رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

انهيار آمال الهيدروجين.. التركيز ينتقل إلى السيارات الكهربائية

السيارات الكهربائية
السيارات الكهربائية

أعلنت شركة ستيلانتيس، إحدى أكبر شركات صناعة السيارات في العالم ومالكة علامات كبرى مثل كرايسلر، جيب، بيجو، فيات، وسيتروين، عن توقفها عن تطوير المركبات العاملة بخلايا وقود الهيدروجين، منهيةً بذلك مسارًا استثماريًا كانت قد عززته بداية عام 2024 بوعدها طرح أسطول جديد من الشاحنات التجارية النظيفة.

وأرجعت الشركة هذا القرار الاستراتيجي إلى عدة عوامل معقدة، أبرزها محدودية البنية التحتية اللازمة لتزويد الهيدروجين، وارتفاع تكاليف الاستثمار، والحاجة إلى حوافز مالية أقوى لتحفيز المستهلكين على تبني هذا النوع من المركبات. هذه العوامل، وفقًا لبيان ستيلانتيس، أدت إلى قناعة بأن تقنية خلايا الوقود لم تعد خيارًا عمليًا في السوق الحالية، لا سيما أمام التقدم السريع للسيارات الكهربائية العاملة بالبطاريات.

هذا القرار يُمثل تحوّلًا كبيرًا في توجهات ستيلانتيس التي كانت قد أعلنت مطلع هذا العام عن نيتها إطلاق نسخ تعمل بالهيدروجين من طرازاتها التجارية الشهيرة مثل فيات دوكاتو وسيتروين جامبر وأوبل موفانو. وصرّحت الشركة حينها بأن المركبات الجديدة ستتمتع بمدى يصل إلى 500 كيلومتر، مع بدء الإنتاج في فرنسا وبولندا خلال صيف 2024.

لكن مع اقتراب موعد التنفيذ، اختارت الشركة إعادة تقييم موقفها والانسحاب من المشروع، مؤكدةً أن فرق الإنتاج والبحث والتطوير لن تتأثر، حيث ستُنقل إلى مشاريع أخرى داخل الشركة، ومع ذلك، تبقى أمام ستيلانتيس مهمة إدارة الخروج من شراكتها مع شركة "سيمبيو" المتخصصة في خلايا الوقود، والتي كانت قد استحوذت على ثلث أسهمها في 2023.

ليست ستيلانتيس وحدها من خفّضت من رهاناتها على الهيدروجين. شركات مثل تويوتا وهيونداي تبنّت تقنية خلايا الوقود لعقود، لكنها لم تنجح في تحقيق اختراق واسع بالسوق، ويرجع ذلك إلى التحديات التقنية واللوجستية والاقتصادية، فمثلاً، لم تُحقق سيارة "تويوتا ميراي" سوى مبيعات محدودة منذ إطلاقها عام 2014، لم تتجاوز 28,000 وحدة على مستوى العالم.

الهيدروجين، الذي لطالما روّج له كوقود المستقبل النظيف، يواجه اليوم انتقادات واسعة تتعلق بكلفته المرتفعة وصعوبة إنتاجه بشكل مستدام. فإنتاج الهيدروجين النظيف باستخدام الطاقة المتجددة يتطلب مضاعفة قدرة توليد الكهرباء عالميًا، وهو ما أكده مسؤولون سابقون في مجال الاستدامة، مثل تيم لورد، مشيرين إلى أن تحقيق هذا الهدف يحتاج إلى استثمارات ضخمة لا تزال بعيدة المنال.

كما أن الهيدروجين يُعاني من تحديات بنيوية، إذ يتطلب تخزينًا عالي الضغط، ويُعد أقل كفاءة كمصدر للطاقة مقارنة بالبطاريات، فضلاً عن ذلك، فإن البنية التحتية العالمية لمحطات الوقود لا تزال غير جاهزة لاستيعاب تزويد المركبات بالهيدروجين بشكل موسع، ما يضعف من فرص انتشاره على المدى القريب.

أمام هذا الواقع، يبدو أن الصناعة تتجه بشكل جماعي نحو السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات، مستفيدةً من انخفاض التكاليف وتحسن البنية التحتية ومحطات الشحن وانتشار الحوافز الحكومية. ويبدو أن قرار ستيلانتيس الأخير ليس تراجعًا، بل إعادة تموضع استراتيجي يتماشى مع ديناميكيات السوق وتوجهات المستهلكين.

باختصار، طي صفحة الهيدروجين لا يعني نهاية الابتكار، بل بداية مرحلة أكثر واقعية تركّز على الحلول القابلة للتنفيذ على نطاق واسع، وتضع الاستدامة والجدوى الاقتصادية على قدم المساواة.