ابتكار جهاز صغير يوضع خلف الأذن لتحسين الأداء الرياضي.. كيف يعمل؟

كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة لندن كوليدج وجامعة كوين ماري في لندن عن إمكانية استخدام جهاز صغير يُثبت على الأذن الخارجية لتحسين اللياقة البدنية من خلال تحفيز العصب المبهم، وهو عصب حيوي يربط الدماغ بالقلب ويسهم في تنظيم وظائفه.
وبحسب صحيفة “اندبيدنت” البريطانية، يعمل الجهاز على إرسال نبضات كهربائية خفيفة إلى الأذن لتحفيز العصب المبهم، مما يعزز من تفاعل الجسم أثناء التمرين. ويكفي ارتداء الجهاز لمدة 30 دقيقة يوميًا لتحقيق نتائج مبدئية واعدة.
دراسة ميدانية على متطوعين أصحاء
شارك في الدراسة 28 متطوعًا يتمتعون بصحة جيدة. تم تقسيمهم إلى مجموعتين: الأولى ارتدت جهاز التحفيز لمدة أسبوع، والثانية استخدمت جهازًا وهميًا لا يصدر نبضات حقيقية. بعد أسبوعين، تم تبادل الأدوار بين المجموعتين.
خضع المشاركون لاختبارات لياقة بدنية قبل وبعد استخدام الجهاز، وشملت القياسات مستويات استهلاك الأكسجين، وعدد الأنفاس، ومعدل ضربات القلب أثناء التمرين.
نتائج مشجعة وتحسّن ملحوظ في الأداء
أظهرت النتائج أن ارتداء الجهاز أدى إلى زيادة بنسبة 4% في كمية الأكسجين المستهلكة أثناء التمارين، كما ارتفع معدل التنفس الأقصى بمقدار أربع أنفاس في الدقيقة، وزاد معدل ضربات القلب القصوى بأربع نبضات في الدقيقة.
إضافة إلى ذلك، أظهرت تحاليل الدم التي أُجريت على بعض المشاركين انخفاضًا في مؤشرات الالتهاب، ما يعزز فرضية أن للجهاز تأثيرًا إيجابيًا مزدوجًا على اللياقة والصحة العامة.
العصب المبهم.. جسر بين الدماغ والجسم
يرى البروفيسور جاريث أك لاند، المشرف على الدراسة، أن نتائج التجربة تنسجم مع أبحاث سابقة تؤكد أهمية العصب المبهم في تعزيز التوازن بين الجهازين العصبي والمناعي، إلى جانب تحسين وظائف القلب والأوعية الدموية.
ويأمل أن تفتح هذه التقنية الباب أمام حلول جديدة لمن يعانون من محدودية الحركة أو انخفاض اللياقة.
آفاق مستقبلية واعدة
علّق البروفيسور برايان ويليامز، كبير المستشارين العلميين في مؤسسة القلب البريطانية، وهي الجهة الممولة للدراسة، قائلًا: "هذه النتائج تشير إلى أن التكنولوجيا البسيطة يمكن أن تُحدث فارقًا في الأداء البدني، لا سيما لدى من يعانون من أمراض قلبية".
وأضاف: "مع الحاجة إلى المزيد من الدراسات على مرضى يعانون من قصور في القلب، فإن هذه التقنية قد تمثل مستقبلًا بديلاً وغير دوائي لتعزيز جودة الحياة".
تقنية غير جراحية وتطبيقات واسعة
تُعدّ بساطة الجهاز وسهولة استخدامه ميزة كبيرة، خاصة إذا أثبتت التجارب الموسعة فعاليته في تحسين اللياقة وتقليل الالتهاب، ما بدأ كتجربة على متطوعين أصحاء، قد يتحول قريبًا إلى أداة علاجية مبتكرة في الطب الرياضي والرعاية القلبية.
يبدو أن العلاقة بين الدماغ والقلب مرشحة لأن تكون محورًا لابتكارات مستقبلية تعيد تعريف مفهوم اللياقة البدنية وتعزز صحة الإنسان بوسائل غير تقليدية.