رانيا يحيى: الأكاديمية المصرية فى روما.. 95 عاماً من الإبداع الثقافى والفنى
ذوو الهمم وقضايا المرأة أولوية.. وندعم استراتيجية الرئيس السيسى للنهوض بهما
تجربة أوركسترا النور والأمل جسّدت الإنسانية والفن معاً
ندعم المواهب الشابة من كل الجنسيات.. وطلاب إيطاليا فى قلب أنشطتنا
من قلب نهر النيل إلى «لونجو تيفرى» بالعاصمة الإيطالية، وعلى بُعد خطوات من معالم التاريخ والفن، تنهض الأكاديمية المصرية للفنون بروما كمنارة ثقافية تنبض بالحياة، وتُعيد تعريف الحضور المصرى على الساحة الدولية، بقيادة الدكتورة رانيا يحيى، التى لا تعترف بالجمود ولا تعرف التباطؤ.
فمنذ أن تولّت رئاستها، تحوّلت الأكاديمية إلى خلية نحل لا تهدأ، تنبض بالفعاليات المتنوعة التى تتجاوز فى بعض الأشهر حاجز العشر فعاليات، ما بين حفلات موسيقية، وعروض فلكلورية، وأمسيات للإنشاد الدينى، وورش تدريبية تحمل روح الفن المصرى وتقدّمه فى قالب عالمى.
ولا يمكن إغفال أن الدكتورة رانيا يحيى تُعد نموذجًا للقيادة النسائية الناجحة، فهى أول موسيقية تتولى رئاسة الأكاديمية المصرية للفنون بروما، ما يعكس إيمان الدولة المصرية، فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، بتمكين المرأة وتوليها المناصب القيادية.
تاريخها المهنى حافل بالإنجازات، فقد شغلت مناصب رفيعة من بينها عمادة معهد النقد الفنى بأكاديمية الفنون، كما حصلت على جائزة الدولة للتفوق فى الفنون لعام 2023، وبرز دورها الثقافى فى إصدار العديد من المؤلفات والكتب التى تعكس عمق التجربة المصرية فى الفنون.
وجود موسيقية على رأس الأكاديمية لم يكن مجرد قرار إدارى، بل كان تحولًا نوعيًا فى هوية المؤسسة، فالموسيقى بما تحمله من إيقاع ونغم، انعكست على كل تفاصيل الأداء المؤسسى، من المعارض إلى الملكية الفكرية، ومن تدريس الحضارة المصرية إلى الفعاليات المتنوعة التى باتت تنبض بالحياة، بإيقاع فنى جديد، ينبع من داخل قائدة تعرف جيدًا كيف تصنع الفرق.
فى حوار يحمل بين سطوره تفاصيل عن الرؤية المستقبلية للدكتورة رانيا يحيى، وخطتها للنهوض بالأكاديمية خلال السنوات القادمة إلى نص الحوار:-
< سألناها فى البداية: كيف قدمتِ كل هذه الإنجازات فى أقل من عام؟
- كانت الأكاديمية تمر بحالة من الهدوء بعد تداعيات جائحة كورونا، ومنذ توليت إدارتها قبل 9 أشهر، أخذت على عاتقى أن أقدّم كل ما استطيع حتى تنهض الأكاديمية بشكل كبير. فهى من أهم المؤسسات الثقافية فى أوروبا، بل الأكاديمية المصرية الوحيدة خارج الإطار الجغرافى المصرى التى تتبع وزارة الثقافة، ولذلك يجب أن تكون دائمًا منارة تُشع فنًا وثقافةً وحضارة.
أتمنى أن تصبح الأكاديمية أهم مؤسسة تمثل وزارة الثقافة المصرية فى الخارج، وأن تكون منارة حقيقية لمصر وبؤرة إشعاع ثقافى وحضارى وفنى يدعم الدبلوماسية الثقافية ويؤكد تعزيز الدولة للفن والابداع فى الخارج، ومن هذا المنطلق قررت أن أنقل الحضارة المصرية إلى العالم من خلالها. وضعت خطة طموحة لتنظيم فعاليات تُقدّم لأول مرة فى روما، إلى جانب توقيع بروتوكولات وتعاونات مع العديد من الجامعات والمعاهد العلمية، بما يتيح تبادل الثقافات وتعزيز الحضور المصرى دوليًا.
< حدثينا بشكل مفصل عن أبرز فعاليات الأكاديمية، خاصة أن أول حفل حمل الشعار المصرى «هيا بنا إلى مصر»؟
- بالفعل، كانت أول فعالية نظمتها بعنوان «هيا بنا إلى مصر»، بالتعاون مع سفارة مصر فى روما. كان الحفل فنيًا وثقافيًا شاملًا، تضمّن عروضًا مصرية أصيلة عكست الهوية الثقافية المصرية، إلى جانب معرض للصور التراثية وموسيقى حية عكست روح مصر.
حضر الحفل سعادة السفير المصرى فى روما، بسام راضى، الذى أكن له كل التقدير على جهوده ودعمه الكبير للنهوض بالأكاديمية. كما كانت المناسبة فرصة رائعة للتعارف والتواصل بين عدد من كبار الشخصيات الدبلوماسية والثقافية فى روما، وتجاوز عدد الحضور 180 ضيفًا، ما شكّل بداية قوية ومبشرة لمسيرة الأكاديمية فى ثوبها الجديد.
< حفل الإنشاد الدينى كان مفاجأة للجمهور فى روما، كيف جاءت فكرته؟
- نظّمت الأكاديمية أمسية صوفية بعنوان «إذن المحبة»، مستغلين تواجد المنشد محمود التهامى فى روما. كان الحفل فرصة لتعريف الجمهور الأوروبى بهذا الفن المصرى الأصيل، وشهد حضور عدد من مديرى الأكاديميات الثقافية المجاورة، ضمن إطار تبادل الثقافات وتعزيز الحوار الفنى.
< كيف سعت الأكاديمية إلى إبراز الروابط الثقافية بين مصر وإيطاليا فى فعالياتها؟
- نظّمت الأكاديمية عدة فعاليات متميزة تعكس التبادل الثقافى بين البلدين، أبرزها:
قدمنا أمسية بعنوان «أنا فيروتشى» احتفاءً بالمهندس الإيطالى إرنيستو فيروتشى، وشملت الحفل عزفًا للبيانو من الفنان توماسو مارينو من كونسيرفاتوار سانتا تشيتشيليا، واختُتم بمعرض صور فوتوغرافية لأعمال فيروتشى المعمارية فى مصر، بحضور معماريين متخصصين من الجامعات الإيطالية.
وفعالية بعنوان «الإيطاليون فى مصر»، قدّمت خلالها الباحثة ستيفانيا سوفرا محاضرة حول العلاقات المصرية الإيطالية منذ عهد جوهر الصقلى وحتى العصر الحديث، تلاها حفل موسيقى للفنان ألبيرتو بيرتولى.
ونُظّمت احتفالية ثقافية وفنية جمعت بين مصر وإيطاليا، بمشاركة أوركسترا الشباب العربى الفيلهارمونى بقيادة الدكتور فوزى الشامى، بالتعاون مع الأكاديمية الفيلهارمونية فى روما بقيادة المايسترو لوكا إنتشيرتى.
أُقيم على هامش الحفل معرض للفنانة الإيطالية أناليسى كالى بعنوان «المايكروموزايكو»، يدمج بين الهوية المصرية والطابع الإيطالى بأسلوب بصرى معاصر.
< ماذا عن احتفالية أوبرا «عايدة»؟
- أحيت الأكاديمية ذكرى مرور 155 عامًا على تأليف أوبرا «عايدة»، التى كتبها المؤلف الإيطالى جيوسيبى فيردى خصيصًا لمصر. شارك فى الحفل نخبة من الأصوات العالمية: السوبرانو كاترين ماتاندازا (مدغشقر)، والميتزو سوبرانو كاميل جيمينيز (فرنسا)، والتينور المصري-الإيطالى جورج وليس، بمصاحبة عازفة البيانو الإيطالية مارينا تشيسارلى.
< ما نوع الأنشطة الفنية التى نظّمتها الأكاديمية خلال موسم أعياد الميلاد؟
- أُقيمت أمسية أوبرالية بعنوان «الكريسماس فى مصر»، أحيتها السوبرانو المصرية أميرة سليم، بمصاحبة عازفة البيانو باسكال روزيه، وشاركت أيضا بالعزف على آلة الفلوت فى دويتو موسيقى مميز. حضر الحفل عدد كبير من أعضاء السلك الدبلوماسى الأوروبى.
كما نظّمت الأكاديمية حفلًا للموسيقية ريهام سيبنسون (كلارينيت)، بمشاركة عازفة البيانو الإيطالية مارينا تشيسارلى، تضمّن أعمالًا مصرية أصيلة وأخرى أُلفت خصيصًا لهذا الحدث، فى إطار التبادل الموسيقى بين مصر وأوروبا.
< كيف احتفت الأكاديمية برموز السينما المصرية فى الخارج؟
- شاركت الأكاديمية فى احتفالية «يوم شادى»، لتكريم المخرج الكبير شادى عبدالسلام. عُرض فيلمه الشهير «المومياء» مترجمًا إلى الإيطالية، وشمل اليوم ورشة للفن التشكيلى عن الحضارة المصرية القديمة، استهدفت طلاب المدارس، إضافة إلى محاضرة بعنوان «المومياء فى الحضارة الفرعونية» قدّمتها الباحثة ياسمين أفرام.
شهدت الورشة تفاعلًا لافتًا من أكثر من 20 مشاركًا، مما يعكس اهتمام الشباب الإيطالى بتاريخ مصر وحضارتها العريقة.
< كيف احتفلت الأكاديمية بمرور 95 عامًا على تأسيسها، وما أبرز الفعاليات التى تضمنها هذا الحدث؟
- احتفلت الأكاديمية بمرور 95 عامًا على تأسيسها من خلال برنامج فنى وثقافى متكامل جسّد تاريخ الأكاديمية ومسيرتها الطويلة فى دعم الثقافة والفنون.
تضمّن البرنامج عرض فيلم قصير من إعداد الأكاديمية تناول تاريخها ومديريها السابقين، وفيلم خاص عن الفنان فاروق حسنى، وزير الثقافة الأسبق ومدير الأكاديمية السابق، استعرض تجربته واهتمامه الكبير بالأكاديمية أثناء توليه الوزارة. كما أصدرت الأكاديمية كتابًا وثائقيًا يتناول مسيرتها منذ نشأتها كفكرة وحتى اليوم، مرورًا بجميع من تولوا إدارتها وما قدّموه من إنجازات.
< هل حرصت الأكاديمية على دعم الطلاب الإيطاليين فنيًا من خلال ورش عمل تعليمية؟
- نظّمت الأكاديمية ورشة عمل فنية لطلاب جامعة روما للفنون الجميلة (RUFA)، تحت إشراف الفنان المصرى الإيطالى أحمد بشر، وشارك فى الورشة طلاب السنة الثانية بالجامعة، حيث اطّلعوا على تقنيات وتكنيكات فنية متميزة قدّمها الفنان، مما أتاح لهم فرصة التفاعل المباشر مع خبرات فنية ذات طابع مصرى خاص.
< كيف ساهمت الأكاديمية فى تقديم نموذج متكامل لدعم ذوى الهمم وتعزيز التبادل الثقافى؟
- استضافت الأكاديمية أوركسترا النور والأمل للكفيفات فى تجربة إنسانية وفنية استثنائية، شارك فيها 35 شخصًا من أعضاء الأوركسترا، وتم تنفيذها دون أن تتحمّل وزارة الثقافة أى أعباء مالية.
جاء ذلك بعد تنسيق مكثّف من الأكاديمية، حيث تم التواصل مع شركة مصر للطيران التى قدّمت رعاية خاصة وقلّصت تكاليف التذاكر، بينما قام أحد رجال الأعمال المصريين بتغطية الجزء المتبقى، وتولت جمعية النور والأمل مسؤولية الانتقالات الداخلية والإعاشة بالكامل.
< هل قدمت الأكاديمية أنشطتها خارج مقرها الرسمى؟
- نعم، فى إطار جهود الأكاديمية لمدّ جسور الثقافة المصرية خارج أسوارها، تم التنسيق مع جامعة «لا سابينزا» فى روما، لإعادة تقديم حفل أوركسترا النور والأمل يوم 25 يناير 2025.
لاقى الحفل ترحيبًا حارًا من الحضور، وامتلأ المسرح بالجمهور الإيطالى الذى تفاعل بشدة مع الأداء الراقى لعازفات الأوركسترا، وكانت الفعالية فرصة لتقديم نموذج مشرّف لقدرات الفتيات الكفيفات والتأكيد على إمكانيات المرأة المصرية فنيًا وإبداعيًا على المستوى الدولى.
< حدثينا عن اهتمام الأكاديمية بالمرأة؟
- فى إطار الاحتفال بيوم المرأة العالمى، نظّمت الأكاديمية احتفالية بعنوان «المرأة.. وكسر الحواجز»، جمعت بين الفكر والأدب والفن فى تناول قضايا المرأة، تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية والرئيس عبدالفتاح السيسى الذى أولى أهمية خاصة للمرأة منذ توليه الرئاسة.
ومن خلال عملى بالمجلس القومى للمرأة، وضعت ذلك ضمن خطة الأكاديمية. شارك فى الندوة نخبة من الأكاديميين والمبدعين، من بينهم الأستاذة الدكتورة فالينتينا ساجاريا روسى من جامعة «تور فيرجاتا» بروما، التى تناولت صورة المرأة العربية فى الأدب، والدكتورة الشاعرة إيلاريا سفورتزا، استاذة اللغة اللاتينية واليونانية، التى تحدّثت عن الشاعرات الإيطاليات.
كما قدّمت رؤية متكاملة حول استراتيجية الدولة المصرية للنهوض بالمرأة، مستعرضة بالأرقام ما تحقق فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى.
واختُتمت الأمسية بحفل موسيقى قدّمه رباعى آلة الفلوت «أنيموس أنسامبل» من كونسيرفاتوار سانتا تشيتشيليا، تحت إشراف البروفيسور فرانشيسكو ليوناردى.
< كيف عززت الأكاديمية دورها كمنصة للتعاون الثقافى العربى؟
- استضافت الأكاديمية لقاءً جمع السفراء العرب برئاسة السفير المصرى فى إيطاليا، فى إطار التنسيق لتنفيذ مبادرة «الأكاديمية المصرية.. الحضارة العربية»، بالتعاون مع السفيرة إيناس مكاوى.
تم عرض رؤية المبادرة التى تهدف لتوحيد الجهود الثقافية وتعزيز الهوية العربية من قلب أوروبا، وقد أبدى جميع السفراء إعجابهم الشديد بدور الأكاديمية.
< كيف ساهمت الأكاديمية فى طرح قضايا معاصرة مثل الملكية الفكرية؟
- نظّمت الأكاديمية مؤتمرًا حول الملكية الفكرية، شارك فيه الدكتور هشام عزمى، والدكتورة جوليانا تشيريللو، والبروفيسور باولو مارسانو.
شكّل المؤتمر نقطة انطلاق للتعاون المصرى الإيطالى فى حماية الحقوق الفكرية، وحرصت الأكاديمية على توثيقه بكتيب باللغتين الإيطالية والإنجليزية.
وعلى هامش المؤتمر، أقيم معرض فنى بعنوان «الإبداع كحماية – Antibodies of Creativity»، بالتعاون مع جامعة روفا، بمشاركة 18 طالبًا.
< كيف ساهمت الأكاديمية فى دعم مبادرة «محفوظ فى القلب»؟
- شاركت الأكاديمية فى مبادرة «محفوظ فى القلب.. لعزة الهوية المصرية»، بتعاون مع مدرسة نجيب محفوظ بمدينة ميلانو.
تضمّن الاحتفال معرضًا للأعمال الكاريكاتيرية بالتعاون مع الجمعية المصرية للكاريكاتير، جسّدت اللوحات ملامح نجيب محفوظ.
< كيف اهتمت الأكاديمية بتقديم الفنون الشعبية كجزء من التبادل الثقافى؟
- نظّمت الأكاديمية فعالية بعنوان «الفولكلور على شاطئ المتوسط»، استضافت خلالها الأستاذ فرانشيسكو بيرافاتو وفرقة الفولكلور الإيطالية «لى دانسى دى بياتزا فيتوريو».
< هل شاركت الأكاديمية فى الفعاليات الثقافية الكبرى داخل إيطاليا؟
- شاركت الأكاديمية فى «ليلة المتاحف» التى تنظمها بلدية روما سنويًا، واستقبل معرض توت عنخ آمون أكثر من 550 زائرًا، ما يعكس اهتمام الجمهور الإيطالى بالحضارة المصرية.
