من بغداد.. إطلاق برامج عربية مشتركة لتعزيز الأمن الغذائي والمائي في القارة الإفريقية

في وقت تشهد فيه المنطقة العربية تحولات جيوسياسية واقتصادية عميقة، يأتي انعقاد الدورة الـ34 للقمة العربية في بغداد ليعزز مسارات التعاون المشترك، ليس فقط على المستوى العربي، بل أيضًا مع الشركاء الاستراتيجيين في القارة الإفريقية. وعلى هامش هذه القمة، برزت جهود الصندوق العربي للمعونة الفنية للدول الإفريقية كأحد الأدوات الفاعلة في تعزيز التضامن العربي - الإفريقي، من خلال سلسلة لقاءات رفيعة المستوى ناقشت سبل دعم التنمية المستدامة في إفريقيا، لاسيما في قطاعي الزراعة والموارد المائية، وهما ركيزتان حاسمتان لتحقيق الأمن الغذائي والمائي في ظل التحديات العالمية المتصاعدة.  

فبينما تستعد الدول الإفريقية لمواجهة تداعيات التغير المناخي وندرة المياه، تظهر المباحثات التي عقدها الصندوق مع المسؤولين العراقيين نية جادة لتعزيز نقل الخبرات وتنفيذ برامج تدريبية تخدم الكوادر الإفريقية، في خطوة تكرّس دور العراق كجسر للتعاون بين العالم العربي وإفريقيا.  

عقد الصندوق العربي للمعونة الفنية للدول الإفريقية، على هامش أعمال الدورة الـ59 لمجلس إدارته في بغداد، سلسلة لقاءات عمل مثمرة مع مسؤولين عراقيين رفيعي المستوى، وذلك بالتزامن مع انعقاد **القمة العربية الـ34. وجاءت هذه المباحثات استكمالًا لجهود الصندوق الرامية إلى تعزيز التعاون التنموي بين الدول العربية ونظيرتها الإفريقية، مع التركيز على مجالَي الزراعة والري، اللذين يشكلان أولوية قصوى في ظل الأزمات المناخية والغذائية العالمية.  

التقى السفير محند صالح لعجوزي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية ومدير عام الصندوق، بكل من عون دياب عبد الله، وزير الموارد المائية العراقي. و الدكتور مهدي سهر الجبوري، وكيل وزارة الزراعة.  

وفي كلمته خلال اللقاءين، أعرب السفير لعجوزي عن امتنانه للدعم العراقي المستمر للصندوق، ناقلًا تحيات أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، ومؤكدًا أن العراق يظل شريكًا أساسيًا في دعم مسيرة العمل العربي المشترك. كما قدم عرضًا مفصلاً حول أنشطة الصندوق وبرامجه الموجهة لبناء القدرات البشرية في إفريقيا، خاصة في المجالات المرتبطة بـالتنمية الزراعية وإدارة الموارد المائية.  

تعهدات عراقية بدعم التعاون الإفريقي

من جانبهم، أكد المسؤولون العراقيون على الاستعداد الكامل لدعم مبادرات الصندوق، والمشاركة في تنفيذ برامج تدريبية وتقنية تهدف إلى تطوير كفاءات الكوادر الإفريقية، انسجامًا مع مبدأ التضامن العربي - الإفريقي. كما أشادوا بالدور المحوري للصندوق في تعزيز الاستقرار والتنمية بالقارة السمراء.  

تمخضت المباحثات عن اتفاق مبدئي على إطلاق أنشطة مشتركة تشمل: تنظيم برامج تدريبية للخبراء والمهندسين الزراعيين الأفارقة، تبادل الخبرات في مجال إدارة الموارد المائية وتقنيات الري الحديثة، وتعزيز الشراكات الفنية بين العراق والدول الإفريقية في إطار أهداف التنمية المستدامة.  

تأتي هذه الخطوات في وقت تواجه فيه العديد من الدول الإفريقية تحديات جسيمة تتعلق بـالجفاف وتدهور الأراضي الزراعية، ما يهدد الأمن الغذائي لملايين السكان. وبالتالي، فإن تعزيز التعاون العربي - الإفريقي في هذه المجالات قد يشكل منفذًا استراتيجيًا لتحقيق الاستقرار والنهوض بالقطاع الزراعي، الذي يعتمد عليه أكثر من 60% من سكان القارة.  

يذكر أن الصندوق العربي للمعونة الفنية للدول الإفريقية يعد أحد أبرز أدوات جامعة الدول العربية لتنفيذ سياسات التضامن جنوب-جنوب، حيث نفذ عشرات المشاريع في أكثر من 30 دولة إفريقية منذ تأسيسه.