رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

تأملات

بقدر ما لا أميل الى التهليل بنصر لم يتحقق سوى فى ذهن مريديه، لا أميل الى نشر الإحباط من هزيمة لم تحدث سوى فى تصور من يتمناها لمنافسيه أو خصومه. فالحروب فى أغلب الأحوال تكون سجالًا، يوم لك ويوم عليك، على نحو يصلح معه القول إنما الحروب بخواتيمها. ورغم أن حرب غزة لا ينطبق عليها هذا الطرح باعتبارها بين طرفين غير متكافئين فى القوة، إلا أن مساراتها حتى الآن بعد مرور أكثر من 21 شهرا، تشير الى أنه قد يكون من الصعوبة بمكان تحديد من المنتصر ومن المهزوم – الأمر نفسه ينطبق على الحرب الإسرائيلية الإيرانية.

أعلم يقينا أن هذا الطرح يبدو حالمًا أو أقرب الى الخيال بالنسبة للبعض، ولكن هذه هى الحقيقة، التى يجب أن نضعها أمام أعيننا حتى لا تضيع منا بوصلة سبل التعامل مع العدو الذى لن يفرق بين مهادن أو مقاوم فى ظل استراتيجيته التى تقوم على القضم على مراحل.

فرغم الوضع أو المشهد القائم فى غزة بل بسببه يحاول الكثيرون من مثبطى الهمم، والمتخاذلون أمام الأعداء، أن يشيعوا بيننا أن المقاومة هى التى أوصلتنا الى الحالة البائسة فى غزة، فى مواجهة خاسرة مع عدو لا تملك دول متقدمة فى التسلح أن تقف فى مواجهته.

لعله من العمى–القلب قبل البصر–أن ينكر أحد حجم الماساة المروعة التى يعيشها الفلسطينيون فى غزة والتى لم تنتج سوى بسبب طوفان الأقصى فى 7 اكتوبر، غير أن الحكم على ما يجرى على هذا النحو يعبر عن قصور فى النظر قد يصل بنا لحد العمى الذى لا نتمناه لأحد. فالمعارك الكبرى حزمة من الأبعاد والجوانب، قد يتم الانتصار فى بعضها والهزيمة فى بعضها وهذا هو جوهر ما يجرى فى الحرب الإسرائيلية على غزة، بشكل يجعلنا نقول بملء فينا وبكل ثقة إن اسرائيل لم تنتصر انتصارا كاملا فى غزة وإن المقاومة لم تنهزم على نحو ما أراد لها العدو.

واذا كان أغلب ما يصدر من عالمنا العربى يصدر من ذوى غرض ومرض، فإن ما يصدر من العدو ذاته ربما كان فيه ما يكشف جانبا من هذه الحقيقة. وبعيدا عن السجال والجدال بين القيادات الإسرائيلية بشأن مسار الحرب، فإنه مما قد يكون لافتًا لنا ما أشارت اليه الأخبار من سعى نتانياهو لبحث استراتيجية جديدة للسيطرة الكاملة على غزة. السؤال هنا: وماذا كان يفعل جيشه على مدار ال 21 شهرا الماضية؟

الأكثر دلالة مما سبق تلك الرسالة التى نشرها الإعلام العبرى عن توجيه نحو 550 مسئولا أمنيا اسرائيليا سابقا رسالة لترامب يطالبونه فيها بالضغط على نتانياهو لوقف الحرب فى غزة. الأهم من الرسالة هو اسباب مطلبهم ذاك والمتمثل فى أنها فى تصورهم لم تعد حربا عادلة وأنها يمكن أن تؤدى بإسرائيل الى فقدانها أمنها وهويتها، فضلا عن أن هدف اعادة جميع الرهائن لا يمكن تحقيقه الا من خلال صفقة!

من بين هؤلاء من شارك فى العمليات العسكرية ولا شك أنهم حريصون على مصلحة بلادهم بذات قدر حرص نتانياهو، غير انهم يرون أن وقف الحرب هو البديل الأفضل لمصلحة إسرائيل والتى خسرت كثيرا على مستويات عدة دوليا حتى إنها قد تصبح فى ذهن العالم ثانى أكبر مرتكب للمذابح الإنسانية بعد ما جرى من هتلر ضدهم.

الخلاصة إن الحرب ما زالت دائرة وخسارة المقاومة اذا حدثت لا قدر الله إنما ستكون بفعل تقاعس الأشقاء قبل بأس الأعداء!

 

 

[email protected]