«أبوالنصر»: رواتب عمال النظافة فى مواعيد ثابتة وتعديلات قادمة لتحسين أوضاعهم المالية
المرأة.. أيقونة الكفاح التى تهزم قسوة الحياة بابتسامة

فى إطار متابعة أوضاع عمال النظافة، قامت «الوفد» بجولة ميدانية فى منطقة مصر القديمة للوقوف على الظروف التى يعيشها هؤلاء العمال الذين يعدون من أبطال العمل اليومى، فبينما يخوضون معركة يومية من أجل الحفاظ على نظافة الشوارع، يواجهون تحديات متعددة تشمل الإصابات المحتملة، تأثيرات الحرارة المرتفعة، وظروف العمل القاسية، ورغم هذه الصعوبات، يظهر عمال النظافة فى مصر القديمة كنماذج حية للإصرار والكفاح، حيث يواصلون أداء مهامهم بكل تفانٍ وحب للعمل، معتمدين على قوتهم الشخصية وعزيمتهم الصلبة.
وتسلط الجولة الضوء على التزام هؤلاء العمال فى تقديم أفضل خدمة للمجتمع، رغم جميع المخاطر التى يتعرضون لها، كما تبرز الجهود المتواصلة من قبل شركات النظافة والجهات المعنية لتحسين ظروف العمل وحماية حقوق هؤلاء العمال الذين لا يكلون فى خدمة وطنهم.
أكد اللواء وليد أبوالنصر، رئيس الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة، أهمية الالتزام بتوفير رواتب عمال النظافة فى مواعيد ثابتة ودقيقة دون تأخير يوم واحد، مشيراً إلى أنه يمارس ضغطاً مباشراً على شركات العمال لضمان صرف الرواتب فى أول الشهر، كحد أقصى يوم 5، قائلاً «أى شركة لا تلتزم بالشروط واللوائح الخاصة بالعمال لن تكون مؤهلة لدخول أى مناقصات عامة».
وأشار «أبوالنصر»، فى تصريح لـ«الوفد» إلى أن شركة القاهرة للخدمات البيئية وإلحاق العمالة تعتبر من الشركات المنظمة التى تلتزم بشكل كامل بتنظيم العمل، مؤكداً أنه لم تحدث أى مشاكل حتى الآن فيما يخص هذا الجانب».
وأوضح رئيس الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة، أن الهيئة تعمل على تعديل رواتب جميع العمال فى المرحلة القادمة بما يتماشى مع التحديات الاقتصادية وظروف العمل، لضمان حقوقهم وتحسين أوضاعهم المالية.
رعاية رغم قسوة المهنة

قال حسام أحمد، مدير تشغيل عمال النظافة بشركة القاهرة للخدمات البيئة وإلحاق العمالة بمنطقة مصر القديمة، إن الشركة تحرص على توفير الرعاية الصحية اللازمة لأى عامل يتعرض لإصابة أثناء العمل، موضحاً أن العامل المصاب يتم نقله فوراً إلى مستشفى قصر العينى لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة والاطمئنان على حالته الصحية، مشيراً إلى أن الشركة تلتزم بصرف راتب العامل المصاب بشكل كامل حتى أثناء فترة عدم العمل، حيث يرسل الراتب إلى منزل العامل مباشرة.
وأكد أحمد أن الشركة تعاملت مع سبع حالات إصابة حتى الآن، كان آخرها حالة الحاج رجب إسماعيل، الذى خضع لعملية تركيب شرائح ومسامير بعد تعرضه لحادث أثناء العمل، ومنطقة مصر القديمة تضم نحو 440 عامل نظافة، إلا أن الحاجة لا تزال قائمة لزيادة عدد العمال نظراً لمشروعات التطوير المستمرة فى المنطقة.
وفيما يتعلق بظروف العمل، أوضح أحمد أن العمال يعملون ثمانى ساعات يومياً، مع توفير فترات راحة متقطعة لتجنب الإصابات الناتجة عن درجات الحرارة المرتفعة، خاصة مع قدوم فصل الصيف، وأشار إلى أن الشركة تراعى توزيع العمال وفقاً لأعمارهم؛ حيث يكلف العمال الشباب بالعمل فى الشوارع الرئيسية، بينما يوزع العمال الأكبر سناً على الشوارع الداخلية والنقاط الثابتة.
وشدد مدير تشغيل عمال النظافة، على التزام الشركة بتوفير بيئة عمل آمنة ومريحة للعمال، مع مراعاة كل الإجراءات الاحترازية للحفاظ على صحتهم وسلامتهم خلال أداء مهامهم اليومية.
عاملة نظافة تتحدى الصعاب بابتسامة لا تنكسر

وأثناء الجولة رصدت عدسة «الوفد»، تعب السنين يحفر ملامحه على الوجوه المكافحة، ومن هؤلاء تقف نادية محمد، عاملة نظافة بشركة القاهرة للخدمات البيئة وإلحاق العمالة، فى أوائل الستين من عمرها، كرمز للصلابة والعزيمة، بابتسامة تنبض بالحياة، تواصل نادية رحلتها اليومية بين الشوارع والأرصفة، متجاهلة حرارة الشمس وصعوبة العمل.
حين سألنا نادية، عن راتبها الشهرى، أجابت بثقة وابتسامة لا تفارقها، «أنا قبضت أول أمبارح، قبضت 4100 جنيه، يوم 6 مايو 2025، والمعاملة طيبة، وراتبى فى جيبى زى ما هو، ما صرفتش منه جنيه واحد»، وتعمل نادية وسط فريق من العمال، حيث تحاط بروح المحبة والدعم، مع أن العمل شاق، إلا أنها تراه واجباً لا بد من أدائه بإخلاص، «إحنا هنا زى العيلة، بنتحمل مع بعض تعب الشوارع والشمس الحارقة، وكل واحد فينا بيهون على التانى».
تتحدى نادية قسوة الحياة بابتسامة أصيلة، تكسر بها حاجز المشقة وتواجه بها تعب الأيام، هى امرأة تحمل فى قلبها حباً للحياة وعزيمة لا تلين، لتثبت أن الكفاح ليس مجرد قصة تحكى، بل واقع تعيشه بكل حب وكرامة.
عاملة نظافة بين الزراعة والظروف الاقتصادية الصعبة
وفى حديث مع جلال سالم، 52 عاماً، من سكان العياط، يتبين كيف تواجه الحياة تحديات لا تنتهى، جلال يعمل كعامل نظافة فى وردية واحدة، بشركة القاهرة للخدمات البيئة وإلحاق العمالة، لكن ظروفه الحياتية تجبره على البحث عن المزيد من العمل، حيث يوازن بين وظيفته هذه وبين عمله الأساسى فى الأراضى الزراعية التى يعتمد عليها كمصدر رزق موسمى.
أوضح جلال أنه رغم الصعوبة التى يواجهها فى توزيع وقته بين مهنتين، إلا أنه مجبر على ذلك بسبب الظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد، قائلاً: «أنا بشتغل وردية واحدة فى النظافة، وفى أيام متقطعة بسبب شغلى فى الزراعة، بس اللى محتاجة دلوقتى هو وردية تانية عشان الظروف الاقتصادية صعبة جداً، وكل يوم بيعدى لازم أواجهه».
ورغم ضغوط العمل فى المجالين، يبقى جلال ثابتاً فى محاولاته لتوفير لقمة العيش لأسرته، مدركاً أن حياته ستكون أصعب كثيراً دون تلك الجهود المضاعفة، ومع الوضع الراهن، يبقى حلمه فى الحصول على فرصة عمل ثابتة يساعده فى مواجهة التحديات الاقتصادية اليومية، مؤكداً أن العمل الشاق لا يعجزه عن التفاؤل، جلال سالم، مثال حى على المواطن المصرى الذى يواجه الحياة بكل قوتها، بين الأرض والعمل، ليحارب الظروف ويكافح من أجل حياة أفضل لعائلته.
حماية عمال النظافة.. درع واقى ضد المخاطر اليومية
أكد المهندس المدنى أشرف محمود، من سكان مصر القديمة، على أهمية توفير وسائل حماية فعالة لعمال النظافة الذين يواجهون مخاطر كبيرة أثناء أداء مهامهم اليومية، ولفت محمود إلى أن عمال النظافة يتعرضون لمخاطر عدة، بدءاً من الزجاج المكسور والأجسام الحادة التى قد تكون مخبأة بين أكياس القمامة، وصولاً إلى الحرارة المرتفعة التى قد تضر بصحتهم.
وأشار محمود، إلى أن توفير حذاء سفتى يعد أمراً بالغ الأهمية لحماية أقدام العمال من الزجاج المكسور أو المواد الحادة التى قد يتعرضون لها فى الشوارع، قائلاً «لا بد أن يرتدى عمال النظافة حذاء سفتى، حيث يعد خط الدفاع الأول لحماية أرجلهم من الزجاج أو الأجسام الصلبة التى قد يدهسونها أثناء العمل».
وأضاف محمود، أن الجونتيات المخصصة لحماية اليدين يجب أن تكون جزءاً أساسياً من معدات العمال، فهى تسهم فى حماية اليدين من انتقال العدوى أو الإصابة بالجروح الناتجة عن الأجسام الحادة، مشدداً على ضرورة توفير غطاء رأس مناسب لحماية العمال من الشمس الحارقة، «مع الارتفاع الكبير فى درجات الحرارة، لابد من توفير غطاء رأس يحميهم من الإعياء أو الإصابة بضربات الشمس».