ما هو تأثير الشرود الذهني على الدماغ؟ تعرف على رأي العلم

تأثير الشرود على الدماغ.. وسط عالم يتسم بالتسارع الرقمي المستمر وتعدد مصادر التحفيز، يكشف باحثون أن الحلم اليقظ أو "الشرود الذهني الواعي" قد يكون مفتاحًا غير متوقع ليوم أكثر تركيزًا وفعالية.
وتستند الفكرة، التي قد تبدو مناقضة للمنطق السائد، إلى ما يُعرف بـ"نظرية استعادة الانتباه" التي طُرحت لأول مرة في ثمانينيات القرن الماضي وأكدتها أبحاث حديثة في علم الأعصاب.
الدماغ يحتاج إلى مساحات فارغة ليعيد التوازن
تشير نظرية استعادة الانتباه إلى أهمية منح الدماغ فرصة للراحة من الانتباه الموجه، وهو النوع الذي يتطلب جهدًا ذهنيًا مثل الدراسة أو تصفح الإنترنت أو أداء المهام المعقدة.
وفي المقابل، يسمح الانتباه غير الموجه للعقل بالانجراف بحرية دون هدف محدد، كالتحديق في الأشجار أو التأمل في صوت العصافير.
ويتيح هذا النمط الذهني الخفيف للدماغ إعادة ضبط نفسه، ما يساعد على تقليل التوتر وتحسين الأداء الإدراكي.
لحظات الملل لم تعد موجودة لكنها ضرورية
في السابق، كانت لحظات مثل انتظار الحافلة أو الوقوف في طابور تمنح العقل وقتًا طبيعيًا للراحة واليوم، حل الهاتف الذكي محل هذه اللحظات، ما يعني أن الدماغ نادرًا ما يحصل على فترات توقف ذهنية.
ويرى الخبراء أن هذا النقص في الانتباه غير الموجه يساهم في ما يُعرف بـ"إرهاق الانتباه"، وهو ما ينعكس سلبًا على التركيز والمزاج العام.
الطبيعة كعلاج عصبي مثبت
وتدعم الدراسات فكرة أن قضاء الوقت في الطبيعة يعزز من استعادة التركيز، وأظهرت تجارب تصوير الدماغ أن المناطق المسؤولة عن التوتر، مثل اللوزة الدماغية، تنخفض فعاليتها عند التعرض لبيئة طبيعية.
كما أشارت دراسة إلى أن مجرد المشي في الحديقة لمدة 40 دقيقة يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في مستويات التوتر والأداء الإدراكي.
كيف تطبق النظرية في حياتك اليومية؟
لا تحتاج إلى رحلة في الغابة، ويكفي أن تبحث عن مكان بسيط يمنحك شعورًا بالهدوء، وتبتعد فيه عن هاتفك والمشتتات، في لحظات الفراغ، بدلًا من التصفح العشوائي، اسمح لنفسك بالاستغراق في الشرود الذهني، وحتى النظر إلى نملة تزحف على الجدار يمكن أن يكون تمرينًا فعالًا للعقل.
الحلم اليقظ ليس كسلًا بل صيانة ذهنية ضرورية
الشرود الذهني ليس علامة على تشتت أو ضعف تركيز، بل هو استراتيجية طبيعية وفعالة لإعادة شحن مواردك العقلية.
ويقول الباحثون إن تخصيص دقائق معدودة يوميًا لهذا النوع من الانتباه غير المقصود يمكن أن يحسّن من جودة يومك بشكل ملموس، في عالم لا يهدأ، قد يكون السماح لعقلك بالهدوء هو المفتاح للإنتاجية الحقيقية.