رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

نظرة أمل

فى ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتدهور الأوضاع الأمنية فى منطقة الشرق الأوسط، لا سيما بعد اندلاع المواجهات المسلحة بين إيران وإسرائيل، برزت مصر كفاعل إقليمى رئيسى ينتهج سياسة متزنة، تجمع بين الثوابت الوطنية والقدرة على قراءة المشهد الدولى بدقة.

لم يكن الاتصال الهاتفى بين الرئيس عبدالفتاح السيسى ونظيره الإيرانى مجرد مجاملة دبلوماسية، بل خطوة محسوبة فى توقيتها ورسائلها، تؤكد أن القاهرة لا تكتفى بدور المراقب، بل تتحرك بفاعلية من أجل تثبيت قواعد التهدئة والحفاظ على استقرار الإقليم. فالموقف المصرى، الثابت منذ سنوات، يقوم على ضرورة تغليب الحلول السياسية ورفض منطق التصعيد، واعتبار أن استمرار الصراعات دون أفق للتسوية لا يخدم سوى مزيد من الفوضى وغياب الاستقرار.

التحرك المصرى الأخير يأتى فى سياق رؤية أوسع لإدارة الأزمات، تضع فى اعتبارها حماية الأمن القومى من جهة، والحفاظ على الاستقرار الداخلى من جهة أخرى، وسط محيط ملتهب تتداخل فيه المصالح الإقليمية والدولية. فبينما تتسارع الأحداث وتضيق مساحات المناورة أمام العديد من الدول، تحافظ مصر على نهج متوازن يجمع بين المبدأ والبراغماتية، ما يضمن لها الاستمرار كركيزة أساسية فى معادلات الإقليم.

وقد أكد الرئيس السيسى فى أكثر من مناسبة أن تجاهل القضية الفلسطينية، وغياب التسويات السياسية الشاملة، يُشكل بيئة خصبة لتصاعد النزاعات، ويتيح المجال لتدخلات إقليمية تضعف الدول وتطيل أمد الأزمات. من هنا، فإن انضمام مصر إلى البيان الدولى الصادر عن 20 دولة يدين الانتهاكات ضد المدنيين، لم يكن موقفًا شكليًا، بل تجسيد لموقف مصرى مبدئى يرفض استهداف الأبرياء ويدعو لاحترام قواعد القانون الدولى الإنسانى.

اللافت فى الموقف المصرى، أنه لا ينفصل عن الوضع الداخلى، بل يتكامل معه. فاستمرار تنفيذ خطط التنمية، وتعزيز التماسك الوطنى، والتمسك بالاستقرار رغم ضغوط البيئة الإقليمية، كلها عناصر تؤكد قدرة الدولة على إدارة التحديات المركبة دون أن تفقد بوصلتها.

فى هذه اللحظة الدقيقة من عمر المنطقة، تثبت القاهرة أنها ما زالت تملك أدوات التأثير، وتحافظ على توازنها فى وقت تميل فيه الكفة لصالح من يرفعون صوت السلاح. وهو ما يعكس نجاح القيادة السياسية فى بناء موقف مستقل، ينطلق من مصالح الدولة الوطنية ويستند إلى فهم دقيق لموازين القوى فى لحظة إقليمية شديدة التعقيد.