تعد البيئة فى مصر، بثرائها الطبيعى وتنوعها البيولوجى، ركيزة أساسية للتنمية المستدامة، ولكنها تواجه فى الوقت الراهن تحديات جمة تستدعى حلولاً مبتكرة ورؤية مستقبلية واضحة. مع تزايد الضغوط السكانية، والتغيرات المناخية، وتزايد الكربون تتمثل أبرز التحديات التى تواجه البيئة المصرية فى ندرة المياه: تعد مصر من أكثر دول العالم فقراً مائياً، ومع الزيادة السكانية وتأثيرات التغيرات المناخية على نهر النيل، يزداد هذا التحدى تعقيداً وتتطلب هذه الأزمة حلولاً عاجلة مثل ترشيد استهلاك المياه، وتطوير تقنيات معالجة مياه الصرف الصحى، وتحلية مياه البحر. والوقاية من التلوث حيث يمثل التلوث بجميع أشكاله (الهوائى، المائى، والتربة) خطراً كبيراً على صحة الإنسان والنظم البيئية. ينتج التلوث الهوائى عن الانبعاثات الصناعية وعوادم السيارات، وحرق القمامة والمخلفات وقش الأرز وانتشار القمامة فى بعض الشوارع ما يجذب الحشرات وغيرها ناهيك عن المنظر غير الحضارى بينما يؤثر التلوث المائى فى جودة مياه النيل والمياه الجوفية نتيجة الصرف الصناعى للمصانع طرح النهر الخالد شريان الحياة لمصر وشعبها والصرف الزراعى غير المعالج.
تعد مصر من الدول الأكثر عرضة لتداعيات التغيرات المناخية، مثل ارتفاع منسوب سطح البحر الذى يهدد الدلتا، وتزايد الظواهر الجوية المتطرفة كالموجات الحارة والسيول، ما يؤثر سلباً فى الزراعة والأمن الغذائى.
لابد من التصدى لظواهر التصحر وتدهور الأراضى حيث يهدد الزحف العمرانى وتغير أنماط الزراعة الأراضى الخصبة، ما يؤدى إلى تدهور التربة والتصحر، ويؤثر فى قدرة البلاد على توفير الغذاء.
لابد من التعامل فوراً على إدارة المخلفات الصلبة: حيث تعد مشكلة تراكم المخلفات الصلبة وغيرها ونقص أنظمة إعادة التدوير من القضايا الملحة التى تتطلب حلولاً جذرية لتقليل تأثيرها البيئى والصحى. مثل تنفيذ عدد من المشروعات التى تتبنى مفهوم الاقتصاد الأخضر، مثل التوسع فى مشروعات الطاقة المتجددة الشمسية والرياح ومشروعات النقل المستدام، والمدن الذكية الصديقة للبيئة.
لابد من سن قوانين وتشريعات بيئية جديدة والعمل على تحديث وتطوير التشريعات البيئية لضمان الامتثال البيئى وتشديد العقوبات على المخالفين، وتبنى الممارسات المستدامة. ولابد من بذل جهوداً للتكيف مع آثار التغيرات المناخية، مثل مشروعات حماية السواحل والدلتا، وتطوير سلالات زراعية مقاومة للجفاف والحرارة. وتتوفر فى مصر فرص واعدة يمكن استغلالها لتحقيق مستقبل بيئى مستدام مثل الطاقة المتجددة: تتمتع مصر بقدرات هائلة فى الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ما يمكنها من التحول إلى مركز إقليمى لإنتاج الطاقة النظيفة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفورى. والتوسع فى إنتاج الهيدروجين الأخضر
وتعميم الاقتصاد الدائرى، مثل إعادة التدوير وتقليل النفايات وإعادة الاستخدام، فرصة لخلق فرص عمل جديدة وتحقيق قيمة مضافة من المخلفات. مثلما فى دول أوروبا وبخاصة ألمانيا التى تجنى نحو 100 مليار دولار سنوياً دخلاً قومياً من تدوير المخلفات.
وأيضاً العمل على دعم وترويج السياحة البيئية حيث تمتلك مصر محميات طبيعية ومناطق ذات تنوع بيولوجى فريد، يمكن تطويرها لتصبح وجهات رائدة للسياحة البيئية، ما يعزز الاقتصاد المحلى ويحافظ على الموارد الطبيعية.
يمكن تبنى ممارسات زراعية مستدامة، مثل الزراعة العضوية والزراعة الذكية، لزيادة الإنتاجية الزراعية وتقليل استهلاك المياه والمدخلات الكيميائية والمبيدات.
وأيضا من خلال التعاون الدولى تستطيع مصر الاستفادة من الخبرات والتكنولوجيا العالمية والدعم المالى من المنظمات الدولية والمجتمعات المانحة لمواجهة التحديات البيئية وتغير المناخ فى مصر.