بيل جيتس يحذر الجيل Z: إتقان الذكاء الاصطناعي وحده لن يضمن لك وظيفة
في ظل التوسع السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي وتأثيرها المباشر على سوق العمل، أطلق بيل جيتس، المؤسس المشارك لشركة مايكروسوفت، تحذيرًا واضحًا للشباب من الجيل Z: تعلم استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي أمر مهم، لكنه ليس كافيًا للحصول على وظيفة مستقرة في المستقبل.
يرى جيتس أن الأنظمة الذكية ممتعة ومُمكّنة، لكن تأثيرها المتزايد بدأ يغيّر قواعد اللعبة، خاصة بالنسبة للوظائف المبتدئة التي كانت تمثل تقليديًا نقطة الانطلاق للخريجين الجدد، ومع تزايد الأتمتة، تختفي العديد من هذه الفرص بوتيرة ملحوظة.
تراجع فرص العمل المبتدئة
تشير الإحصاءات إلى أن إعلانات الوظائف المخصصة للمبتدئين في الولايات المتحدة انخفضت بنسبة 35% منذ يناير 2023. السبب الرئيسي هو أن الشركات باتت تعتمد على الأتمتة لتنفيذ مهام البحث والتحليل الأساسية، التي كانت سابقًا تُسند إلى موظفين جدد.
قطاعات مثل المالية والاستشارات بدأت بالفعل في استبدال جزء كبير من أعمالها اليومية بأنظمة ذكاء اصطناعي متقدمة. ووفقًا لتقرير معهد "بيرنينج جلاس" لعام 2024، فإن 60% من وظائف المبتدئين في مختلف الصناعات مهددة حاليًا بالأتمتة. كما تتوقع مؤسسة "ماكينزي" أنه بحلول 2030 قد تتم أتمتة 30% من ساعات العمل في الولايات المتحدة، وهو ما سيؤثر بشكل كبير على الباحثين عن العمل من الأجيال الشابة.
حتى الشركات الصغيرة بدأت تتخلى عن فكرة توظيف متدربين. فعلى سبيل المثال، قررت شركة Futurety للاستشارات في أوهايو عدم استقدام متدرب صيفي هذا العام، مفضلة الاعتماد على أدوات مثل ChatGPT لإنشاء المحتوى.
تغيير استراتيجيات الجيل Z في اختيار المسار المهني
أمام هذا الواقع الجديد، بدأ العديد من الشباب بالابتعاد عن الوظائف المكتبية التقليدية، والتوجه نحو المهن التي يصعب على الذكاء الاصطناعي محاكاتها. من بين هذه المهن: السباكة، الكهرباء، تركيب المصاعد، وهي وظائف تتميز بالاستقرار ورواتب مجزية، ولا تتطلب غالبًا شهادة جامعية.
كما يتجه آخرون إلى مجالات تركز على التواصل البشري المباشر، مثل التعليم، الرعاية الصحية، والعمل الاجتماعي. دراسة حديثة أظهرت أن 53% من الجيل Z يفكرون في الانضمام إلى مجالات العمالة الماهرة أو الخدمات الاجتماعية، وهو تحول واضح عن المسارات التقليدية التي اتبعها الجيل السابق.
المهارات المطلوبة في عصر الذكاء الاصطناعي
يشدد بيل جيتس على أن مواكبة التطورات في الذكاء الاصطناعي أمر أساسي، لكن النجاح المهني المستقبلي يتطلب أكثر من مجرد المعرفة التقنية. المهارات التي لا يمكن للأتمتة تكرارها، مثل الذكاء العاطفي، الإبداع، والقدرة على حل المشكلات المعقدة، أصبحت ذات قيمة متزايدة.
كما أن أصحاب العمل اليوم يبحثون عن مرشحين يجمعون بين التخصص العميق في مجال محدد، والقدرة على التكيف في مجالات أخرى. القدرة على التعاون، التواصل الفعّال، واتخاذ قرارات مبنية على فهم إنساني، كلها عناصر حاسمة للبقاء في سوق العمل.
في النهاية، رسالة بيل جيتس للشباب واضحة: الذكاء الاصطناعي سيواصل إعادة تشكيل سوق العمل، لكن المرونة، الإبداع، والمهارات الإنسانية ستظل أوراق القوة الحقيقية في المستقبل.