نائب رئيس جامعة القاهرة: مؤشر مخاطر نزاهة البحث العلمي ليس إدانة للجامعات المصرية

علق الدكتور محمود السعيد نائب رئيس جامعة القاهرة، على "مؤشر مخاطر نزاهة البحث العلمي" الذي أظهرت نتائجه وجود 12 جامعة مصرية تقع في المخاطر.
وأكد أن المؤشرات ليست وسيلة لإثبات إدانة جهة أو مؤسسة، بل يفترض أن تكون أداة لمساعدة متخذ القرار في تشخيص مواضع الخلل في المنظومة ووضع الخطط والاستراتيجيات لتحسين الأداء.
وأوضح نائب رئيس جامعة القاهرة أن المؤشرات لا يمكن اعتبارها مرآة الحقيقة كما أن البعض قد يستخدمها لأغراض لا تتوافق مع الغاية الأصلية من إنشائها.
وأشار إلى أن المؤشرات أدوات محدودة لا يمكنها أن تعكس الصورة الكاملة عن الظاهرة محل الاهتمام، ولا يجب الاعتماد عليها وحدها كمرجعية علمية وأخلاقية لتقييم أداء المؤسسات أو المجتمعات، بل يجب النظر إليها كمعيار من ضمن معايير أخرى كثيرة في عملية التقييم.
واستنكر أن زال الكثير يستهويهم استخدام المؤشرات والتصنيفات الدولية التي تظهر بين الحين والآخر في مختلف المجالات، كأدلة إدانة لمستوى أداء المؤسسات أو الدول، فيمارسون هواية جلد الذات، استنادًا إلى نتائج هذه المؤشرات والتصنيفات.
وقال: "لاحظت في الأيام الأخيرة تداول بعض الزملاء لمنشور على وسائل التواصل حول نتائج مؤشر يسمى "مخاطر نزاهة البحث العلمي" (Research Integrity Risk Index)"
ونبه بأنه مؤشر يرتب الجامعات بناء على بُعدين فقط وهما: عدد الأبحاث التي تم سحبها أو إلغاؤها من المجلات بعد نشرها نتيجة لأخطاء جسيمة، وعدد الأبحاث المنشورة في مجلات مفترسة أو مجلات تم حذفها لاحقًا من قواعد البيانات الأكاديمية مثل "سكوبس" و"كلاريفيت" بعد نشر الأبحاث بها.
وتابع قائلا: "وبصفتي متخصصًا في منهجيات بناء المؤشرات كإحصائي، وكذلك في مجال النشر العلمي بطبيعة الحال، أود التأكيد على أن هناك دائمًا علامات استفهام تُثار حول مدى دقة وموثوقية المؤشرات في قياس مفاهيم مركبة كالنزاهة والشفافية والحوكمة بصفة عامة".
وأضاف أنه مما لا شك فيه هو أن المؤشرات أبرز أدوات العصر الحديث في تحليل الظواهر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وتقييم الأداء المؤسسي للمؤسسات والدول، لذلك فمن المهم التعامل مع المؤشرات بوعي علمي وأخلاقي، وفهم دقيق لمنهجيتها وحدودها، حتى لا تتحول إلى أداة لتضليل الأفراد والمجتمعات والتأثير السلبي على السياسات العامة ومتخذ القرار.
معظم المؤشرات تعاني من قصور في المنهجية والشمولية
وأشار نائب رئيس جامعة القاهرة إلى أنه من المعروف أن معظم المؤشرات إن لم يكن كلها تعاني من قصور في المنهجية والشمولية، فهي غالباً تركز على جوانب أو أبعاد محدودة من الظاهرة محل الاهتمام دون أن تأخذ باقي الأبعاد في الاعتبار، كما أن المنهجية المتبعة غالبا تكوم عرضة للنقد، ولعل مؤشر مخاطر نزاهة البحث العلمي مثال واضح على ذلك، وخاصة في بُعده الثاني، المتعلق بعدد الأبحاث المنشورة في مجلات تم حذفها لاحقًا من قواعد البيانات الأكاديمية، قائلا: “فهنا يبرز تساؤل منطقي: ما ذنب الباحث الذي اختار النشر في مجلة كانت مصنفة ومعترفًا بها وقت النشر، ثم لاحقًا تم حذفها لأسباب تتعلق بالجودة؟”
ونوه بأنه لا يشكك في أهمية هذا المؤشر أو مصداقية الجهة التي أصدرته، لكن يؤكد على ضرورة التعامل مع نتائجه كفرصة للتحسين وليس كحكم بالإدانة، مطالبا الجامعات باستثمار هذه النتائج في تدريب الباحثين على اختيار المجلات الموثوقة، وبناء قدراتهم في تقييم جودة النشر العلمي، وتعزيز وعيهم بالممارسات البحثية السليمة المتعلقة بالنشر العلمي وخصوصا الدولي.
وشدد على أنه الأهم من جلد الذات، الذي يعشقه البعض، هو استثمار نتائج هذه المؤشرات في المضي قدماً نحو التطوير المستمر، والعمل على تحقيق مستويات أعلى من النزاهة والجودة ليس في البحث العلمي فقط بل في كافة المجالات.