رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

شيخ الإسلام فى تايلاند فى حوار لـ«الوفد»:

نراعى الشريعة والقانون.. والزواج المثلى أكبر التحديات

بوابة الوفد الإلكترونية

الهوية الإسلامية جزء أصيل من نسيج الوطن.. ونتصدى لموجات التطرف

 

كشف فضيلة الشيخ أرون بون شوم – مفتى تايلاند وشيخ الإسلام – عن ملامح المشهد الدينى فى بلد تتقاطع فيه الثقافات وتتنوع الأديان. تحدث بصراحة عن دور المؤسسة الإفتائية وسط التعدد العقائدى، وأهم التحديات التى تواجه مسلمى البلاد فى ظل تغيرات قانونية معاصرة، وعلى رأسها قضية الزواج المثلى. كما استعرض رؤيته لتعزيز التعايش، وسبل التعاون مع العالم الإسلامى، مؤكدًا أن مهمته كرئيس المؤسسة الدينية – منذ توليه المنصب رسميًا فى فبراير 2024 – تتمثل فى حماية هوية 7 ملايين مسلم تايلاندى، وتوجيههم ضمن إطار شرعى منضبط لا يصطدم بالقانون، فى مجتمع يعج بالتنوع ويزخر بالاختلاف.

< فى البدايةً، تايلاند دولة متعددة الثقافات والأديان، فما دور المؤسسات الإفتائية هناك فى تعزيز التعايش السلمى ومواجهة الفكر المتطرف؟

<< بالفعل، تايلاند تضم تنوعًا دينيًا كبيرًا، فغالبية السكان من أتباع الديانة البوذية، وهناك مسلمون، ونصارى، وهندوس، وغيرها من الديانات، والحكومة تحترم هذا التنوع، والملك يُعد راعيًا لكل الأديان، رغم كونه بوذيًا حسب القانون، كما أن المسلمين يتمتعون بكامل حقوقهم كمواطنين، ومنهم سياسيون يشغلون مناصب وزارية، بل إن رئيس البرلمان الحالى مسلم، وكذلك مسئولون كثر فى جنوب البلاد حيث تتركز الكثافة السكانية للمسلمين.والمؤسسات الإفتائية بدورها تعمل على دعم التعايش، والتصدى للتطرف، من خلال نشر الفهم الصحيح للإسلام، ودعوة المسلمين للالتزام بالقيم الوسطية، فى إطار يحترم القانون العام للدولة.

< كيف ترى دور العلماء فى الحفاظ على التعايش بين المسلمين وباقى مكونات المجتمع التايلاندي؟

<< التعايش ليس شعارًا، بل ممارسة يومية، ونحن نؤمن بأن الإسلام دين سلام ورحمة، وعلى العلماء مسؤولية تقديم صورة صادقة ومتزنة للإسلام، تخاطب العقل والقلب معًا، والمسلمون فى تايلاند يعيشون منذ قرون فى سلام مع غيرهم، ودورنا أن نحفظ هذا الإرث، ونواجه أى محاولات للتشويه أو الاستقطاب.

< كيف يتم إصدار الفتاوى فى ظل القوانين المدنية التى قد تتعارض أحيانًا مع الشريعة الإسلامية؟

<< مجلس شيخ الإسلام – باعتباره الهيئة العليا للإفتاء – يعمل على إصدار الفتاوى التى تساعد المسلمين، وهم أقلية، على التعايش بسلام فى مجتمع متنوع الأديان، كما أنشأنا مركز «الوسطية للسلام والتنمية» بهدف نشر قيم الاعتدال والتسامح وتعزيز المواطنة الصالحة والوعى الفكرى.

وبما أننا الجهة الرسمية للإفتاء فى البلاد، فإننا نتبع منهجًا يقوم على أمرين: أولًا، أن تكون الفتوى صحيحة من الناحية الشرعية، وثانيًا، ألا تتصادم مع القوانين المعمول بها فى الدولة، لذا نحاول دائمًا تحقيق التوازن، فلا نصدر فتوى إلا إذا كانت موافقة للشرع، وفى نفس الوقت لا تؤدى إلى مخالفة للقانون أو ضرر للمسلمين.

< ما أبرز التحديات التى تواجهكم حاليًا كمؤسسة إفتاء فى بلد غير مسلم؟

<< التحدى الأكبر الآن هو قانون الزواج المثلى، الذى أقرّه البرلمان فى 24 سبتمبر 2024، ودخل حيز التنفيذ فى 23 يناير 2025، حيث يسمح القانون بزواج رجل من رجل، وامرأة من امرأة، وهنا تظهر الإشكالية: هل يمكن للمسلم الذى يعمل كـ»مسجل زواج» أن يوثّق هذا النوع من الزواج؟ إذا رفض، فهو مخالف للقانون، وإذا وافق، فهو يخالف دينه، هذه من أكبر القضايا التى نواجهها حاليًا، وتحتاج إلى معالجة دقيقة.

< هل هناك حرية كاملة فعليًا للمسلمين فى تايلاند؟

<< لا نستطيع أن نقول إن هناك حرية كاملة، فبعض القوانين تفرض قيودًا على المسلمين، كما هو الحال فى قضية الزواج المثلى، ولكن المسلمون يتمتعون بحرية دينية كبيرة من حيث ممارسة الشعائر، وبناء المساجد، وإقامة الأنشطة الدعوية، الحكومة أيضًا ترسل وفودًا لحماية الحجاج، رغم أن عدد المسلمين فى تايلاند ليس كبيرً، ولكن فى بعض الملفات المعاصرة، تظهر التحديات بوضوح.

< ما الأولويات التى وضعتموها منذ توليكم منصب شيخ الإسلام فى تايلاند؟

<< نعمل على تعزيز الاستقرار الروحى والاجتماعى للمجتمع الإسلامى، وتطوير مناهج التعليم الدينى، وتكثيف برامج التوعية للشباب، ومن أولوياتنا أيضًا بناء جسور تعاون أوسع مع المؤسسات الدينية العالمية، مثل الأزهر الشريف ورابطة العالم الإسلامى، لأن التحديات التى تواجه المسلمين اليوم تتطلب تكاتفًا عالميًا مسئولًا.

< تشاركون فى مبادرات إنسانية عبر UNHCR، كيف ترى دور الدين فى دعم اللاجئين والمحتاجين؟

<< الدين ليس مجرد عبادات فردية، بل مسؤولية اجتماعية، وعملنا مع مفوضية اللاجئين على مشاريع للزكاة والإغاثة منذ عام 2018، وفى رمضان نجمع تبرعات غذائية واسعة لمئات العائلات، ونحن نرى فى كل لاجئ إنسانًا له حق علينا، والدين يأمرنا بنصرة المظلوم.

< كيف ترى علاقة المؤسسة الدينية فى تايلاند بالأزهر الشريف فى مصر؟

<< مصر كانت -ولا تزال- تنشر النور المحمدى وقيم الوسطية والتسامح فى أرجاء الأرض، والأزهر هو منارة للعالم الإسلامى، وعلاقتنا به تاريخية ومتينة، فالكثير من علماء تايلاند تخرّجوا فى الأزهر، ونحن نحرص على إرسال بعثات علمية سنوية إليه، ونرحب بالدورات التدريبية والدعم فى مجال الإفتاء والخطابة، ونؤمن أن الأزهر يملك تجربة فريدة فى الجمع بين الأصالة والانفتاح.

< ما أبرز التحديات التى تواجه العمل الإفتائى اليوم؟

<< من أبرز هذه التحديات انتشار الفتاوى العشوائية وغير المتخصصة، والتى تشكل خطرًا على الأمن الفكرى، إلى جانب تنامى بعض التيارات الإلحادية واللادينية التى تهدد استقرار المجتمعات المسلمة.

< ما رسالتك للمسلمين خارج تايلاند؟

<< أقول لهم: لا تنسوا أن الإسلام ينتشر بالأخلاق قبل الشعارات، كونوا سفراء سلام فى مجتمعاتكم، واثبتوا على الفطرة، وادعموا المبادرات التعليمية والإنسانية، نحن أمةٌ واحدة وإن تفرّقت بنا الجغرافيا.