رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

شبح الحرب الأهلية يخيم على سوريا

بوابة الوفد الإلكترونية

تمر الاشتباكات العنيفة فى محافظة السويداء جنوبى سوريا بيومها الثانى على التوالى، فى واحدة من أسوأ موجات العنف التى تشهدها المحافظة منذ سنوات. وبينما يتساقط القتلى والجرحى بالعشرات، أكدت وزارة الداخلية السورية أمس، أن عدداً من عناصر قوى الأمن تعرضوا للاختطاف أثناء تنفيذ انتشار أمنى داخل المدينة فى حى المقوس، فى محاولة لاحتواء المواجهات المتصاعدة التى خرجت عن السيطرة.
ووفقاً للبيانات الرسمية الصادرة عن الوزارة، فقد بلغت حصيلة الاشتباكات المسلحة حتى الآن أكثر من 30 قتيلاً ونحو 100 جريح، فى معارك اندلعت بين مجموعات محلية مسلحة من أبناء الطائفة الدرزية، وعناصر من عشائر البدو، على خلفية توترات متراكمة فشلت جهود الوساطة والوجهاء فى احتوائها خلال الأشهر الماضية.
وفى بيان رسمى نُشر على حساب وزارة الداخلية على منصة «إكس» وصفت الوزارة ما يجرى بأنه «تصعيد خطير»، محملة غياب المؤسسات الرسمية فى المحافظة مسئولية مباشرة فى انفلات الوضع الأمنى، وقالت إن «عجز المجتمع المحلى عن احتواء الأزمة، رغم الدعوات المتكررة للتهدئة، ساهم فى ارتفاع عدد الضحايا، وشكل تهديداً مباشراً للسلم الأهلى فى السويداء».
وأضاف البيان أن الحكومة، بالتنسيق مع وزارة الدفاع، ستبدأ تدخلاً عسكريًا مباشرًا فى المنطقة بهدف «فض النزاع، وفرض النظام، وملاحقة المتورطين وتحويلهم إلى القضاء المختص». كما دعت الوزارة جميع الأطراف المحلية إلى التعاون مع قوى الأمن من أجل «منع تكرار مثل هذه المآسى، واستعادة الاستقرار، وترسيخ سلطة الدولة»، مؤكدة «أهمية الإسراع فى نشر القوى الأمنية النظامية فى المحافظة»، وضرورة «البدء بحوار شامل يعالج أسباب التوتر ويحفظ كرامة وحقوق جميع مكونات المجتمع».
وأصدر محافظ السويداء، مصطفى البكور، بياناً منفصلاً دعا فيه إلى «ضبط النفس وتحكيم العقل»، مشيدًا بدور الوجهاء والفعاليات المحلية والعشائرية الذين يعملون على احتواء التوترات. وأضاف البكور أن «الدولة لن تتهاون فى حماية المواطنين»، مؤكدًا أن الجهات الرسمية تتابع التطورات عن كثب.
كما أصدرت الرئاسة الروحية الدرزية، وهى السلطة الدينية الأرفع للطائفة الدرزية فى سوريا، بيانًا واضحًا حمّلت فيه ما وصفته بـالفتنة الخفية» المسئولية عن اندلاع الاشتباكات، مشيرة إلى أن هذه الفتنة «تدار من خلف الكواليس». ودعت الحكومة السورية إلى ضرورة «ضبط الأمن على طريق دمشق - السويداء» و«إبعاد العصابات المنفلتة عن المحافظة»، محملة الأطراف المتورطة «المسئولية الكاملة عن الدماء التى سفكت». وطالبوا بالحماية الأمنية الدولية والتدخل بشكل فورى.
وفى الوقت نفسه، ووسط تصاعد القلق من اتساع رقعة الاشتباكات، نفذت قوى الأمن الداخلى فى محافظة درعا المجاورة انتشارًا أمنيًا واسعًا على الحدود الإدارية مع محافظة السويداء، فى محاولة لاحتواء التوتر ومنع تمدده. وقال العميد شاهد جبر عمران، قائد قوى الأمن الداخلى فى درعا، إن هذا الانتشار الأمنى يهدف إلى «ضمان استقرار ريف درعا الشرقى ومنع انتقال الاشتباكات إلى المناطق المجاورة»، فى تحذير مبطن من أن تداعيات ما يجرى فى السويداء قد تجرّ الجنوب السورى بأكمله إلى فوضى أمنية.
يذكر أن الاشتباكات فى حى المقوس، وهى المنطقة التى شهدت أعنف المعارك، اندلعت إثر تصاعد النزاع بين عناصر مسلحة تنتمى إلى مجموعات محلية درزية وأخرى من عشائر البدو المقيمة فى أطراف المحافظة. وتشير مصادر محلية إلى أن جذور التوتر تعود إلى سلسلة من عمليات الخطف والخطف المضاد، بالإضافة إلى تراكم الاحتقان بين السكان فى ظل تردى الأوضاع الاقتصادية وتراجع قدرة الدولة على فرض القانون.
وكانت السويداء، ذات الغالبية الدرزية، قد تجنبت إلى حد بعيد خلال سنوات الحرب الأهلية الانزلاق فى أتون الصراع المسلح الواسع، لكنها فى السنوات الأخيرة شهدت تناميًا لسلطة المجموعات المسلحة، فى ظل ضعف الدولة وتراجع الخدمات والانفلات الأمنى، ما جعل من النزاعات المحلية مادة جاهزة للانفجار.
ورغم توجيه النداءات المتكررة من المجتمع المحلى للسلطات السورية من أجل التدخل وضبط الحدود واحتواء الفلتان الأمنى، فإن التأخر فى الاستجابة الرسمية ساهم فى تعقيد الموقف، وفقًا لعدد من الوجهاء المحليين.