راشفورد إلى برشلونة.. نهاية حزينة لقصة حب بدأت في مانشستر

في عصر تحكمه الصورة والرمزية، حمل المنشور الذي شاركه ماركوس راشفورد على حساباته في وسائل التواصل الاجتماعي، يوم الأحد، دلالات تتجاوز مجرد رحلة على متن طائرة خاصة. في الصورة، يظهر راشفورد برفقة شقيقيه داين ودواين، وهم يلعبون الورق أثناء توجههم إلى برشلونة، وكانت ورقة واحدة نصف مقلوبة بوضوح: “آس القلوب”. رسالة مشفّرة، لكنها بالغة التأثير.
ورغم أن انتقال راشفورد بات محتومًا منذ أشهر، إلا أن المشاعر في أولد ترافورد لا تخلو من التمنيات الصادقة له بالنجاح. فقد أدرك الجميع، حتى في أروقة النادي، أن العودة إلى سابق مستواه لم تكن ممكنة في مانشستر يونايتد، مهما تغير المدرب أو المشروع.
موسم انتقالات يُنهي العلاقة
أعلن نادي برشلونة عن ضم ماركوس راشفورد من مانشستر يونايتد، في صفقة إعارة تتضمّن خيار شراء بقيمة 35 مليون يورو، دون إلزام. صفقة وُصفت بأنها ذكية من قبل برشلونة، خاصة مع فشلهم في التعاقد مع نيكو ويليامز هذا الصيف، وحاجتهم لتعزيز الهجوم إلى جانب ليفاندوفسكي ويامال.
ورغم أن وضع برشلونة المالي لا يزال هشًّا، فإن الصفقة مناسبة: لا التزام فوري بالتسجيل، ولا بند جزائي في حال الفشل، كما حدث مع صفقة جادون سانشو وتشيلسي. راشفورد سيكون قادرًا على الانضمام لمعسكر الفريق في آسيا، والذي يتضمّن مواجهة ضد نادي سول الكوري الجنوبي، الذي يلعب له صديقه المقرب جيسي لينغارد.
فرصة أخيرة في الكامب نو
برشلونة كان حلم راشفورد منذ موسمين، والآن، أمامه الفرصة ليجاور أسماء بحجم ليفاندوفسكي ولامين يامال، الموهبة الصاعدة بسرعة تتفوق على انطلاقة راشفورد نفسه قبل عقد. إن لم يكن هذا كافيًا لإشعال حماسه، فإن مستقبله كله سيكون محل شك.
وفي مقابلة سابقة، عبّر راشفورد عن رغبته قائلًا: “الجميع يريد اللعب مع الأفضل.. سنرى”، وهي إشارة لاهتمامه بالانتقال. المدير الرياضي لبرشلونة، ديكو، أكّد هذا الإعجاب، وقال إن راشفورد ضمن قائمة اللاعبين الذين يمكن أن يعززوا الفريق.
مانشستر يونايتد يغلق الصفحة
من جهة مانشستر، فإن الصفقة تعني التخلص من راتب ضخم يبلغ 325 ألف جنيه أسبوعيًا، وتقليل الضوضاء الإعلامية المحيطة بلاعب أصبح عبئًا نفسيًا أكثر من كونه إضافة فنية. المدرب روبن أموريم، رغم بدايته الهادئة، لم يبدِ رغبة حقيقية في إعادة دمج راشفورد.
الرحيل لم يكن مفاجئًا، لكنه مؤلم، بالنظر إلى أن راشفورد هو الهداف رقم 15 في تاريخ يونايتد (138 هدفًا) وصاحب المرتبة 23 في عدد المشاركات. لو استمر، لكان مؤهلًا بسهولة لدخول قائمة العشرة الأوائل، وربما نيل صفة “أسطورة” النادي.
علاقة وصلت لنقطة اللاعودة
مصادر مقرّبة من راشفورد تؤكد شعوره بالخذلان من الإدارة، وليس فقط من المدرب. حادثة رحلته غير المصرّح بها إلى بلفاست في يناير 2024، وتخلفه عن التدريبات بعد زيارة ليلية، كانت نقطة تحوّل في علاقة اللاعب بالنادي. وحتى تسجيله أول هدف في عهد أموريم لم يُنقذ الوضع، إذ خلص المدرب سريعًا إلى أن المشكلة تتجاوز الأداء إلى السلوك.
المدافع السابق ريو فرديناند عبّر عن دهشته مما يحدث، وقال:
“يبدو أن هناك الكثير من الأمور التي لا نعرفها. هل هي مسألة تراجع مستوى؟ أو ثقة مفقودة؟ أم أنه تمت إساءة إدارته؟”.
وأضاف:
“هل فقد الحافز؟ هل هي إصابات خفية؟ أم قرار من المدرب بوضع حد لهيمنة أحد النجوم؟… أسئلة كثيرة بلا إجابات حاليًا”.
النهاية غير مكتملة
قد تكون هذه بداية جديدة لماركوس راشفورد، لكنها بالتأكيد نهاية غير مكتملة لقصة لاعب نشأ في أكاديمية يونايتد، وأحب جماهيره، وحقق معه لحظات استثنائية. انتقاله إلى برشلونة، وإن حمل طموحًا كبيرًا، يبقى أيضًا مرآة لفشل داخلي في نادٍ يعاني منذ سنوات لإعادة بناء هويته.
ربما نعرف الحقيقة كاملة يومًا ما. أما الآن، فالقلوب نصف مقلوبة، تمامًا كما في صورة الورقة التي حملها راشفورد في رحلته الأخيرة من مانشستر إلى كتالونيا.