خط أحمر
آخر ما يتوقعه المرء أن يصبح أهل غزة مادة للسخرية والاستهزاء، أو أن يكون على وجه الأرض قوم يتخذون من مأساة الفلسطينيين فى غزة مادة للعبث والتهريج.
هذا ما سوف تجده بامتياز فى تقرير نشرته مؤخرًا صحيفة الجارديان البريطانية، وأشارت إليه وسائل إعلام كثيرة من بينها صحيفة القدس العربى التى تصدر فى لندن، وكان صادرًا عن مجموعة مؤيدة لإسرائيل فى بريطانيا تسمى نفسها: محامون بريطانيون من أجل إسرائيل.
المجموعة تشبه لجنة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية التى توجد فى الولايات المتحدة، والتى تشتهر بأنها جماعة «إيباك» وتنحصر مهمتها فى الدفاع عن إسرائيل بالحق وبالباطل.. هذا إذا كان هناك ما يمكن أن يكون دفاعًا عن تل أبيب بالحق!
وعندما يتحدثون عن اللوبى اليهودى فى بلاد العم سام، فإنهم يقصدون هذه اللجنة على وجه التحديد، ويقصدون أن النفوذ اليهودى فى أمريكا يتخذ من إيباك هذه درعًا للوقوف فى وجه كل من يهاجم إسرائيل أو ينال من مصالحها.
وبالطبع فإن من حق إيباك أن تدافع عن إسرائيل وأن تدفع عنها، ولكن من حق كل عربى أن يتساءل عما إذا كان العرب المتواجدون فى الولايات المتحدة قد نجحوا فى تشكيل لوبى عربى فى المقابل، أم أن اليهود وحدهم هم الذين نجحوا فى ذلك؟
ورغم أن مجموعة المحامين البريطانية ليست بالقوة التى نعرفها فى إيباك، إلا أن تقرير الجارديان يقول إنها مجموعة افتقدت وتفتقد كل حس إنسانى، وأنها أبعد ما تكون عن المبادئ الإنسانية التى إذا افتقدها الإنسان افتقد كل الشرف، وكل المروءة، وكل الكياسة.. وكلها كما ترى أحاسيس إذا افتقدها الإنسان لا يصبح إنسانًا. المجموعة البريطانية تصف التجويع الذى مارسته وتمارسه حكومة التطرف فى تل أبيب ضد الفلسطينيين فى القطاع، بأنه أسهم ويسهم فى الحد من السمنة التى كان الغزاويون يعانون منها فى مرحلة ما قبل الحرب!
لك أن تتصور أن تكون المأساة الغزاوية هكذا فى نظر أعضاء مثل هذه المجموعة، ولك أن تتخيل أن يكون على ظهر الكوكب من يتطلع إلى ما أصاب الغزاويين بهذه العين الهازئة.. إن ما صدر عن مجموعة المحامين البريطانية يعيد تأكيد ما أكدته الحرب على غزة منذ يومها الأول، وهو أن أهل الغرب الذين عاشوا يعطوننا دروسًا فى حقوق الإنسان لم يكونوا يعنون ما يقولون فى أى وقت.