رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

"إن شاء الله" أم "بإذن الله"؟.. الفارق بين العبارتين ودلالتهما العقائدية

بوابة الوفد الإلكترونية

سلّط الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، الضوء على الفرق اللغوي والديني الدقيق بين عبارتي "إن شاء الله" و"بإذن الله"، مشيرًا إلى أن كلًّا منهما تحمل معنى خاصًا في السياق، ويجب التفريق بينهما بحسب طبيعة الحدث وصاحب الفعل.

وقال الشيخ الجندي، خلال لقاء تلفزيوني، إن عبارة "إن شاء الله" تُستخدم في الأمور التي تقع ضمن قدرة الإنسان وتنفيذه، أي تلك التي ينوي الشخص القيام بها بنفسه، بينما تُستخدم عبارة "بإذن الله" في الأمور التي لا يملك الإنسان التحكم فيها، وإنما تقع فقط ضمن مشيئة الله وإرادته التي لا دخل للعبد فيها.

 

أمثلة توضّح الفرق

وأوضح الشيخ خالد الجندي ذلك بمثال بسيط فقال:"إذا قلت: سأذهب إلى المطار لاستقبال والدي، فالصحيح أن أقول رايح إن شاء الله، لأنني من سيفعل هذا الأمر، وأملكه. أما إذا كان والدي هو الذي سيأتي من الخارج، فالأدق أن أقول هييجي بإذن الله، لأنه أمر خارج عن إرادتي، ولا أملك تنفيذه أو تغييره".

وأضاف أن الكثيرين يستخدمون العبارتين بشكل خاطئ، مستشهدًا بمثال شائع كقول البعض: "بكرة الخميس إن شاء الله"، موضحًا أن تحديد اليوم ليس في يد الإنسان، وبالتالي الصحيح أن يُقال: "بكرة الخميس بإذن الله"، لأن مرور الأيام وتواليها من الأمور التي لا يتحكم فيها البشر.

 

الأدب مع الله في القول

وأكد الجندي أن الفرق بين العبارتين لا يتعلق فقط باللغة، بل هو أدب شرعي وعقائدي ينبغي مراعاته في الحديث عن المستقبل، لأنهما يشيران إلى نسبة الفعل إلى مشيئة الله تعالى، ويدخلان تحت ما يسمى في العقيدة الإسلامية بـ "أدب الاستثناء بالله".

واستدل بقول الله تعالى:﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا، إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ﴾ [الكهف: 23-24].

وأشار إلى أن الاستثناء بالله هو مظهر من مظاهر الخضوع لإرادة الله والاعتراف بضعف الإنسان أمام قدرة الخالق، خاصة في الحديث عن المستقبل، مضيفًا: "كل فعل نخطط له أو ننوي القيام به مستقبلاً يجب أن يكون معلقًا بمشيئة الله، لأننا لا نملك الغيب ولا نتحكم في الأحداث".

 

حب الوطن فطرة.. والنبي ﷺ جسّده في الهجرة

وفي سياق مختلف، تحدّث الشيخ خالد الجندي عن حب الوطن، معتبرًا إياه شعورًا فطريًا يسكن القلوب، ويترسخ في النفس منذ الطفولة. وأكد أن النبي محمد ﷺ كان نموذجًا في حب الوطن، وأظهر هذا الحب جليًّا في أقسى لحظات حياته، وأهمها لحظة مغادرته مكة المكرمة في الهجرة.

وروى الشيخ الجندي ما حدث عقب نزول الوحي، عندما ذهب النبي ﷺ مع السيدة خديجة إلى ورقة بن نوفل ليقص عليه ما رآه، فقال له ورقة: "ليتني أكون حيًّا إذ يُخرجك قومك"، فتعجّب النبي قائلاً: "أومُخرجيّ هم؟!"، تعبيرًا عن صدمته من احتمال أن يطرده قومه من وطنه الذي لم يعرف غيره.

 

وداع مكة.. دموع وألم ومحبّة

وتابع الجندي سرد اللحظة المؤثرة عند خروج النبي ﷺ من مكة، قائلاً:"في ليلة الهجرة، وقف النبي على مشارف مكة، يُلقي نظرة الوداع، والدموع تملأ عينيه، وقال: والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أُخرجت منك ما خرجت".

وأضاف أن هذه الكلمات الخالدة تمثّل ذروة الارتباط العاطفي بالأرض والوطن، وتجعل من حب الوطن جزءًا لا يتجزأ من السنة النبوية.

 

الرسول ﷺ كان يحب وطنه.. كما أحبّ عائشة وأحد والعسل

وأشار الجندي إلى ما ذكره الإمام الذهبي رحمه الله، في معرض حديثه عن محبوبات النبي ﷺ، حيث قال:"وكان يحب عائشة، ويحب أباها، ويحب أسامة، ويحب سبطيه الحسن والحسين، وكان يحب الحلواء والعسل، وكان يحب جبل أحد... وكان يحب وطنه".

وأكد الشيخ الجندي أن هذا الحب الصادق لوطن النبي ﷺ يجب أن يكون قدوة للمسلمين، موضحًا أن من علامات الإيمان الصادق الارتباط بالأرض الطيبة التي نشأنا عليها، والدفاع عنها والعمل على رفعتها.