رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

هل نمتلك القدره على التوسع فى إنشاء مصانع لإنتاج البليت وتصديره ؟

محافظ المركزى يشكو من سحب "الدولار "من البنوك لإستيراد البليت

مصانع الدرفله تستورد
مصانع الدرفله تستورد كميات ضخمه من البليت

من حق الدوله أن تنادى وتتخذ الخطوات الجاده لتعميق الصناعه المحلية ،ومن حق الدولة أيضاَ أن تقنن أوضاع المصانع  التى تنتج خارج القانون والضوابط الحاكمه للإنتاج والتصنيع ،ومن حق الدوله أيضاَ أن تحافظ على مواردها من النقد الأجنبى بتقييد  الإستيراد،أو الحد من الواردات قدر الإمكان  بهدف عدم الضغط على الدولار فى ظل الازمه العنيفه التى يعانى منها سوق الصرف منذ رحيل غير المأسوف على رحيله محافظ البنك المركزى الأسبق طارق عامر.. من حق محافظ البنك المركزى الحالى حسن عبد الله  أن يشكو من قيام  بعض أصحاب مصانع الصلب  بسحب مبالغ ضخمه من الدولار  من البنوك لإستيراد  البليت ،وغالبية المستوردون طبعا من اصحاب مصانع الدرفله ،وهناك كميات ضخمه من البليت موجوده حاليا ببعض الموانىء تنتظر الإفراج  عنها، وقد تصل الكميات الموجوده بالمنافذ الجمركية من البليت حالياَ  إلى أكثر من 500 ألف طن .

 

التوسع فى إستيراد البليت يشكل ضغطاً على الدولار 
التوسع فى إستيراد البليت يشكل ضغطاً على الدولار 

ولكن هل من حق الدوله أن تعطى الأوامر لأصحاب الشأن من الصناع  دون أن تقف على حقيقة الموضوعات ،دون أن تستمتع بإهتمام  لأصحاب المصانع  قبل أن تتكلم هى كثيرا وبإستفاضه خاصة أن كثيراَ من  أصحاب  المصانع لديهم من الخبرات فى الصناعه  والإقتصاد مايفوق بمراحل علم وخبرة أو حتى معرفة  بعض ممن يتحدثون  فى الحكومه ويأمرون وينهون وهم غير عالمون بحقيقة  أوضاع المصانع من حيث التكاليف الإستثمارية لإنشاء أصغر وحدة فى خطوط الإنتاج  ،أو تكاليف التشغيل والإنتاج نفسها ،أو حقيقة أسعار الخامات وكيفية الحصول عليها بشق الانفس من البورصات العالمية فى ظل منافسة عالمية شرسه  خاصة فى المصانع ذات  الإستثمارات الضخمه المبنية على دراسات إقتصادية دقيقة للغاية 

لقد دعا وزير الصناعه والنقل المجتهد الفريق مهندس كامل الوزير أصحاب مصانع الصلب أمس الأول  الخميس إلى إنشاء افران صهر لإنتاج البليت فى إطار عمليات تعميق التصنيع المحلى التى تدعو إليه الحكومه وهو إتجاه حكيم من شأنه ان يساعد  على زيادة أعداد المشروعات الصناعية من جهه ،وزيادة الإنتاج والتصدير مع الحد من الواردات التى تستنزف مبالغ طائلة من الدولارمن جهة أخرى ..كما دعا الوزير أصحاب المصانع المتكامله بتوفير  البليت  وبيعه لأصحاب مصانع الدرفله ، وتكلم وزير الصناعه والنقل كثيرا عن تعميق التصنيع المحلى ، وأهمية الحد من إستيراد البليت . كما تكلم عن القطار الكهربائى وكيف أن القطار الكهربائى جذب المستثمرون لرأس الحكمه وغيرها ..خلاصة الأمر أن الوزير خلال لقائه مع صناع الصلب تكلم كثيرا وإستمع قليلا !

هل مصر تمتلك القدره على التوسع فى إنتاج البليت ؟

بدايةَ نقول أن البليت الحديدى هو أحد أهم الخامات الرئيسية مع الخردة  فى إنتاج حديد التسليح وغيره من منتجات الصلب المختلفه وهو منتج شبه نهائى . إن عناصر تكلفة إنتاج البليت تتضمن مايلى :

المواد الخام وتمثل من 40 إلى 60 % من التكلفة 

الطاقه "الغاز" تمثل من 20 إلى 30 % من التكلفة 

التكلفة الإستثمارية تمثل من 10 إلى 20 % من التكلفة 

الاجور تمثل من 5 إلى 15 % من التكلفة 

التكاليف البيئية والتنظيمية تمثل من 5 إلى 8 % من التكلفة 

اللوجستيات تمثل من 5 إلى 10 % من التكلفة !

وبالنظر إلى بند الخامات والطاقه واللذان يمثلان وحدهما أهم وأكبر عناصر تكلفة إنتاج البليت سيتضح صعوبة إنتاجه مع التسليم بأنه غير مستحيل إذا توافرت المناجم  والطاقه وهما من الموارد  الطبيعية المهمه فى الإستثمار لإنتاج البليت وأفران الصهر .إن هناك عدة تحديات رئيسية تقلل من جاذبية مصر لإنتاج وتصدير البليت وهذه التحديات تشمل ،

أولا :

الإعتماد بشكل كبير على إستيراد الخردة وخام الحديد مع الإشاره أن كميات الخردة الموجوده فى مصر لا تغطى سوى 20 %  من إحتياجات المصانع ،وكذلك نفس الوضع فى خام الحديد حيث يتم إستخراج كميات ضعيفه جدا منه تأتى  المناجم الموجوده بأسوان ويتم إستيراد من 80 إلى 90 % من إحتياجات المصانع المحلية  من روسيا وأوكرانيا ودول أخرى .

ثانياَ:

إرتفاع تكاليف الطاقه من غاز وكهرباء ، فكانت أسعار الغاز -مثلاً- لا تتجاوز 3 دولارات للمليون وحده حرارية بريطانية ،ثم إرتفعت فى عام 2023 إلى 5.75 دولار لكل مليون وحده حرارية ،كما زادت أسعار الكهرباء  بنسب كبيره للغاية ،مع ملاحظة أن مصانع الصلب من الصناعات كثيفة الإستهلاك للطاقه وهو مايعنى زياة ديناميكية فى التكلفة الإجمالية للإنتاج .

ثالثا:

عدم توافر الدولار بكثره يربك المصانع  ويجعلها غير قادرة على إستيراد الخامات الضرورية للإنتاج والتشغيل .

المشكله والحلول 

فى قضية إنتاج البليت فى مصر نستطيع أن نؤكد على عدة حقائق لا ريب فيها ومنها ،أن مصر دوله غير مصدره للبليت ،والمصانع التى تنتج البليت فى مصر محدود للغاية  وهى تنتج البليت لتلبية إحتياجاتها فى المقام الأول ،وتغطية جزء من إحتياجات السوق المحلى الموجهه للمشروعات التنموية الكبرى  فى ظل بورصة خامات عالمية تتغير بسرعه رهيبه بين عشية وضحاها ،وإنشاء وحدة صهر لإنتاج عروق البليت فى حاجه إلى إستثمارات ضخمه للغاية تصل لمليارات الجنيهات ،الأم  الآخر  أن تكلفة إنتاج طن البليت فى مصر باهظ ومكلف جدا بسبب إرتفاع اسعار الطاقه للمصانع مقارنةَ بدوله مثل المملكه العربية السعوديه حيث تصل تكلفة إنتاج طن البليت فيها إلى 500 دولار ،بينما تتخطى تكلفة إنتاج طن البليت فى مصر  650 دولار ، أما التوسع فى مشروعات إنتاج البليت فهو يحتاج قرارات هامه وجريئة  من الدوله أهمها ،خفض اسعار الطاقه الموجهه للمصانع ،مع التوسع فى الإنتاج  منخفض الإنبعاثات الكربونية ،وتوفير النقد الاجنبى بشكل يسمح للمصانع من إستيراد الآلات والمعدات والخبراء الأجانب ..إن جهود  الدوله وسعيها الدؤوب للتوسع فى المصانع المنتجه للبليت والحد من إستيراده  لهو شىء محمود للغاية ولكن لا بد أن توفر الدعم والحوافز اللازمه للمصانع وعلى رأسها المصانع المتكاملة وشبه المتكاملة خاصة أنها صاحبة الإستثمارات الضخمه ،وتكاليف التشغيل والإنتاج الأكبر ،وعدد العماله والأجور الأعلى  ولكى نكون منصفين  نقول ،إن إستيراد مصانع الدرفله للبليت ليس عيبا طالما أنها لا تمتلك  محفظه مالية ضخمه  تؤهلها للإستثمار فى إنشاء أفران صهر لإنتاج البليت  وتكتفى بأرباحها الطائلة فى السوق المحلى عن طريق عمليات الدرفلة ،فهناك دول صناعية كبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية تستورد البليت من كندا والمكسيك والبرازيل ،وتستورد دوله مثل كوريا البليت من الصين واليابان وروسيا ،وتستورد إيطاليا البليت من أوكرانيا وتركيا ،وتستورد دوله مثل أسبانيا  البليت من الجزائر وتركيا ..خلاصة القول وكما يقول التعبير العامى لدينا فى مصر ،إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع ،بمعنى أنكم إذا  أردتم مصانع تنتج البليت وتصدره فوفروا للمصانع المصرية الحماية حتى تستطيع الوقوف على قدميها من جديد ،فلا يعقل أن يكون لدينا مصانع مؤهله لإنتاج 18 و20 مليون طن من منتجات الصلب المختلفه بداية من حديد التسليح مرورا باللفائف  وإنتهاء بالمسطحات ولا يتجاوز إنتاجها السنوى فى الوقت الحالى 7.5 ،و8 مليون طن وهى كميات تنتجها الصين فى إسبوع واحد وليس عام ..إذا أردتم  صناعة بليت وفروا الطاقه للمصانع بأسعار تنافسية ..إذا أردتم مصانع تنتج البليت وتصدره للأسواق الخارجية ، وفروا الدولار وأنزعوا قيود البيروقراطية من على المصانع، وأتركوهم يعملون  فهم الأعلم والأدرى بشئون صناعتهم !