فى القضاء على الجريمة والتشرد وفى أحدث خطوة لتوسيع نفوذ السلطة الفيدرالية داخل الشئون المحلية، أمر «ترامب» بإرسال ما لا يقل عن 800 جندى من الحرس الوطنى إلى شوارع العاصمة واشنطن، بزعم مكافحة الجريمة، رغم أن معدلاتها الفعلية تشهد انخفاضاً. ووسط تهديد صريح بالاستيلاء على إدارة المدينة من قبل الحكومة الفيدرالية، وصف «ترامب» الوضع الأمنى بأنه «خارج عن السيطرة تماماً»، فى مشهد يكرس نهجه فى استخدام القوات المسلحة لتعزيز أجندته السياسية الداخلية.

هذه ليست المرة الأولى التى يلجأ فيها «ترامب» إلى المؤسسة العسكرية فى ملفات محلية، فقد نشر فى وقت سابق من هذا العام نحو 10,000 جندى فى الخدمة الفعلية على الحدود الجنوبية الغربية للولايات المتحدة لوقف تدفق المخدرات والمهاجرين، إلى جانب 4,700 من الحرس الوطنى ومشاة البحرية فى لوس أنجلوس لقمع الاحتجاجات التى اندلعت رفضاً لمداهمات الهجرة، وحماية العملاء الفيدراليين المنفذين لها. لاحقاً، تم سحب جميع القوات باستثناء نحو 250 جندياً. وفى الشهر الماضى، وقع «ترامب» سراً على توجيه لوزارة الدفاع لبدء استخدام القوة العسكرية ضد بعض عصابات المخدرات فى أمريكا اللاتينية، والتى صنفتها إدارته كمنظمات إرهابية.

أوضحت وزارة الدفاع الأمريكية أن قوات الحرس الوطنى التى ستنتشر فى واشنطن هذا الأسبوع لن تمارس مهام إنفاذ القانون بشكل مباشر، وإنما ستدعم العمليات اللوجستية والنقل، مع توفير «تواجد فعلى» بجانب العملاء الفيدراليين. ومع ذلك، ووفقاً لمسئولين، سيكون بإمكان الجنود، كما حدث فى لوس أنجلوس، احتجاز أشخاص مؤقتاً فى ظروف محددة حتى وصول سلطات إنفاذ القانون، وسيكونون مسلحين ومخولين بالدفاع عن أنفسهم.

وأعلن وزير الدفاع بيت هيجسيث سترونهم يتدفقون إلى شوارع واشنطن فى الأسبوع المقبل، مؤكداً أنهم سيكونون «أقوياء وحازمين، وسيقفون إلى جانب شركائهم فى إنفاذ القانون». ولم يقدم هيجسيث تفاصيل عن مدة الانتشار، لكنه أشار إلى أن البنتاغون يتواصل مع وحدات متخصصة فى ولايات أخرى تحسباً لطلب تعزيزات، بينما أكد مسئول كبير فى الجيش أن 800 جندى فى واشنطن سيكونون كافيين.

الجيش الأمريكى، الذى يستجيب بسرعة للأوامر التنفيذية، أصبح أداة مفضلة لرئيس يقدم نفسه كقائد صارم ضد الجريمة والمهاجرين غير الشرعيين والمخدرات وثقافة «اليقظة» وأعداء محليين آخرين، إلا أن هذا النهج جعل المؤسسة العسكرية فى قلب قضايا سياسية حزبية، وهى ساحة كان القادة العسكريون يتجنبونها فى الماضى. بحسب وصف نيويورك تايمز الأمريكية.

فيما وصف بيتر فيفر، أستاذ العلوم السياسية فى جامعة ديوك، خطوة «ترامب» بأنها «محفوفة بالمخاطر» لأنها ستبدو «حزبية منذ البداية»، مؤكداً أن الجيش «لا يتدرب على مهام الشرطة العادية». ومسئول فى وزارة الدفاع أوضح أن القادة العسكريين يسعون لحصر قواعد الاشتباك فى أضيق نطاق ممكن، حتى لا يوضع الجنود المدربون على القتال بأسلحة إم-16 فى أدوار شرطية.

الانتقادات لم تأتِ من الأكاديميين فقط، بل امتدت إلى الكونغرس حيث هاجم السيناتور جاك ريد، العضو الديمقراطى البارز فى لجنة القوات المسلحة، القرار قائلاً: «جيشنا مدرب على الدفاع عن الوطن من التهديدات الخارجية ومساعدة المجتمعات فى حالات الكوارث أو الطوارئ، وليس على أداء مهام الشرطة المحلية اليومية. هذا النشر يمثل إساءة استخدام جسيمة لوقت الحرس الوطنى ومواهبه».

كما حذر خبراء عسكريون من أن هذه المهام قد تضر بمعنويات القوات وتضعهم فى مواقف محرجة داخل مجتمعاتهم، حيث قد يطلب منهم مواجهة أشخاص يعرفونهم أو يرتبطون بهم اجتماعياً. وفى مقابلات مع «نيويورك تايمز»، قال جنود من الحرس الوطنى فى كاليفورنيا أن نشرهم فى لوس أنجلوس أضعف معنوياتهم مقارنة بالترحيب الشعبى الكبير الذى لاقوه عند المشاركة فى إخماد حرائق الغابات فى يناير. كما أعرب مسئولون عن خشيتهم من أن تؤثر مثل هذه المهام على إعادة التجنيد فى صفوف الحرس.

وفى تحليل آخر قالت مايا وايلى، رئيسة ومديرة تنفيذية لمؤتمر القيادة بشأن الحقوق المدنية وحقوق الإنسان ومسئولة مدينة نيويورك، إنها ترى خطاً فاصلاً بين تصريحات «ترامب» باعتباره مطوراً عقارياً فى مدينة نيويورك ونهجه تجاه المدن المتنوعة كرئيس.

وأوضحت سكاى بيريمان، رئيسة منظمة «الديمقراطية إلى الأمام»، وهى منظمة غير ربحية ذات ميول يسارية مقرها واشنطن: «إن المنطقة مدينة نابضة بالحياة ولها تاريخ غنى ومجتمعات قوية ومتنوعة».

قالت بيريمان: «يتجاوز ترمب حدوده مجدداً ويلجأ إلى أساليب وحشية لا تضمن سلامة أحد، بل تهدد الحريات المدنية وحريات الشعب الأمريكى». وأضافت: «إذا كان هذا ممكناً فى مدينة واحدة، فيمكن أن يحدث فى أى مدينة أو مجتمع».