رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

على فكرة

غدا الأحد، يصوت مجلس النواب على قانون العلاقة بين المالك والمستأجر فى مساكن الإيجار القديم. والأغلب أن القانون سوف يصدر برغم العوار الدستورى الذى يغلف نصوصه. ومن المعروف أن من قدم القانون ملاك عقاريون داخل البرلمان وخارجه، وتبنته الحكومة، برغم خرقه لقانون «تضارب المصالح»، الذى يمنع استغلال الوظائف العامة لتحقيق مكاسب شخصية، ويعرض الشخص الذى يفعل ذلك لمساءلة قانونية. وبالتالى فليس من حق نواب البرلمان من الملاك العقاريين المشاركة فى التصويت على القانون. ولأن الحكومة تخشى من يملكون على حساب مصالح من لا يملكون، سحبته بعد الاحتجاجات الاجتماعية الواسعة على نصوصه المجحفة، وأعادته مرة ثانية، زاعمة استجابتها لمطالب المجتمع، بعد أن عدلت الفترة الانتقالية لتطبيق القانون من خمس إلى سبع سنوات، فى حيلة غاية فى السخف والاستهانة بالمخاوف الحقيقية التى تترتب على صدوره. والدليل على ذلك تصريحات رئيس الوزراء الأخيرة.
"جه يكحلها عماها" هذا هو المثل الشعبى، الذى ينطبق على تصريحات رئيس الحكومة الكاشفة عن الهدف الحقيقى من صدور القانون. قال الدكتور مصطفى مدبولى، وهو يظن أنه يزف إلى السكان بشرى وطمأنينة، أن حكومته تسعى إلى توازن المصالح بين جميع الأطراف لمعالجة قضية الإيجار القديم، مع أن عدد السكان أكثر بكثير من عدد الملاك. وأضاف أن الفترة الانتقالية ستؤدى إلى تحرير العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر، وتلك هى الخلاصة، وذلك هو بيت القصيد، إنهاء العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر، بالمخالفة الصريحة للدستور ولحكم المحكمة الدستورية. ذلك توازن ينتمى لحسابات التجار والبقالين، وليس لحسابات السياسة والمصالح العامة للدولة والمجتمع!
أما كيف سيؤدى تحرير العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر إلى عدم الإخلاء القسرى أو عدم الطرد، لم يقدم رئيس الحكومة ردا على ذلك التساؤل. لكنه حرص على القول بأن رؤية القانون تسعى إلى إعادة الحقوق القانونية لأصحاب الأملاك،بما يحقق فى نظره التوازن بين الطرفين، ولأن الخبراء قالوا له، أن الوضع الحالى لايمكن أن يستمر كما هو، ليصبح لا مكان للبشرى ولا الطمانينة.!
أما ما زاد الأمر سوءا والطين بلة، فهو قول رئيس الوزراء أن حكومته ستأخذ بعين الاعتبار الحالات الاجتماعية التى قد لا تجد صعوبة فى تحمل القيمة الإيجارية الجديدة، التى سترتفع طبقا لرغبة الملاك العقاريين بنسب لا يقدر عليها كثيرون، فإن حكومته سوف تتيح لتلك الفئة من المستأجرين فرص الاستفادة من برامج الإسكان الاجتماعى، التى توفرها الدولة لتأمين سكن بديل. يأتى هذا التصريح والبلد يعانى من أزمة سكن طاحنة، أصبح حديث الملايين من الجنيهات المطلوبة لتوفير سكن شديد التواضع، أمرا شائعا، بعد الكارثة التى أدخلتنا فيها الحكومات المتعاقبة، بتغيير نمط العلاقات السكنية من الإيجار إلى التمليك، دون مراعاة للواقع الاقتصادى السائد فى المجتمع. تماما كما فعلت السلطات التشريعية والتنفيذية فى السياسات التى أدت إلى التشوهات الراهنة فى المنظومة التعليمية الهشة فى مصر، بمختلف مراحلها، التى صنعها تحالف مجرم زنيم بين المال السياسى ومنظومات الفساد المؤسسية الذائعة!
وعدتنا الحكومة بحوار مجتمعى، لم يحدث، حول القانون قبل إصداره. لكن الحوار المجتمعى حين حدث فى أماكنه الطبيعية، الممثِلة لفئات اجتماعية عدة،لم تنصت إليه الحكومة، بل تجاهلته. فقد ناقش القانون وعارض صدوره نقباء الأطباء والصيادلة والمحامين والصحفيين مجتمعيين. واعترض عليه وحذر من خطورته عدد من نواب البرلمان والإعلاميين فى مختلف وسائل الإعلام. كما وجه الدكتور أسامة عبدالحى نقيب الأطباء ورئيس اتحاد نقابات المهن الطبية، الذى يضم نقابته بجانب أطباء الأسنان والبيطريين والصيادلة خطابا لرئيس مجلس النواب، كاشفا عن عوار آخر فى نصوصه فيما يخص الأماكن المؤجرة لغير السكن. وأوضح دكتور أسامة أن صدور القانون يشكل خطر على القطاع الصحى خاصة فى الأماكن الشعبية، لأن زيادة الأجرة بالمعدلات المطروحة ستؤدى إلى إغلاق العيادات والصيدليات فى القرى والمناطق الشعبية، وسيضطر الأطباء لرفع قيمة كشوفهم فى الأماكن الأخرى، رافضا باسم اتحاد النقابات القانون جملة، وتفصيلا داعيا، إلى التمسك بحكم المحكمة الدستورية الذى اقتصر على عدم ثبات القيمة الإيجارية فى السكن، بغير أن يشمل الأماكن المؤجرة لغير السكن. فإذا لم يكن ذلك هو الحوار المجتمعى، فكيف يكون إذن؟!
غدًا فى الجلسة العامة لمجلس النواب، سيجرى التصوت على مشروع قانون الحكومة. ويقع على عاتق 596 نائبا مسئولية حماية المجتمع من فتنة تشعلها مصالح جشع ضيقة، وتحميها ضمائر غائبة، وتروج لها وتقلل من خطورتها، سياسات غير مسئولة. فاتقوا الله فى هذا الوطن، لعلكم تفلحون.