رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

حكاية وطن

تمت انتخابات مجلس الشعب عام 2000، على ثلاث مراحل بين 18 أكتوبر و8 نوفمبر، بعد حكم تاريخى أصدرته المحكمة الدستورية العليا فى شهر يوليو ببطلان انتخابات المجلس السابقة لعدم الإشراف القضائى الكامل عليها، وطلبت المحكمة الدستورية العليا فى حكمها بوجوب رصد القضاة لجميع مراكز الاقتراع فى الانتخابات، الجديد حصد الحزب الوطنى 353 مقعداً من أصل 454، وعن طريق سياسة «العصا والجزرة» ضم الحزب 35 نائباً مستقلاً من أصل 72 إلى هيئته البرلمانية لضمان الهيمنة والسيطرة على الإجراءات التى تتم فى قاعة المجلس.

السيطرة البرلمانية التى كانت تنوى الأغلبية ممارستها لتمرير رغبات الحكومة تحولت إلى رحى تحدث ضجيجاً بلا طحين، عندما فوجئ مجلس الشعب بصدور أحكام من القضاء الإدارى ضد أكثر من 20 عضواً ثبت تخلفهم عن أداء الخدمة العسكرية وتضمنت الأحكام بطلان ترشحهم، قامت الدنيا ولم تقعد فى المقر العام للحزب الوطنى، وقرر رئيس مجلس الشعب فى ذلك الوقت الدكتور أحمد فتحى سرور إحالة الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا لتفسير الأحكام، وجاء رد المحكمة بتأييد أحكام القضاء الإدارى ببطلان عضوية النواب المتهربين من التجنيد، وأعلن مجلس الشعب احترامه للتفسير الذى أصدرته المحكمة الدستورية العليا، وتولت الأجهزة المعنية فى الدولة فحص موقف جميع أعضاء مجلس الشعب من التجنيد لتطهير المجلس من المتهربين من أداء الخدمة العسكرية الإلزامية، وامتد الأمر إلى أعضاء مجلس الشورى أيضاً.

إقصاء المتهربين من التجنيد عن عضوية البرلمان لم تكن عملية سهلة لمجلس الشعب، حيث كشفت عمليات الفحص لملفات النواب أن أحدهم استغل تشابه الأسماء، حيث تشترك أسماء إناث مع أسماء ذكور، وحصل على الإعفاء من الخدمة العسكرية وأطلق عليه فى الإعلام «النائب الأنثى»! كما قام آخر بحرق السجل المدنى التابع له لإخفاء مستند تزويره شهادة طلاق أمه من والده ليصبح العائل الوحيد لأمه، ويحصل على الإعفاء، ووصل الأمر إلى القيادة السياسة، وتم التنبيه على جميع النواب المتهربين من الخدمة العسكرية بعدم حضور افتتاح دور الانعقاد الذى سيحضره الرئيس. وبعد عمليات شد وجذب وكر وفر، تم إبطال عضوية جميع نواب التجنيد، كما عرفوا فى الصحافة.

طرد نواب التجنيد من البرلمان لم يكن تصفية حسابات، وليس نزهة استفاد بها غيرهم، ولكن الدستور وصف أداء الخدمة العسكرية بأنها واجب مقدس، وعندما أثيرت قضية نواب التجنيد مرة أخرى خلال الحوار الوطنى عام 2003، بحجة أن منع أى مواطن تخلف عن أداء الخدمة العسكرية من الترشح طوال حياته هى جريمة تلاحقه من المهد إلى اللحد، والمواطن عندما يقضى العقوبة يكون قد تطهر من هذه الجريمة، ويجب أن يكون له الحق فى الترشح.

ورد المستشار محمود فوزى رئيس اللجنة العليا للحوار الوطنى على هذه الآراء أن المتخلف عن أداء الخدمة العسكرية مرتكب لجريمة جنحة، وهذه الجنحة يتم العقاب عليها طبقاً للقواعد المقررة فى القانون ويرد له اعتباره بعد فترة، ولكن هناك اشتراط عند الترشح للمجالس النيابية هو أن يكون المرشح قد أدى الخدمة العسكرية، أو أعفى منها طبقاً للقانون، كما قالت المحكمة الدستورية العليا إن اشتراط أداء الخدمة العسكرية ليس به أى معنى للعقوبة، وإنما هو شرط تأهيلى لمن توافر فيه أن يتقدم لعضوية البرلمان كشرط السن على سبيل المثال.

وقالت محكمة القضاء الإدارى بالقليوبية إن استلزام أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها قانوناً من شأنه أن يحرم من سوّلت له نفسه التخلف عن أدائها حرماناً دائماً من حق الترشح فى الانتخابات النيابية.

ولا يعتد برد الاعتبار والإجراءات القانونية الخاصة به وتسوية الموقف التجنيدى لمن تهرب أو تخلف عن أداء الخدمة، حيث إنه لا يعد إعفاء قانونيا من أداء الخدمة، وبذلك يفقد المرشح شرطا من الشروط المؤهلة لعضوية النواب.

إذن بالدستور والقانون والأحكام الصادرة عن القضاء الإدارى والمحكمة الدستورية العليا، لن يتسرب الهاربون من ضريبة الدم إلى البرلمان مرة أخرى، وأصبح شرط تأدية الخدمة العسكرية الإلزامية أو ما يفيد الإعفاء من أدائها طبقاً للقانون، أحد المستندات الملزمة على الراغب فى الترشح لعضوية البرلمان ضمن أوراق ترشحه طبقاً لقانون مجلس النواب لأن المتهرب من خدمة الوطن لن يكون أميناً على الوطن والشعب ولا يستحق أن يتحدث باسمه أو ينوب عنه.