آليات التكيف مع الكوارث وطرق تخطي مشاهد الحروب

في مواجهة ضغوط الحياة اليومية، يختلف الناس في استجاباتهم تبعًا لأساليبهم في التكيف.
وتُعرف هذه الأساليب بـ"آليات التكيف"، وهي ردود فعل نفسية وسلوكية يلجأ إليها الإنسان لتخفيف حدة التوتر والصدمات.
وبحسب مجلة “ذا هيلث” الأمريكية، تلعب هذه الآليات دورًا محوريًا في بناء التوازن النفسي والقدرة على الصمود في مواجهة الأزمات.
أنواع آليات التكيف
تنقسم آليات التكيف إلى نوعين رئيسيين: الأولى تُعرف بالتكيفية، وهي صحية وفعالة، وتعتمد على التعامل الواعي مع الضغوط، مثل حل المشكلات والتفريغ العاطفي وطلب الدعم الاجتماعي. أما الثانية فهي غير تكيفية، وغالبًا ما تكون مضرة، وتشمل تجنب المواقف، أو اللجوء إلى الإدمان أو الانفصال العاطفي أو القمع الداخلي للمشاعر.
أمثلة واقعية: عندما يُختبر التكيف في أقسى حالاته
من أبرز الأمثلة على الحاجة لآليات التكيف، حالات اضطراب ما بعد الصدمة، التي تنشأ إثر أحداث صادمة مثل الحروب أو الكوارث.
ويمل بعض الأشخاص في هذه الحالات إلى التجنب أو الإنكار أو تعاطي المواد كمحاولة للهروب، بينما يستفيد آخرون من العلاج، والدعم الاجتماعي، وممارسة التأمل أو تدوين المذكرات كوسائل بنّاءة.
في حالة الجائحة العالمية كوفيد-19، سلّطت الأبحاث الضوء على أهمية آليات التكيف الصحية مثل الفكاهة وتقبل الواقع وإعادة صياغة التجارب.
وبيّنت الدراسات أن هذه الأساليب ارتبطت بتحسّن الصحة النفسية مقارنة بلوم الذات أو الانفصال العاطفي.
يستطيع كل فرد تطوير قدرته على التحمل النفسي عبر ممارسات واعية، مثل تعزيز الروابط الاجتماعية، والانخراط في نشاطات مجتمعية، وتبني نمط حياة صحي يشمل النوم المنتظم، والتغذية السليمة، وممارسة الرياضة والتأمل.
كما أن تجنب الأنشطة المدمّرة، وتعلم تقبّل التغيير وعدم اليقين، من شأنه أن يعزز قدرتك على مواجهة التحديات بثقة.
متى يجب طلب المساعدة؟
رغم فاعلية بعض آليات التكيف، إلا أن الوصول إلى نقطة الانهيار أو استمرار الأعراض النفسية لفترة طويلة يستدعي طلب الرعاية من مختصين في الصحة النفسية. ويمكن للعلاج النفسي والدعم العاطفي أن يُحدثا فرقًا حقيقيًا في تحسين نوعية الحياة والتغلب على الضغوط بطريقة مستدامة.
في النهاية، آليات التكيف ليست مجرد رد فعل، بل هي استراتيجية نفسية تُسهم في تشكيل جودة حياتنا وتعاملنا مع المواقف الصعبة.