8 قنابل نووية هدية إيران لترامب.. والاتفاق يحطم أحلام نتنياهو

تشير التوقعات إلى أن إيران سترفض المقترح الأمريكي الأخير بشأن تخصيب اليورانيوم، رغم إشارات واشنطن الإيجابية التي تضمنت طلب البيت الأبيض عدم فرض عقوبات جديدة على طهران.
وأكد وزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي أن بلاده لن تتخلى عن حقها في تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية. تتأرجح المفاوضات بين التفاؤل واحتمال الفشل، بينما تترقب إسرائيل الوضع بقلق، حيث يبدو أن مجريات الأحداث لا تروق لها.
كشف عرض عسكري إيراني أخير عن تضرر الترسانة العسكرية الإيرانية، حيث ظهرت منظومة "إس 300" مزودة برادار محلي الصنع بدلًا من رادارها الروسي الأصلي، في إشارة إلى تعرضها للضرر من الضربات الإسرائيلية.
ويرى الدكتور محمد صالح صدقيان، المحلل الخاص لسكاي نيوز عربية من طهران، أن المفاوضات الإيرانية الأمريكية وصلت إلى مرحلة حساسة للغاية، خاصة فيما يتعلق بأنشطة تخصيب اليورانيوم.
المقترح الأمريكي الذي أرسله المفاوض ستيف ويتكوف عبر الوسيط العماني، وزير الخارجية بدر المسعيدي، سمح بتخصيب اليورانيوم بنسبة منخفضة تصل إلى 3.67%، وهي نسبة كانت موجودة في اتفاق 2015 ولا تمكن إيران من تصنيع سلاح نووي.
ويرى صدقيان أن الإدارة الأمريكية الحالية وافقت على هذه النسبة، وأن إيران مستعدة لمزيد من الشفافية لإزالة قلق الجانب الأمريكي، ويخدم اللقاء الثلاثي الأخير في القاهرة بين وزيري خارجية مصر وإيران ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، هذه الشفافية.
ويرى الدبلوماسي السابق مسعود معلوف أن هناك تغيرات واضحة في الموقف الأمريكي. فبعد أن كان وزير الخارجية ماركو روبيو قد صرح سابقًا بعدم إمكانية إيران من تخصيب اليورانيوم حتى بنسبة 1%، تراجعت الإدارة الأمريكية الآن.
ويعتقد معلوف أن الرئيس ترامب مصمم على إبرام هذه الاتفاقية، وقد يكون الموقف الإيراني قد ساهم في ذلك. من المفضل انتظار الجلسة السادسة للمفاوضات لمعرفة الموقف الأمريكي النهائي، لكنه يؤكد أن هذا التطور، إن صح، سيسهل التوصل إلى اتفاقية، خاصة وأن ترامب يود توجيه رسائل مباشرة وغير مباشرة لإسرائيل بعدم القيام بأي عملية عسكرية، لأنه يرغب في التوصل إلى هذه الاتفاقية.
ويعتقد الكاتب والباحث السياسي عبد الله الجنيد أن الرئيس ترامب يناور على عدة محاور، لكن الملف يدار باقتدار من مبعوثه الخاص ويتكوف. يتوقع الجنيد أن يعود ترامب لاتفاقية 2015 وسوف يسمح بنسبة التخصيب المتفق عليها سابقًا، وأن عملية التفاوض والضغط على إيران هي مجرد مناورات سياسية.
ويرى الجنيد أن الولايات المتحدة وترامب يدركان تمامًا أن استقرار المنطقة وعودة إيران كلاعب إقليمي ضمن اشتراطات إقليمية، سيؤهلها لتجاوز العديد من الصعاب. كما يرى أن حلفاء إيران، مثل الصين وروسيا، لن يدعموا تحول إيران إلى قوة نووية في المستقبل.
ويتساءل الدكتور عبد المنعم سعيد، عضو مجلس الشيوخ المصري من القاهرة، عن الدوافع وراء إبقاء الإدارة الأمريكية على تخصيب اليورانيوم عند 3.67%. يرى سعيد أنه طالما المفاوضات جارية، فليس من السهل على الأطراف إعلان الفشل، لأن ذلك سيكون له نتائج قاسية على الجميع. لكنه يلاحظ أن ترامب لا يريد إنتاج اتفاق يشبه ما فعله أوباما.
ويرى سعيد أن هناك مساحة للمقايضة في المفاوضات، حيث يمكن للولايات المتحدة أن تكون أكثر كرمًا في رفع العقوبات عن إيران. كما أشار إلى أن التكنولوجيا تغيرت كثيرًا منذ فترة أوباما، ويمكن للإيرانيين أن يحصلوا على قدر أكبر من التخصيب، لكن ليس بالحد الحالي (60%). يمكن لترامب أن يدعي تحقيق تقدم كبير إذا انخفض التخصيب إلى النصف.
وأضاف صدقيان أن المقترح الأمريكي ينص على وقف الأبحاث الجديدة وتطوير أجهزة الطرد المركزي، وعدم السماح لإيران ببناء أي منشآت جديدة للتخصيب، وتفكيك منشآت المعالجة.
ويرى صدقيان أن إيران ستكون منفتحة على هذه الأفكار في سبيل رفع العقوبات والاحتفاظ بحق التخصيب. كما ذكر أن إيران تمتلك 408 كيلوغرامات من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، ما يعني القدرة على تصنيع 8 قنابل نووية محتملة، وأن إيران مستعدة لنقل هذه الكمية خارج البلاد لإزالة القلق.
وعن قدرة ترامب على كبح جماح إسرائيل، يرى معلوف أن نتنياهو يحاول دفع الولايات المتحدة نحو صراع مع إيران، كما فعل في عهد الرئيس الأسبق جو بايدن. ترامب يهمه كثيرًا التوصل إلى الاتفاقية لأنه يريد الظهور بمظهر صانع السلام في العالم، ويرغب في الحصول على جائزة نوبل للسلام. لذلك، قد يقدم ترامب بعض التسهيلات، لكنه لا يستطيع العودة إلى نفس شروط الاتفاقية التي انسحب منها عام 2018.
وقد يحاول ترامب الحصول على تنازلات من إيران تتعلق بأذرعها في المنطقة (حزب الله، الحوثيين، سوريا)، لكن ذلك ليس سهلًا.
ويرى الدكتور عبد المنعم سعيد أن زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي للقاهرة تأتي في سياق جهود التهدئة في المنطقة، التي بدأت بإعلان العلا عام 2021. مصر وإيران دولتان إقليميتان مهمتان، وعودة العلاقات بينهما تعزز الاستقرار. تاريخيًا، سعت مصر وإيران منذ عام 1974 إلى جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية، ومصر حريصة على علاقات وثيقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خاصة وأنها تمتلك مفاعلات سلمية.
يرى الدكتور محمد صالح صدقيان أن الرغبة الإيرانية في عودة العلاقات مع القاهرة موجودة منذ عهد الرئيس خاتمي. ويرجع الخلاف الحالي إلى اختلاف تعريف البلدين للأمن الإقليمي. فإيران ترى أن أمنها الإقليمي يمتد إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط، بينما تمتلك مصر تعريفًا خاصًا بها. ورغم هذا التقاطع، يرى صدقيان أن المصالح المشتركة والعوامل الاقتصادية يمكن أن توجد أرضية للتعاون والتنسيق.
من جهته، يرى عبد الله الجنيد أن دوافع طهران ليست بناء جسور الثقة ومعالجة التحديات، بل البناء على التباينات والتناقضات. ويرى أن مصر كدولة قيادية في العالم العربي لن تسمح لإيران ببناء تحالفات تضر بمصالح المنطقة. ويختلف الجنيد مع صدقيان حول امتلاك إيران لمكونات القنابل النووية، مشيرًا إلى أن إسرائيل نجحت في تحييد تلك العناصر، وأن دول مثل روسيا والصين لن تسمح لإيران بامتلاك تكنولوجيا تمكنها من ذلك.
وعن تأثير التقارب المصري الإيراني على أمن البحر الأحمر، يرى الجنيد أن مصر، كأكبر دولة متضررة من عدم الاستقرار في البحر الأحمر، كان يجب أن تلعب دورًا أمنيًا متقدمًا في إفهام الحوثي أن تعريض المصالح القومية المصرية مرفوض بكل الأدوات الممكنة.
يرى مسعود معلوف أن الولايات المتحدة لن تكون منزعجة من التقارب المصري الإيراني، حيث أن مصر من حلفاء الولايات المتحدة الأقوياء في المنطقة، ويمكنها أن تلعب دورًا في إقناع إيران بقبول بعض الشروط في المفاوضات النووية. كما يرى أن هذا التقارب يرسل رسالة إلى إسرائيل بأن الموضوع النووي يعالج دبلوماسيًا ولا يجوز القيام بعمليات عسكرية حاليًا.
في الختام، يرى الدكتور عبد المنعم سعيد أن إسرائيل لا تستطيع القيام بضربات ضد إيران بدون موافقة الولايات المتحدة. كما يرى أن المفاوضات معقدة للغاية، وأن الإشارات الأمريكية برفض فرض مزيد من العقوبات على إيران تعني أن الولايات المتحدة لا تزال على طاولة المفاوضات وترغب في عدم التصعيد.
ويؤكد أن محادثات القاهرة ووجود الوكالة الدولية للطاقة الذرية مهمان لتحديد كيفية الرقابة على عملية التخصيب.
يرى سعيد أن الوضع في المنطقة تغير بشكل كبير، وأن إيران يجب أن تعود إلى قيمتها التاريخية والحضارية، وأن الأمن الإقليمي يجب أن يحقق الأمن للجميع، وليس بالصيغة التي تهدد الآخرين.