بين نيران الحرب والاغتصاب
نساء لاجئات فى مرمى العنف.. والجامعة العربية والمفوضية تتحدان لحمايتهن

تحت خيام اللجوء التى لا تقى برد الشتاء ولا حر الذل، تعيش آلاف العيون العربية - نساءً وفتياتٍ - كابوساً مزدوجاً: فقدان الأوطان، ثم فقدان الأجساد! بينما تدوى صفارات الإنذار فى غزة.. وتشتعل النيران فى السودان، تتحول المخيمات إلى ساحات صامتة لمعارك وحشية.. معارك يخسر فيها الكرامة قبل الخبز، ويسحق فيها الجسد قبل الروح. فى هذا الظلام الدامس، أضاءت استراتيجية عربية كشمعة إنقاذ للنساء اللاجئات العربية.
تشير إحصائيات الأمم المتحدة إلى أن امرأة واحدة تقتل كل عشرة دقائق، ووصفت الوزير المفوض دعاء فؤاد خليفة مديرة إدارة المرأة بالجامعة العربية الوضع بـ«الكارثى»، مشيرةً إلى أن النساء فى غزة والضفة الغربية والسودان يواجهن انتهاكات ممنهجة بغياب الحماية القانونية.
وأكدت أن حمايتهن استثمار فى استقرار المجتمعات، داعيةً إلى حلول تتجاوز الإطار التقليدي. جاء ذلك خلال ورشة عمل إقليمية طارئة، بقيادة الأمانة العامة لجامعة الدول العربية (قطاع الشئون الاجتماعية - إدارة المرأة) بالشراكة مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين والمكتب الإقليمى لهيئة الأمم المتحدة للمرأة.
وتركز الجلسات على تصميم أدوات عاجلة للوقاية والاستجابة لجميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات اللاجئات، مع تركيز خاص على العنف الجنسى كـ«سلاح صامت» يفتك بالمهجرين.
فيما أشارت تقارير الأمم المتحدة إلى تعرض نحو سبعة ملايين امرأة وفتاة فى السودان لخطر العنف الجنسى والعنف القائم على النوع الاجتماعي، بما فى ذلك جرائم الاغتصاب الجماعى.
وقال ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان فى السودان محمد الأمين فى تصريحات صحفية سابقة: «إن بعض النساء صارت لديهن مواليد نتيجة لتعرضهن للاغتصاب، وإن بعض الناجيات لم يفصحن عن تعرضهن لتلك الانتهاكات وأخفين الأمر عن أسرهن خوفا من العار والوصمة».
وبحسب التقارير الأمم المتحدة، فإن النزاعات المسلحة تؤدى إلى تفاقم العنف ضد النساء والفتيات، حيث ترتفع معدلات العنف الجنسى وتزداد حالات الانتهاكات فى المخيمات وأماكن اللجوء، ما يستدعى استجابة عاجلة ومتخصصة لحماية هذه الفئة.
بدورها، حذرت هاجر موسى المفوضية السامية للاجئين، خلال الورشة من أن العنف الجنسى يهدم فرص السلام والتنمية، مؤكدةً أن حماية اللاجئات تمثل «أولوية قصوى» لدول المنطقة. فيما أشادت السيدة هبة زيان (هيئة الأمم المتحدة للمرأة) بالشراكة مع الجامعة العربية التى أنتجت مبادرات نوعية لتنفيذ أجندة «المرأة والسلام والأمن».
جاءت الورشة كخطوة تنفيذية حاسمة لـ«الاستراتيجية العربية للوقاية والاستجابة لمناهضة العنف فى سياق اللجوء» التى أقرها مجلس الجامعة على المستوى الوزارى عام 2021، وتماشياً مع توصيات الاجتماع الإقليمى فى الأردن (مايو 2023)، وخطة عمل لجنة الطوارئ لحماية النساء فى النزاعات (2025-2028).
وأكد الخبراء أن ظواهر العنف ضد المرأة تشتد وطأتها مع زيادة رقعة الصراعات، وفى بعض الأحيان يُستخدم العنف ضد المرأة كسلاح فى الصراعات الداخلية.
لذلك ناقشت الورشة بمشاركة ممثلى الآليات الوطنية واللجان العربية استراتيجيات حماية متعددة الأبعاد تشمل الأطر القانونية الدولية لحماية الناجيات، وآليات دعم نفسى وقانونى فورى للمتضررات، وتدابير استباقية لإشراك المجتمعات المحلية فى الوقاية، ورفع كفاءة الكوادر الوطنية بالدول الأعضاء.
وخرجت التوصيات بـنداء عاجل لتعزيز التنسيق بين الحكومات والوكالات الأممية، وتكثيف برامج بناء القدرات، وتأمين موارد مستدامة للمؤسسات الإغاثية، وتطوير أدوات رصد ذكية - كل ذلك لضمان «مخيمات آمنة تحفظ الكرامة الإنسانية» وتعيد للأمهات والبنات المهجرات حقهن الأساسي: العيش بلا خوف.
فيما أكد مسئولو الأمم المتحدة أن خطر العنف الجنسى يزيد بالأخص عندما تتنقل الفتيات والنساء بحثاً عن مناطق أكثر أمناً، مؤكدين أن هناك حاجة ماسة لزيادة المساعدة فى مواقع استقبال النازحين واللاجئين فى المناطق المتضررة.