5 صدمات أعادت الحياة.. معجزة إنقاذ سيدة مسنّة في أبو حماد
عندما كانت عقارب الساعة تقترب من الثالثة فجرًا، وفي الوقت الذي تغط فيه المدينة في سكون تام، كان هناك سباق من نوع مختلف يدور في صمت، سباق بين الحياة والموت، لا تحكمه قوانين الزمن، بل تُحدده سرعة الاستجابة، وصدق الرسالة.
في سيارة خاصة تقف أمام نقطة إسعاف «الصوة» التابعة لمركز أبو حماد بمحافظة الشرقية، ترقد سيدة في منتصف الثمانين من عمرها، جسدها ساكن، لا حركة فيه، لا تنفس، ولا نبض، وكانت العيون المحيطة تفيض بالقلق، والقلوب متشبثة بخيط رفيع من الرجاء.
بسرعة وهدوء، تحرّك المسعف محمد عبد الحميد سيد، يتفحّص السيدة، يضع يده على رقبتها، يصغي بتركيز، ثم يرفع رأسه ليعلن ما كان الجميع يخشونه: "لا يوجد نبض بلا تنفس".
لكن، لم يكن اليأس خيارًا، ولم يُطرح سؤال عن العمر أو جدوى المحاولة. فالمبدأ واحد: كل نفس تستحق القتال من أجله.
استدعى محمد زميله ماهر عبد الله سعد، مسعف نقطة الإسعاف الثانية، وفي لحظات، تحولت غرفة الإسعاف الصغيرة إلى ساحة إنقاذ حقيقية، تُنفذ فيها خطوات الإنعاش القلبي الرئوي بتناسق ودقة، تم توصيل جهاز الصدمات الكهربائية، والبدء في أول محاولة لإنعاش القلب المتوقف.
الصدمة الأولى، تليها ضغطات منتظمة على الصدر، لا استجابة، تم نقل السيدة إلى سيارة الإسعاف «كود 1710»، وتولى القيادة فني الطوارئ السيد حسين البلاط، الذي أدار عجلة السيارة بثبات، مُفسحًا المجال في الخلف لفريقه لمواصلة المهمة.
الصدمة الثانية ثم الثالثة، فالرابع، وفي كل مرة، يتشبث الفريق بالأمل، رغم خفوت المؤشرات، فكل محاولة كانت بمثابة خطوة في طريق طويل، نهايته لم تُكتب بعد، ومع الصدمة الخامسة، كان التغيير.
ببطء، تحرّك صدر السيدة، تبعته أنفاس خفيفة،، ثم ظهرت أخيرًا مؤشرات النبض على الشاشة، لحظة نادرة، لا تلتقطها الكاميرات ولا تُكتب في تقارير الأداء، لكنها تُخلَّد في ذاكرة كل من حضرها لحظة انتصر فيها الإصرار، ونجحت الإنسانية.
وصلت المريضة إلى مستشفى أبو حماد المركزي، وتم تسليمها لقسم الإنعاش القلبي الرئوي، وهناك كتب التقرير الطبي الرسمي: «الإنعاش ناجح، الحالة مستقرة»، لكن خلف هذا السطر الرسمي، قصة أعمق مما يُكتب، قصة رجال قرروا ألا يكونوا مجرد منفذين لواجب، بل مقاتلين من أجل الحياة، لا يميزون بين شاب أو مسن، ولا يتخلون عن المريض لمجرد أن المؤشرات توقفت.
فريق إسعاف «الصوة» لم ينقذ سيدة فقط، بل أعاد تعريف المفهوم الحقيقي لمهنتهم: الاستجابة السريعة، الجاهزية التامة، والتمسك بالأمل حتى الرمق الأخير، هكذا تكون الرسالة واضحة: كل نبض يستحق المحاولة.