«مراكب جدعون»

الفلسطينيون على مسلخ الصهيونية بين سندان الإبادة والتهجير
منتدى الأسرى الصهاينة: نحن على بعد ساعات من «فرصة القرن الضائعة»
الجنون لا يهدئ ولا يتوقف ولو لدقيقة واحدة فى كافة أنحاء قطاع غزة.. هذا ليس قصفا بل حمم بركانية وكتل من اللهب تسقط على غزة كالمطر.. أجساد تسير بلا أرواح أجساد قد خدرها الألم تسير بلا وجهة لا تعرف أين تذهب ولا أى طريق تسلك ولا ماذا تريد من الأصل.. وما بين مجيئ الليل وشروق الشمس على غزة أُسَر تُمسحُ من سجل الأحياء، فعداد الشهداء لا يتوقف عن الحركة بل يتناحر بشكل متسارع وكأنه يسابق الريح.
لم تعد الحياة إلا مسلسل كل حلقاته من الموت، والسيناريو الوحيد الذى يستمتع العالم كله بمشاهدته، يموت الطفل يموت الكبير يموت الجميع والقاتل واحد، هو كل من يشاهدون ولا قدرة لأحد على أن يوقف المشهد، الانفجارات التى اخترقت الأرض هى الأعنف منذ عودة الحرب فى 18 مارس الماضى، قصف غير مسبوق وأوامر إخلاء ونزوح فى كل مكان.
يواجه القطاع صنوفاً مختلفة من القتل والمجازر والقصف الممنهج والتجويع لليوم الـ 585 على التوالي، فى حين شهدت محافظة شمال قطاع ليلة ونهاراً داميين ارتكب فيها الكيان الصهيونى مجازر ومحارق متتالية أسفرت عن استشهاد وفقد واصابة المئات ونفذ الاحتلال حزاماً نارياً عنيفاً على المناطق الغربية لبلدة بيت لاهيا شمال القطاع، بينما شهدت منطقتى العمودى والتوام نزوحاً قصرياً بفعل تمركز الاحتلال فى مدرسة الفردوس، فضلا عن مجزرة مسجد «التوبة» لعشرات الأيتام وقصفاً مدفعياً وجوياً عنيفاً لبلدة القرارة شمال خان يونس أسفر عن ارتقاء عشرات الشهداء ومحاصرة عشرات المنازل.
وأعلن مدير المستشفى عن توقف الخدمات الطبية فى شمال القطاع باستثناء مستشفى العودة فى تل الزعتر والمستشفى الإندونيسي، وأكد جهاز الدفاع المدنى الفلسطينى عن صعوبة وصول طواقمه إلى العديد من الشهداء والمصابين العالقين تحت الأنقاض؛ بسبب استهداف قوات الاحتلال لهم.
وأشارت تقارير إعلام العدو الصهيونى إلى أن الاستهدافات تنفذ بقنابل قوية لم تستخدم من قبل، وعلى ما يبدو لدفع حركة حماس إلى الزاوية قبل عملية «عربات جدعون» المهمة.
ونشرت صحيفة معاريف اعتزام الاحتلال إرسال 70 ألف من قواته النظامية إلى القطاع كبداية لعملية عربات جدعون، وقالت الصحيفة العبرية إن كل 4 دقائق هجوم ضمن هجمات مكثفة فى غزة، بمئات العشرات من الشهداء مؤكدة أن مستوى القصف الإسرائيلى فى القطاع أقوى بكثير من الذى كان قبيل بدء العملية البرية فى أكتوبر 2023.
وقال الصحفى ميخائيل شيمش: «فى إسرائيل، صرّحوا بأن عملية (عربات جدعون) ستبدأ قريبًا بعد انتهاء زيارة ترامب، الموعد النهائى للصفقة يشارف على الانتهاء».
وأعلن مسئولون عسكريون إسرائيليون، أن أحد أسباب الهجمات الواسعة فى القطاع غزة هو الاستعداد لدخول القوات البرية والمدرعات فى حال تنفيذ العملية.
وأشار موقع «يديعوت أحرونوت» إلى أن القصف المكثف يأتى وفقا للخطط التى قدمتها القوات الاسرائيلية والتى وافقت عليها القيادة السياسية بالفعل، من أجل التمهيد لدخول القوات.
وأوضح المسئولون أن هذه هجمات كبيرة لن تؤدى إلى تدمير أصول حماس فحسب، بل ستساعد القوات التى ستدخل إلى تلك المناطق أيضا ولكن هناك احتمال آخر، وهو أن زيادة وتيرة الهجمات تأتى فى الواقع استعدادا لوقف إطلاق النار المحتمل.
وقالت حركة المقاومة حماس، إن الاحتلال يواصل تصعيده الدموى عبر مجازر متتالية وقصف وحشى مستخدماً سياسة الأرض المحروقة والقصف المكثف والعشوائية، فى محاولة يائسة لفرض معادلات الاستسلام على الشعب الفلسطينى.
وشددت حماس على إن مجازر الاحتلال المتصاعدة بحق المدنيين؛ تجسد إصرار حكومة الإرهابى نتنياهو على المضى فى تنفيذ جريمة الإبادة الجماعية فى غزة، دون أدنى اكتراث بالقوانين أو بأدوات المساءلة والعدالة الدولية.
وأضافت حماس أن الشعب الفلسطينى يواجه إبادةً جماعيةً موثقةً بالصوت والصورة وعلى مرأى ومسمع العالم، فى ظل غياب تام لأى تحرك فعال من قبل الأمم المتحدة ومؤسساتها، وفى مقدمتها مجلس الأمن الدولي، فى مشهدٍ يعكسُ فشلاً سياسياً وأخلاقياً وإنسانياً غير مسبوق.
واتهم المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان الاحتلال بتصعيد غير مسبوق فى سياسة الإبادة الجماعية عبر واحدة من أكثر الهجمات دموية وفتكًا منذ بداية العدوان، وقال فى بيانٍ له: إن الاحتلال ارتكب مجازر جماعية وعمليات تدمير ممنهج لمنازل ومرافق مدنية، فى انتهاك فاضح لأحكام القانون الدولي، بهدف إفناء المجتمع الفلسطينى ومنع إمكانية عودته إلى مناطقه.
وطالب الدول التى تملك قوانين الولاية القضائية العالمية بإصدار مذكرات توقيف ضد المسئولين الإسرائيليين المتورطين، وإنشاء آلية دولية لحفظ الأدلة المتعلقة بجريمة الإبادة الجماعية فى غزة.
وأعلنت منظمة «منتدى الأسرى والمفقودين» إن إسرائيل أصبحت على بعد ساعات من «فرصة القرن الضائعة» مع تكثيف محارقها فى القطاع بدلا من التوصل إلى اتفاق لإعادة الأسرى والانضمام إلى المبادرات الدبلوماسية.
وقال المنتدى فى بيان له: «استيقظت عائلات الرهائن هذا الصباح بقلب ثقيل وخوف كبير إزاء التقارير التى تحدثت عن تكثيف الهجمات فى القطاع واقتراب نهاية زيارة الرئيس الامريكى دونالد ترامب إلى المنطقة».
وأضاف، الفرصة التاريخية الضائعة فشل إسرائيلى ذريع. ستبقى محاولات تعطيل المقترحات المطروحة على الطاولة محفورة فى الذاكرة مدى الحياة.
ويقول منتقدو الحكومة الإسرائيلية، إن عدم رغبة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فى تقديم تنازلات بشأن إنهاء الحرب فى غزة وإطلاق سراح الأسرى ترك إسرائيل على الهامش بينما وقع الرئيس الأمريكى اتفاقيات بمليارات الدولارات مع حلفائه فى الخليج.