رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

كيف وصلت ديون الولايات المتحدة إلى 36 تريليون دولار؟

لوحة إعلانية تعرض
لوحة إعلانية تعرض الدين الأميركي الحالي عند 36 تريليون دولار

تشهد الولايات المتحدة تصاعدًا مستمرًا في حجم دينها العام، والذي بلغ نحو 36.2 تريليون دولار حتى مايو الماضي، في واحدة من أعلى المستويات التاريخية مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي، هذا الارتفاع يثير مخاوف جدية بشأن الاستدامة المالية والقدرة على الوفاء بالالتزامات المستقبلية، في ظل انقسام سياسي حاد وتحديات اقتصادية معقدة.

 

تشريعات مثيرة للجدل تُهدد بتوسيع العجز

يتزامن هذا التصاعد مع جدل سياسي محتدم حول مشروع "القانون الكبير الجميل"، الذي يتبناه الجمهوريون بقيادة الرئيس السابق دونالد ترامب. ويشمل المشروع تخفيضات ضريبية دائمة وإصلاحات في سياسات الهجرة، ويُتوقع أن يُضيف نحو 3 تريليونات دولار إلى الدين خلال عشر سنوات، بحسب تقديرات غير حزبية نقلتها صحيفة واشنطن بوست.

وفي محاولة لتفادي تجاوز سقف الدين، مدد وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، الإجراءات الاستثنائية لإدارة النقد حتى 24 يوليو، وهو ما يعكس هشاشة الوضع المالي العام في ظل غياب حلول جذرية.

كيف بدأ الدين يتراكم؟

ظل الدين الأميركي مستقراً نسبيًا حتى أوائل العقد الأول من الألفية، قبل أن تبدأ سلسلة من الأحداث والسياسات في دفعه إلى الارتفاع:

تخفيضات ضريبية في عهد جورج بوش الابن (2001)

حربي العراق وأفغانستان بعد هجمات 11 سبتمبر

أزمة 2008 المالية وبرامج التحفيز

تخفيضات ضريبية واسعة في عهد ترامب عام 2017

إنفاق ضخم في جائحة كورونا في عهدي ترامب وبايدن

النتيجة: قفزات ضخمة في الإنفاق الحكومي تم تمويلها في الغالب عبر الاقتراض.

 

الدين مقارنة بالناتج المحلي: المعيار الحاسم

عادة ما يُقاس الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يحدد قدرة الدولة على السداد. ومع أن الولايات المتحدة لا تزال تملك هامشًا أوسع من معظم الدول بفضل هيمنة الدولار عالميًا، إلا أن التوقعات تُشير إلى أن نسبة الدين للناتج المحلي ستتجاوز مستويات ما بعد الحرب العالمية الثانية بحلول 2027، بحسب مكتب الموازنة في الكونغرس.

الإنفاق الفيدرالي: بين التقديري والإلزامي

الإنفاق التقديري: يشمل وزارات الدفاع، التعليم، الأمن، الصحة.

الإنفاق الإلزامي: يغطي برامج الضمان الاجتماعي، "ميديكير"، "ميديكيد"، ومساعدات الفقراء.

ويمثل الإنفاق الإلزامي الحصة الأكبر من الموازنة، ما يجعل محاولات خفض العجز مسألة شديدة الحساسية سياسيًا.

 

من أين يأتي هذا الدين؟

الدين الخارجي: يحمله مستثمرون محليون وأجانب (أفراد، صناديق، حكومات).

الدين الداخلي: تدين به الخزانة الأميركية لصناديق مثل الضمان الاجتماعي.

وتعد سندات الخزانة الأميركية من أكثر أدوات الدين أمانًا على مستوى العالم، ما يجعلها جاذبة للدول والشركات، رغم تحذيرات وكالات التصنيف الائتماني مثل "موديز".

 

كيف يؤدي الدين إلى دين أكبر؟

كلما ارتفع الدين، زادت تكاليف الفائدة.

المستثمرون يطالبون بعوائد أعلى، ما يرفع معدلات الفائدة.

في 2013، كان معدل الفائدة على الدين نحو 2%. اليوم، يتجاوز 4%.

 

تكلفة خدمة الدين تفوق الدفاع والضمانات الاجتماعية

في العام المالي 2024، فاقت مدفوعات الفائدة على الدين ما أنفقته الحكومة على وزارة الدفاع، بل وتجاوزت الإنفاق المشترك على شؤون المحاربين القدامى، التعليم، وبرامج دعم الفقراء. هذه الحقيقة تعني أن جزءاً متزايداً من الميزانية الفيدرالية يُستهلك فقط لسداد فوائد الدين، مما يضيق الهامش أمام الإنفاق على أولويات أخرى.

 

الرؤساء والدين: من يتحمل المسؤولية؟

منذ نهاية التسعينيات وحتى 2024، حكم الولايات المتحدة رؤساء من الحزبين بالتساوي. وخلال هذه الفترة:

الجمهوريون أضافوا نحو 7.6 تريليون دولار إلى الدين.

الديمقراطيون رفعوه بأكثر من 15 تريليون دولار.

ويظل آخر فائض مالي سجلته الحكومة الأميركية بين 1998 و2001، في عهد الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون.

 

ماذا يعني كل هذا للمستقبل؟

ارتفاع الدين العام بهذا الشكل يهدد بزيادة الأعباء على الاقتصاد الأميركي، ويُعرض ثقة المستثمرين للخطر، ويُضيق خيارات السياسة المالية في أوقات الأزمات. وبينما لا تزال الولايات المتحدة تحتفظ بمكانة قوية في النظام المالي العالمي، فإن الاستمرار في هذا المسار دون إصلاحات جذرية قد يغير قواعد اللعبة على المدى الطويل.