قصة ضريح الشيخة صباح "العروس العذراء" جارة السيد البدوي بطنطا

ينشرح صدرك وتشعر بسعادة ونشوة ليس لهما مثيل إذا وطأت بقدميك تجاه مسجدها وضريحها الكائن بمدينة طنطا وبالتحديد شارع البحر أحد أكبر وأشهر شوارع مدينة شيخ العرب.. إنها السيدة نور الصباح تلك العروس العذراء.

يقول إبراهيم علي إمام المسجد السابق، إن السيدة نور الصباح ولدت بقرية ميت السودان بمحافظة الدقهلية، وكان لوالدها الشيخ محمد الغبارى، ثلاثة أبناء ذكور حسن، وأحمد، وعلى وابنة وحيدة هى بدر الصباح،  التى اشتهرت بعدها بنور الصباح، وكانت تشترك فى إحياء الندوات وما يتلى من الذكر الحكيم والإنشاد والتي عُرف عنها أنها من بين محبي ومريدي السيد البدوى، أشهر أولياء الله  الصالحين وأح  أقطاب الصوفية الأربعة.

ونظرًا لحبها الشديد للعارف بالله السيد البدوي أقامت بجواره وقامت بشراء قطعة أرض بمنطقة شارع الجيش بمدينة طنطا، شارع البحر حاليًا، وكان هذا فى العام 1903م من عائلة تُسمى طقطمش، وأقامت مسجداً، وتكية للفقراء، وأعلنت أنها ستكون مأوى لكل الفقراء الباحثين عن طعام أو كسوة، ثم حددت يوماً لوضع حجر الأساس وبالفعل أقامت التكية وهي مكان مخصص لإقامة المنقطعين للعبادة ومساعدة الفقراء وأبناء السبيل تٍنفق فيها الصدقات. 

مقصدًا لكافة المرضى الميؤس من علاجهم

وكانت تلك التكية مقصدًا لكافة المرضى الميؤس من علاجهم حتى وصل صيتها وشهرتها لأسرة الخديوي فكانت بعض أميرات تأتي لزيارتها والتبرك بها كما كانت السيدة رحمها الله تُحيى ليلة الجمعة من كل أسبوع وتوزع الصدقات والنفحات، وتحتفل بمولد النبى عليه الصلاة والسلام، وموالد الأولياء وتحي ليالي شهر رمضان والعيد، وفي عيد الأضحى كانت تضحى بأربعين خروفا، واليوم الثانى والثالث تذبح عشرين خروفا.

وكأنما اختارت الشيخة صباح أن يكون قبرها مجاورًا لمكان أفنت حياتها تخفف آلام الفقراء، هذا المكان الذي يُعد استراحة مجانية لهؤلاء المنكسرة قلوبهم والفارغة جيوبهم، لا عجب عندما تدخل مسجدها وتحديدًا من الساعة الحادية عشرة إلى الثانية بعد الظهر تجد أولئك الحيارى والمساكين يفترشون صحنه فترى أحدهم يُخرج أقراص العلاج يتناول حبة وبعدها يروى ظمأه بالماء، خاصة وأن المسجد ملاصق لمستشفى التأمين الصحي بطنطا وعيادته فصار استراحة الفقراء فى حر الصيف، بإمكان هؤلاء أن يجلسوا بدون مشاريب، أن يرتوا بالماء ويعيدوا الاغتسال من الحر وفى البرد هو مأوى لهم يتناولون فطورهم على مهل دون أن يطالبهم أحد بالرحيل.

عاشت السيدة نور الصباح قرابة 80 عامًا فى طاعة ربها، تقية نقية مُحبّة للفقراء والمساكين، ولآل البيت النبي عليه الصلاةوالسلام، ولقيت ربها فى شهر جمادى الآخرة سنة 1327 هجرية، الموافق شهر مايو 1909 ميلادية، ودفنت بضريحها فى اليوم التالى، ومازالت تكيتها شاهدة على حالها حتى الآن وعلى أعمالها الخيرية.