دار الإفتاء توضح: هل تُقبل الصدقة إذا أُعطيت لغير الفقير؟

أكد الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الصدقة تظل مقبولة ومثابة عند الله تعالى حتى وإن لم تصل إلى أشد الناس فقرًا واحتياجًا، طالما أن النية كانت خالصة لوجه الله، مشيرًا إلى أن القبول عند الله لا يتوقف فقط على حال المتصدق عليه، بل يتوقف أولًا على إخلاص القلب ونية الخير.
وساوس الشيطان لا تُبطل الأجر
أوضح عثمان، في فتوى مصورة بثتها دار الإفتاء عبر منصاتها الرسمية، أن ما يشعر به البعض من قلق أو شك في قبول الصدقة لمجرد أن المتصدق عليه لم يكن فقيرًا أو محتاجًا بشدة، ما هو إلا وسوسة من الشيطان تهدف إلى زعزعة ثقة المسلم في أعماله الصالحة، وتقليل حماسه لفعل الخير.
وأكد أن الصدقة في أصلها عمل خير وإحسان، والله لا يضيع أجر من أحسن عملًا، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الرجل الذي تصدق سرًا، فوقعت صدقته في يد غني، ثم زانية، ثم سارق، ومع ذلك قبِلها الله سبحانه وتعالى، بل قال الرجل: "اللهم لك الحمد على غنيٍّ، وعلى زانيةٍ، وعلى سارقٍ"، لأن النية كانت لله، والمقصد هو الإحسان.
أفضل الصدقات: تقديم الماء
وأشار أمين الفتوى إلى أن تقديم الماء للناس يُعد من أعظم أنواع الصدقات وأحبها إلى الله، سواء وُزِّع على الفقراء أو غيرهم، فالعمل لا يضيع إذا ما صَحَّت النية، لافتًا إلى أن الأجر محفوظ، ما دام القصد مرضاة الله، دون انتظار مقابل من البشر.
الفرق بين الزكاة والصدقة
وفي توضيح فقهى مهم، فرّق الشيخ عويضة عثمان بين الزكاة والصدقة، مبينًا أن الزكاة فريضة على المسلم بشروط وضوابط، بينما الصدقة نافلة ومستحبة، ويُثاب فاعلها ولا يأثم إن لم يخرجها.
وبيّن أن الزكاة تجب في أنواع معينة من المال مثل الزروع، الثمار، الذهب، الفضة، بهيمة الأنعام، وعروض التجارة، كما أن لها مصارف شرعية محددة منصوص عليها في القرآن الكريم، كالفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم، والغارمين وفي سبيل الله، وغيرهم.
أما الصدقة، فهي أوسع نطاقًا، ولا يشترط فيها بلوغ النصاب أو مرور الحول، ولا يُشترط لها توقيت معين أو مقدار محدد، بل تُبذل في أي وقت، وبأي قدر، ويمكن إعطاؤها للفقراء، أو لغيرهم، كأهل المعروف والفضل، أو حتى للمصلحة العامة.
واختتم الشيخ فتواه مؤكدًا أن الميزان في الأعمال عند الله هو الإخلاص والتقوى، وأن الله عز وجل لا يُضيع أجر من أحسن عملًا، داعيًا المسلمين إلى الاستمرار في الصدقات والإحسان، دون الالتفات إلى الوساوس التي تزرع الشك، أو تمنع العطاء، فالله كريم، يُضاعف لمن يشاء، ويُثيب على النية قبل العمل.