ما يجب على المُحرِم إذا ارتكب محظورًا قبل الحلق في العمرة؟

وضحت دار الإفتاء المصرية ما يجب على المُحرِم فعله إذا ارتكب أحد محظورات الإحرام -مثل وضع الطيب- قبل الحلق أو التقصير بعد أداء مناسك العمرة، وذلك ردًا على سؤال وُرِد إليها من أحد المعتمرين.
حيث قالت الإفتاء أن المُحرِم إذا وضع الطِّيب قبل التحلل (أي قبل الحلق أو التقصير) وكان ذلك عن عمدٍ، وعلمٍ، واختيارٍ، فعليه فدية، وهي واحدة من ثلاث: ذبح شاة، أو صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أما إذا وضع الطيب ناسيًا قبل أن يتحلل، فلا شيء عليه، ولا تُطلَب منه فدية في هذه الحالة.
فقهاء الإسلام واختلافهم حول الحلق والتقصير في العمرة
استعرضت دار الإفتاء خلفية فقهية موسعة للفتوى، موضحةً أن الحلق أو التقصير هو ما يُتم به التحلل من الإحرام في العمرة، أي الخروج من حالة الإحرام التي يُحظر فيها على المسلم أمورٌ عدة كلبس المخيط والتطيب ومباشرة النساء وغيرها.
وقد أجمع جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية، وهو القول الراجح عند الشافعية والحنابلة، على أن الحلق أو التقصير نسكٌ واجبٌ في العمرة، ولا يتحلل المعتمر من إحرامه إلا بأحدهما، ومن تركهما فعليه دم.
استدل هؤلاء العلماء بآيات قرآنية وأحاديث نبوية منها قول الله تعالى:﴿لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ﴾ [الفتح: 27]،
وكذلك بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «إِذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ، فَقَدْ حَلَّ لَكُمُ الطِّيبُ وَالثِّيَابُ وَكُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ» (رواه أحمد).
رأي مخالف: الحلق والتقصير ليسا منسكًا عند بعض الفقهاء
في المقابل، ذهب بعض الفقهاء كالإمام الشافعي في قولٍ له، وأبو ثور، وأبو يوسف، إلى أن الحلق أو التقصير ليس من المناسك، بل هو مجرد وسيلة لاستباحة المحظورات، ويمكن التحلل بدونهما. واستدلوا على ذلك بحديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، حين قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «طُفْ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ أَحِلَّ».
ثمار هذا الخلاف: ماذا لو تطيّب المُحرِم قبل الحلق؟
نتيجة لهذا الخلاف تظهر بوضوح عند وقوع المحظور، كأن يضع المُحرِم الطيب على بدنه قبل الحلق أو التقصير.
فوفقًا للرأي الذي يرى أن الحلق أو التقصير نسكٌ ضروري، فإن المُحرِم لا يُعتَبر مُتحلِّلًا حتى يُنهي هذا النسك، وبالتالي، فإن ارتكاب المحظور قبله يُوجب الفدية.
أما عند من لا يراه نسكًا، فيُعتبر التحلل قد تم بمجرد الانتهاء من الطواف والسعي، فلا تُلزمه الفدية في هذه الحالة.
لكن دار الإفتاء، في فتواها، اعتمدت الرأي الذي يرى أن الحلق أو التقصير نسكٌ واجبٌ لا يتم التحلل إلا به، وبالتالي فإن ارتكاب المحظور قبله عن عمد يستوجب الفدية، إلا في حالة النسيان، حيث لا إثم ولا فدية، كما جاء في فتوى فضيلة المفتي.
إذا ارتكب المُحرِم محظورًا من محظورات الإحرام قبل الحلق أو التقصير بعد أداء مناسك العمرة، وكان ذلك عن عمدٍ وعلمٍ واختيارٍ، فعليه فدية، على التخيير بين ذبح شاة، أو صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أما إن فعله ناسيًا، كما في حالة السائل، فلا شيء عليه.