حكاية وطن
بدأ العد التنازلى على إجراء انتخابات مجلس الشيوخ، وهو الاستحقاق الأول الذى يستقبله الناخبون المصريون فى صيف هذا العام، قبل أن يحل الاستحقاق الثانى وهو انتخابات مجلس النواب بعد أشهر قلائل، استحقاق «الشيوخ» يأذن ببزوغ الفصل الثانى لهذا المجلس بعد عودته بهذا الاسم من خلال تعديل دستورى أجرى فى عام 2019، وجرت انتخاباته الأولى عام 2020.
عاد «الشيوخ» على أنقاض مجلس الشورى الذى أُلغى عقب ثورة 25 يناير 2011، بعد انعقاد بدأ عام 1980، حتى آخر مجلس عام 2010.
إلغاء «الشورى» صاحبه هجوم حاد على المجلس الذى كان يعتبر الفرقة البرلمانية الثانية، ولكن بدون اختصاصات تشريعية منذ أن أنشأه «السادات» ليكون بيت العائلة المصرية ومنح عضويته للمقربين أو أصحاب المعاشات الذين قدموا خدمات جليلة للوطن، ورغم انتخاب أعضائه بنظام الثلثين مقابل الثلث بالتعيين إلا أنه خضع للمسمى الذى كان يطلق عليه أنه «مجلس لا يهش ولا ينش»، ومجرد مكلمة فقط. وهم ليس لهم ذنب، ولكنه ذنب الذين صاغوا اختصاصاته فى الدستور، وهم أعضاء مجلس الشعب الذين لا يريدون «ضُرة» لهم فى الحياة النيابية.
ورغم ذلك فقد كان مجلس الشورى له سلطة إبداء الرأى الملزم فى القوانين المكملة للدستور، وفى حالة عدم عرضها عليه أو تمريرها من خلال مجلس النواب فقط تقضى المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية هذه القوانين كما حدث فى قانونى البلطجة والجمعيات الأهلية.
كنت من مؤيدى إلغاء مجلس الشورى وعلقت تأييدى لاستمراره أن يمنح سلطات يمارس من خلالها نوابه دورهم حتى تكون هناك فائدة تعود على المجتمع من وراء الإنفاق عليه، وكنت أيضاً من مؤيدى عودته إذا تحقق ما كنت أطالب به من اختصاصات جوهرية لمجلس الشيوخ.
عودة «الشورى» بهذا باسم «الشيوخ» حازت تأييداً كبيراً بعد أن قيل إن مصر فى حاجة إلى غرفة برلمانية ثانية تساعد الفرقة الأولى فى الفحص والتمحيص، وأن الرأيين أفضل من الرأى الواحد، ولكن صدر دستور 2019، بعودة مجلس الشيوخ وتم تقليص الاختصاصات التى كانت للشورى فى دستور 1971. قال لى أحد المسئولين فى البرلمان إنه هو الذى أوحى إلى رئيس مجلس النواب أثناء مناقشة اختصاصات مجلس الشيوخ بعدم النص على وجوبية عرض القوانين المكملة للدستور على مجلس الشيوخ لتفادى ما قد يحدث من تجاوز فى الإحالة وتفادى الطعن بعدم الدستورية وتفادى النص بدقة على القوانين المكملة للدستور للحفاظ على الشيوخ فى مناقشتها، وأن يكون هذا النص أخذ رأى «الشيوخ» فى مشروعات القوانين ومشروعات القوانين المكملة للدستور التى تحال إليه من رئيس الجمهورية أو مجلس النواب، وتم حذف مناقشته لهذه القوانين بشكل وجوبى وإلزامى.
عاد «الشيوخ» ومارس دوره فى الفصل الأول لانعقاده وقام نوابه بدورهم فى حدود إمكانياتهم وسلطاتهم ولكن دون تقديم شىء ينتظر منه كما كان فى «الشورى».
لم تحدث طفرة إيجابية واستمر أو استسلم بأن يكون نسخة مكررة من مجلس الشورى، ولم يحقق الهدف من وجود غرفة برلمانية ثانية، وأنا هنا لا أنتقد أعضاء مجلس الشيوخ، ولكن أنتقد تكبيل دوره فى الدستور. لم نطلب أن يكون مجلس الشيوخ نسخة مكررة من مجلس النواب ولكن كنا نأمل أن يكون له صوت مسموع وليس مجرد رأى أو تستفاد منه الحكومة من خلال اقتراح أو توصية، ولكن أن يستمر الأداء تحت قبته مجرد كلام فى الهواء الطلق، فإن ذلك يجعلنا نقول إن مجلس الشورى عاد إلى الحياة مرة أخرى لأنه ليس فى الإمكان أبدع مما هو كان.
المهم فإن انتخابات مجلس الشيوخ الثانية ستجرى فى خارج مصر يومى 1 و2 أغسطس، وتجرى فى الداخل يومى 4 و5 ووجهت الهيئة الوطنية للانتخابات الدعوة لحوالى 70 مليون مواطن من المقيدين فى قاعدة بيانات الناخبين للإدلاء بأصواتهم كحق وواجب عليهم نحو وطنهم لمن يختارونه من المرشحين، وتجرى الانتخابات بنظام الفردى (100 نائب) والقائمة المغلقة المطلقة (100 نائب)، ويعين رئيس الجمهورية (100 نائب)، القائمة المغلقة التى ستخوض الانتخابات هى قائمة واحدة لتحالف الأحزاب، ويشترط لنجاحها حصولها على 5٪ من عدد الأصوات الصحيحة، وهى عملية سهلة ولكن ستكون المعركة حامية فى الانتخابات الفردية، المشارك فى الانتخابات بالتصويت ضرورة لتدعيم الديمقراطية وفتح الباب لزيادة سلطات مجس الشيخ من خلال الزخم السياسى.