تسلا تفقد تفوقها.. كيف سبقتها هيونداي وكيا في سباق السيارات الكهربائية؟
شهدت سوق الأسهم الأمريكية خلال العقد الماضي أداءً استثنائيًا، مدفوعًا بما يُعرف بـ"الشركات السبع العظمى": آبل، مايكروسوفت، أمازون، ألفابت (جوجل)، ميتا، إنفيديا، وتسلا. هذه الشركات العملاقة حققت عوائد مذهلة تجاوزت 500% خلال عشر سنوات، بينما كان نمو السوق ككل سيبدو باهتًا عند أقل من 2% سنويًا (بعد احتساب التضخم) لولا مساهمتها الضخمة.
اليوم، من الصعب تخيل عالم لا يمتلك فيه الناس هاتف آيفون أو يعمل بنظام أندرويد. هذا الاحتكار الثنائي جعل أي محاولة لدخول السوق أمرًا شبه مستحيل، كما أثبتت تجارب شركات مثل نوكيا وبلاك بيري التي اختفت من المشهد. بالنسبة لآبل وألفابت، فإن الخطر الحقيقي يكمن فقط في ارتكاب أخطاء استراتيجية كارثية. أما أمازون، ورغم محاولات عمالقة التجزئة مثل وول مارت منافستها، فإن وفورات الحجم والبنية التحتية المتقدمة في التجارة الإلكترونية والتوصيل تمنحها تفوقًا يصعب كسره.
لكن الصورة ليست وردية بالنسبة لجميع "الكبار". تسلا تحديدًا تواجه رياحًا معاكسة قوية قد تهدد مركزها في سوق السيارات الكهربائية.
من ريادة بلا منافس.. إلى سباق مكتظ بالمنافسين
في عام 2013، كانت تسلا في موقع استثنائي. سيارة "موديل إس" التي أطلقتها حينها قُدمت كـ"انتصار" من قبل مجلة أوتوكار، بمدى يصل إلى 300 ميل — أي ثلاثة أضعاف أقرب منافسيها — إضافة إلى شبكة شحن فائقة السرعة كانت حصرية لمالكي تسلا. هذه المزايا جعلت من سيارات الشركة الخيار الوحيد الذي يمكن أن يحل محل السيارات التقليدية دون تنازلات.
لكن اليوم تغيّرت المعادلة. سيارة "موديل 3" بسعر 40,000 جنيه إسترليني تقطع 320 ميلًا، بينما تعرض كيا "EV3" مدى أطول (380 ميلًا) بسعر أقل. وحتى النسخة الأطول مدى من "موديل 3" (430 ميلًا) بسعر 45,000 جنيه إسترليني، تواجه منافسة مباشرة من مرسيدس CLA التي توفر 480 ميلًا بفارق سعر لا يتجاوز 600 جنيه. النتيجة: لم تعد تسلا تقدم عرضًا فريدًا، وأصبح ضغط الأسعار يضغط على هوامش ربحها.
منافسون أكثر تنوعًا.. وعروض أقوى
خارج الولايات المتحدة، تبدو خيارات تسلا محدودة بسيارتين فقط، في وقت تطرح فيه شركات مثل هيونداي خمس طرازات كهربائية متنوعة، من سيارات صغيرة إلى مركبات فارهة، لتغطي تقريبًا كل احتياج محتمل. في المقابل، لا تملك تسلا حتى الآن منافسًا لسيارة "رينو 5" الكهربائية التي حصدت جائزة سيارة العام 2024 بسعر 23,000 جنيه فقط. هذا التنوع لدى المنافسين يترجم إلى ضغط سوقي انعكس بوضوح على نتائج تسلا المالية، حيث سجلت صافي دخل أقل في 2024 مقارنة بأي عام منذ جائحة كورونا.
ضربة مزدوجة لمصدر دخل إضافي
إلى جانب بيع السيارات، كانت تسلا تستفيد من بيع أرصدة الكربون لشركات سيارات أخرى لم تتمكن من تحقيق أهداف الانبعاثات. لكن هذا المصدر تضرر بشدة بعد أن ألغى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تلك القيود، كما قام الاتحاد الأوروبي بتخفيف المعايير، مما قلل من قيمة الأرصدة. ومع تراجع مبيعات تسلا في أوروبا بنسبة 50% خلال عام واحد، أصبح هذا الدخل في تراجع حاد.
رهان على شخصية مثيرة للجدل
يبقى العامل الأكثر إثارة للجدل هو اعتماد الشركة على شخصية إيلون ماسك. هذا الاعتماد يمنحه مساحة للمطالبة بحزم تعويضية ضخمة تصل إلى 30 مليار دولار، حتى في أوقات تراجع الأداء، مما يقلل من عوائد المساهمين ويثير تساؤلات حول قيمة السهم الحقيقية.
التاريخ يعيد نفسه؟
المشهد يذكر بتاريخ فورد في عشرينيات القرن الماضي، حين خفضت أسعار "موديل تي" بشكل هائل بفضل خط الإنتاج، لكن جنرال موتورز تفوقت عليها لاحقًا بتقديم سيارات تناسب كل ميزانية وذوق. اليوم، قد تكون هيونداي أو شركات آسيوية أخرى في طريقها لتكرار هذا السيناريو مع تسلا.
في النهاية، قد تجد تسلا نفسها، خلال عقد من الزمن، وقد تحولت من أيقونة الابتكار إلى مجرد "شركة سيارات أخرى" ذات أرباح متذبذبة، وسعر سهم يعكس واقعًا أكثر تواضعًا.