شهدت القاهرة يوم الجمعة الماضى انتخابات نقابة الصحفيين، هذه الانتخابات كانت محط اهتمام الرأى العام المصرى والعربى، وكان الكل ينظر إليها على ما ستنتهى إليه خاصة المنافسة بين نقيبين هما خالد البلشى النقيب الحالى وعبدالمحسن سلامة النقيب الأسبق بجانب منافسة شرسة على مقاعد مجلس النقابة الستة.
ولأننى كنت ضمن اللجنة المشرفة على هذه الانتخابات وكنت أتابع عن قرب ما يجرى فى العلن وفى السر من المرشحين والتربيطات التى كانت تجرى ومحاولات شيطنة الانتخابات من بعض الجهات وبعض الصحفيين المرتبطين بهذه الجهات ومحاولة جر النقابة إلى معارك ومشادات فى يوم الجمعية العمومية.
ولكن الصدمة لهم أن يوم الانتخابات مر بهدوء دون أى صدام وما فعلوه ومن مدّهم بمعلومات مغلوطة تطعن فى ذمم المرشحين رد عليهم وفازوا بل اكتسح من تعرضوا للهجوم من المرشحين، فالنقيب خالد البلشى تعرض لهجوم عنيف وتم إعادة نشر معلومات قديمة مست بأسرته، ونفس الأمر للزميل محمد شبانة الذى تعرض لهجوم عنيف أيضًا لكنه اكتسح، وهو درس مهم أن الهجوم على الأشخاص بدون أى معلومات حقيقية يتحول إلى حالة تعاطف معه وهى تنعكس على التصويت فى الانتخابات.
والأهم فى هذه الانتخابات وقبل الحضور المكثف هو التحول فى أخلاقيات الزملاء، ورغم أن اللجنة المشرفة أصدرت تعليمات بأن الأولوية فى التصويت لكبار السن وذوى الهمم، إلا أن الشباب كان من تلقاء نفسه رغم طول الطابور أمام اللجان يقدم كبير السن بل يساعده حتى يصل إلى لجنته بنوع من الحب والود ولم يعترض أحد على دخول رموز المهنة للتصويت وهى ظاهرة يجب أن نرصدها ونشجعها ونشكر شباب الصحفيين، هذا الجيل الصاعد الذى يمثل الآن أكثر من 50% من الجمعية العمومية.
ويأتى الإقبال على الانتخابات فلأول مرة فى تاريخ النقابة يزيد عدد المصوتين على 60% من عدد المقيدين فى جدول الجمعية العمومية، ومن هؤلاء 1500 صحفى يعملون بالخارج ولم يتمكنوا من الحضور، وبحسبة بسيطة يكون العدد تجاوز 75% من الصحفيين الموجودين فى مصر، والإقبال على الانتخابات رسالة إلى كل من يهمه الأمر بأن الصحفيين خلف نقابتهم وخلف من فاز للدفاع عن حقوق الصحفيين وعلى رأسها حرية الرأى والتعبير، لأن دائرة التغيير إن بدأت فى مكان سوف تصل إلى أماكن أخرى.
الانتخابات كشفت خطأ قرار تجميد التعيينات الجديدة فى المؤسسات الصحفية الحكومية لمدة تزيد على 10 سنوات وغياب ضخ دماء جديدة فى هذه الصحف، بجانب إجبار الزملاء ممن يخرج إلى المعاش فى المؤسسة على التقدم للخروج على المعاش بالنقابة وبالتالى يفقد أهم ميزة وهى التصويت فى الانتخابات، وهذان الإجراءان جعلا الصحف القومية أقلية وفقدت السيطرة الحقيقية على الجمعية العمومية.
انتخابات الصحفيين حملت رسائل عديدة إلى كل الهيئات والجهات فى مصر، ولكنها أظهرت أن الشعب المصرى يستحق الديمقراطية ويستحق انتخابات حرة نزيهة ومن حقه ممارستها، لأن الديمقراطية والحرية هما ضمان الاستقرار لأى أمة أو مؤسسة.