هل يجوز للمرأة العمل دون إذن زوجها؟.. دار الإفتاء توضح

أجابت دار الإفتاء المصرية على سؤال ورد إليها مفاده: "هل يجوز للمرأة العمل بدون إذن زوجها؟"، موضحة أن الأمر يرتبط بمبدأ الحقوق المتقابلة في العلاقة الزوجية، وأن خروج المرأة للعمل دون إذن زوجها الصريح أو الضمني يُعد مخالفة لما استقر عليه الشرع.
وأوضحت الدار عبر موقعها الرسمي أن الزوجة لا يجوز لها شرعًا أن تعمل خارج المنزل إلا بإذن زوجها، سواء كان هذا الإذن صريحًا (بأن يُعلن موافقته بوضوح) أو ضمنيًا (كأن يعلم بعملها ولا يعترض، أو يتزوجها وهو يعلم أنها تعمل).
وأشارت إلى أن هذا الأصل ينبع من طبيعة العلاقة الزوجية التي تقوم على التفاهم والتكامل، حيث للزوج حق القوامة والإنفاق، وللزوجة في المقابل حق الاحتباس في منزل الزوجية.
واستشهدت دار الإفتاء بقول الله تعالى:﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ [النساء: 34]،للدلالة على أن القوامة تستتبع التزامات وحقوقًا متبادلة يجب مراعاتها من الطرفين.
الإذن بالعمل لا يسقط مشروعية حق الزوج في التنظيم
ورغم أن الإسلام يقر بحق المرأة في العمل المشروع، طالما كانت بالغة عاقلة، ولها شخصية قانونية وذمة مالية مستقلة، إلا أن ذلك لا يتعارض مع كون الزوج له حق تنظيم حياة الزوجية بما يحقق الاستقرار والمصلحة العامة للأسرة. فالعمل بحد ذاته مشروع، لكن هذا لا يمنع الزوج من تقييده إذا اقتضت مصلحة الأسرة ذلك.
وضربت دار الإفتاء مثالًا بأن للزوج الحق شرعًا في منع زوجته من صيام النوافل، رغم أنه عبادة، إن خشي أن يؤثر ذلك على حقوقه الزوجية؛ وهو ما يؤكد أن المشروعية لا تعني الإطلاق.
التزامات سابقة على الزواج تلزم الزوج
وفي حالة تعاقد المرأة على عمل أو وظيفة قبل الزواج، وكانت قد ألزمت نفسها بهذا العمل بعلم الزوج ورضاه، فلا يحق له بعد الزواج أن يمنعها منه. وقد استندت الدار في ذلك إلى ما ذهب إليه فقهاء الشافعية والحنابلة الذين أجازوا للمرأة التي أجّرت نفسها للإرضاع قبل الزواج أن تُكمل المدة المتفق عليها، ولا يجوز للزوج فسخ العقد أو منعها من العمل خلال هذه المدة.
موقف القانون المصري من عمل الزوجة
وعلى الصعيد القانوني، بيّنت دار الإفتاء أن المشرع المصري أخذ بهذا الرأي الفقهي، حيث قيّد حق الزوج في منع زوجته من العمل، وأقر أن إذن الزوج للزوجة بالعمل يُعد إذنًا ملزمًا طوال فترة العلاقة الزوجية، ولا يسقط إلا بشروط معينة.
ونصت الفقرة الخامسة من المادة الأولى من القانون رقم 25 لسنة 1920 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985، على ما يلي:"لا يُعتبَر سببًا لسقوط نفقة الزوجة خروجُها من مسكن الزوجية دون إذن زوجها في الأحوال التي يُباح فيها ذلك بحكم الشرع، ولا خروجُها للعمل المشروع ما لم يظهر أن استعمالها لهذا الحق مشوب بإساءة الاستعمال أو منافٍ لمصلحة الأسرة، وطلب منها الزوج الامتناع عنه".
لا نفقة تُسقط ولا مرتب يُنتزع
واستكملت دار الإفتاء ردها بالتأكيد على أنه إذا عملت الزوجة بإذن الزوج – سواء صريحًا أو ضمنيًا – وكان عملها مشروعًا وغير مضر بالأسرة، فلا يحق للزوج بعد ذلك أن يمنعها من الاستمرار فيه، ولا تُعد ناشزًا إذا رفضت التوقف، كما لا تسقط نفقتها المستحقة شرعًا.
كذلك، لا يجوز للزوج أن يطالب زوجته بأي جزء من راتبها أو مالها الخاص، سواء اكتسبته قبل الزواج أو بعده، إلا برضاها الكامل؛ لأن عقد الزواج هو عقد استمتاع لا تملك، والمرأة ليست ملكًا لزوجها حتى يملك مالها أو يتحكم فيه.
واختتمت دار الإفتاء ببيان فقهي واضح: أن حكم الحاكم يرفع الخلاف، ولولي الأمر أن يقيد المباح ويختار في المسائل الاجتهادية ما يراه محققًا للمصلحة العامة، والعمل بما يُقرّه واجب، والخروج عليه يُعد تعديًا على سلطة الإمام.