هل يجوز ذبح الأضحية ليلًا خلال أيام التشريق؟ دار الإفتاء تحسم الجدل

أوضحت دار الإفتاء المصرية الحكم الشرعي بشأن نحر الأضحية خلال ساعات الليل في أيام التشريق، ردًّا على سؤال ورد إليها من أحد المتابعين، أفاد فيه: "ما حكم نحر الأضحية ليلًا في أيام التشريق؟ حيث اعترض عليّ بعض الأصدقاء العام الماضي، وأخبروني أن النحر ليلًا لا يصح، فهل هذا صحيح أم لا؟ خاصة وأن هذا الوقت هو الأنسب لي غالبًا".
نحر الأضحية ليلًا
وفي ردّها على موقعها الرسمي، أكدت دار الإفتاء المصرية أن نحر الأضحية ليلًا أو نهارًا جائزٌ شرعًا ولا حرج فيه، مشيرة إلى أن الأضحية من الشعائر المشروعة للقادرين عليها، شكرًا لله تعالى على نعمه، وينبغي الالتزام بأحكامها ومقاصدها، وأهمها الالتزام بالوقت المشروع للذبح.
وأوضحت أن وقت نحر الأضحية يبدأ من بعد أداء صلاة عيد الأضحى (يوم النحر)، ويمتد إلى غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق، أي من اليوم العاشر وحتى الثالث عشر من شهر ذي الحجة. ورغم أن الأصل في الذبح أن يكون نهارًا لإظهار الشعيرة وضبط الذبح وإمكانية توزيع اللحم طازجًا، إلا أن الذبح ليلًا لا يُعد ممنوعًا من الناحية الشرعية.
وأشارت الدار إلى أن جمهور الفقهاء، من الحنفية والمالكية في قول، والشافعية، والإمام أحمد في الرواية الراجحة، يرون أن الذبح ليلًا جائز مع الكراهة التنزيهية، أي أنه خلاف الأولى، لكنه غير محرم.
واستدلت الفتوى بقول العلامة شيخي زاده الحنفي في "مجمع الأنهر": "وكره الذبح ليلًا وإن جاز؛ لاحتمال الغلط في ظلمة الليل...". كما ذكر الإمام النووي في "المجموع" أن مذهب الشافعية يجيز الذبح ليلًا، مع وجود كراهة أشد في حال كان الذبح ليلًا للأضحية.
وأضافت أن الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" نقل عن الإمام أحمد روايتين، أرجحُهما جواز الذبح ليلًا، وهي ما اختاره المتأخرون من الحنابلة، مستدلين بجواز رمي الجمار ليلًا، مما يجعل الذبح ليلًا مشابها له من حيث المشروعية الزمنية.
أما المالكية في مشهور مذهبهم، والرواية الأخرى عن الإمام أحمد، فقد ذهبوا إلى عدم إجزاء الأضحية إذا ذُبحت ليلًا، واشترطوا أن يكون الذبح في النهار فقط، بدءًا من طلوع الفجر. ويرى هؤلاء أن الذبح ليلًا فيه مفسدة؛ منها احتمال الخطأ في الذبح بسبب الظلمة، وتعذر توزيع اللحم طازجًا في الليل، وفقدان إظهار هذه الشعيرة للناس.
ومع ذلك، أوضحت دار الإفتاء أنه في ظل التطورات الحديثة، من وجود المجازر المنظمة والإضاءة القوية، وتوفر وسائل حفظ وتبريد اللحوم، وكذلك تسهيل توزيعها على المستحقين في الليل، فإن علة الكراهة قد زالت، إذ تدور الأحكام مع عللها وجودًا وعدمًا، كما هو مقرر في قواعد الفقه.
ونقلت الدار عن الإمام ابن حجر الهيتمي في "تحفة المحتاج" أنه "يُكره الذبح ليلًا إلا لحاجة أو مصلحة". كما أوردت ما قاله البجيرمي في حاشيته: "ويُكره الذبح ليلًا إلا لحاجة كاشتغاله نهارًا، أو مصلحة كتيسّر الفقراء ليلًا".
واختتمت دار الإفتاء المصرية فتواها بالتأكيد على أن ذبح الأضحية ليلًا أو نهارًا جائز ولا حرج فيه شرعًا، متى ما توفرت ظروف الأمان والوضوح في الذبح، وزالت أسباب الكراهة المذكورة، مراعاةً لمصلحة المضحي والمحتاجين على حد سواء.