"إدمان بأسماء براقة وسمٌّ في العقول".. الأزهر يُحذر

في بيان تحذيري شديد اللهجة، حذَّر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية من خطورة تزييف الوعي العام والتمويه على حقيقة الإدمان، مؤكدًا أن الشريعة الإسلامية قد حسمت أمرها في هذا الباب، فأمرت بصيانة العقل الإنساني – وهو أشرف ما مُنح للإنسان – عن كل ما يذهب تمييزه أو يفسده، باعتباره مناط التكليف وأساس التشريع، وركنًا أصيلًا من أركان حفظ النفس والدين والفطرة.
المُسكرات: بداية الخراب وأمّ الخبائث
تحدث البيان عن المُسكرات بوصفها الخطر الأوضح على العقل، إذ تُذهب التمييز وتُغري بالنشوة والعدوانية والاندفاع نحو ارتكاب الموبقات، ومثالها: الخمر والكحول بأنواعهما.
وقد جاء التحريم القطعي لها في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90].
كما أورد الحديث النبوي الشريف:«كُلُّ مُسْكِرٍ خمرٌ، وكُلُّ مُسْكِرٍ حرامٌ» [متفق عليه]،وحديث آخر: «الخمرُ أمُّ الخبائثِ، فمنْ شربَها لمْ تُقبلْ صلاتُه أربعينَ يومًا، فإنْ ماتَ وهيَ في بطنِهِ ماتَ ميتةً جاهليةً» [الطبراني في الأوسط].
المُخدرات: سمّ قاتل في ثوب خادع
أما المخدرات، فتمثل صورة أخرى من صور تغييب العقل، لكن مع تخدير الحواس واضطراب الإدراك والوقوع في الهلاوس السمعية والبصرية، وهو ما يفسّر علاقتها الوثيقة بالجرائم والانهيار السلوكي.
وقد أكد المركز أن المخدرات – سواء الخام منها أو المصنعة أو المستحضرة – تُعد من الخبائث المحرمة بنصوص الشرع، ومن أمثلتها:الحشيش بجميع أنواعه كالماريجوانا، الأفيون، الكوكايين، الترامادول، اللاريكا.قال تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157].
المُفتِّرات: فتور العقل وخدر الجسد
تطرّق المركز إلى "المفتّرات" وهي المواد التي تُحدث فتورًا في الحواس وخدرًا في الأطراف وتثبيطًا في الجهاز العصبي. ومثالها: بعض أنواع التدخين الممزوج بمواد مخدرة كالحشيش.
وقد ورد النهي عنها صريحًا في الحديث الشريف:«نهى رسولُ الله ﷺ عن كلِّ مُسكرٍ ومُفتّر» [أبو داود].
وأكّد المركز على القاعدة الفقهية التي أوردها الإمام القرافي: "إذا ورد النهي عن شيئين مقترنين، وأُثبت الحكم لأحدهما، يُعطى الآخر نفس الحكم بدليل اقترانهما في الذكر والنهي." [الفروق: 1/216].
العقاقير المنشطة: خداع مؤقت وتدمير دائم
وأشار المركز إلى خطورة "العقاقير المنشطة" التي تُروّج باعتبارها محفزات للطاقة أو التركيز، مثل الكبتاجون، الشبو، الأيس، لكنها في الحقيقة تدفع متعاطيها نحو الإدمان والاضطرابات النفسية والعصبية، وقد تصل به إلى الذهان، الانتحار، الجنون المؤقت، والجرائم العنيفة.
وقد جاء في التحذير قوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]، وقول النبي ﷺ:«لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» [ابن ماجه].
أسماء مختلفة.. والنتيجة واحدة
شدد المركز في ختام بيانه على أن تغير أسماء هذه السموم، أو طريقة تناولها، أو الترويج لها تحت مسميات براقة لا يُغيّر من حكمها الشرعي شيئًا، فالعبرة في الإسلام بالمقاصد لا بالمباني.
كما حذر من محاولات نشر فتاوى شاذة تُبرر تعاطيها أو تُهوّن من خطرها، مؤكدًا أن هذا التزييف يمثل جريمة شرعية، وأخلاقية، ومهنية، ويستوجب المساءلة القانونية لما يؤدي إليه من تمييع الحدود، وتدمير الثوابت، وإفساد العقول والمجتمعات.
وختم المركز بيانه بالصلاة والسلام على النبي ﷺ، والدعاء بأن يحفظ الله المجتمع من هذه السموم ومن يروّجها أو يسكت عن خطرها.