رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

فى سنة 1886 كان العمال فى كبرى مصانع العالم فى الولايات المتحدة يعانون من أوضاع عمل قاسية، حيث كانوا يتلقون أجورًا هزيلة، وتطول ساعات العمل لديهم إلى عشر واثنتى عشرة ساعة، وربما أكثر. لم يكن لديهم تأمين صحى يتكفل بعلاج من يسقطون ضحية مرض أو يتعرضون لإصابة، وكانوا يعانون جوعًا وبؤسًا وحرمانًا وتعنتًا من قبل مديريهم. وهكذا فقد دعوا إلى إضراب كبير فى ميدان هاى ماركت بشيكاغو للتعبير عن مطالبهم، غير أن الإضراب تحول إلى هرج وشغب وفوضى وهو ما نتج عنه سقوط عدد من الضحايا.

مثلت هذه الواقعة بداية لاهتمام عام بحقوق العمال، ففى العام التالى تبنت اتحادات العمال الدولية الدعوة لتقليل عدد ساعات العمل إلى ثمانى ساعات يوميًا، وعمت الدعوة كثيرًا من دول أوروبا بعد أن نشرتها كبريات الصحف. وبالفعل تم اعتماد يوم الأول من مايو سنة 1890 موعدًا لتنظيم مظاهرة دولية كبرى لمنح العمال حقوقهم، وهو ما تكلل بوضع قواعد أساسية لحقوق العمال. ومن يومها تحتفل دول العالم بعيد العمال تعبيرًا عن امتنان مستحق لكل عامل يؤدى عملًا يخدم المجتمع، وهو ما نحتفل به اليوم فى مصر.

ويبدو عيد العمال هذا العام مختلفًا عن الأعوام السابقة لأنه يحل بعد أيام من إقرار البرلمان لقانون عمل جديد يستهدف تحقيق موازنة فى العلاقة بين العمال وأصحاب الأعمال، ويُحفّز الشباب على العمل فى القطاع الخاص، مُحددًا قواعد وأسساً تساعد فى زيادة الإنتاج وتحقق الاستقرار فى بيئة العمل.

وفى الحقيقة، فإن هذا القانون استحدث نصوصًا تواكبت مع التطورات الجارية فى بيئة العمل فى العالم، ونظمت العلاقة مع الشركات العالمية والأجنبية العاملة فى مصر، فوضعت قواعد للاستعانة بالعمالة الأجنبية دون إضرار بالعمالة المحلية، وأتاحت سبلًا لنقل الخبرات الجديدة إلى سوق العمل، وقننت حالات إغلاق المنشآت نتيجة أى ظروف غير مواتية.

كما نص القانون على احترام حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم بما يعكس التزام مصر بالتشريعات الدولية فى هذا الصدد.

فضلًا عن إتاحة الفرصة لوكالات التشغيل للقيام بأدوار مهمة فى اختيار العمال وفق معايير الكفاءة والخبرة، مع تبسيط إجراءات التراخيص لهذه الوكالات.

كذلك فقد عالج القانون الجديد أنماط العمل الجديدة بما فى ذلك العمل عن بعد، والعمل عبر المنصات الرقمية، والعمل لبعض الوقت، والعمل المرن فى أوقات غير متصلة، وتقاسم العمل مع أشخاص آخرين مقابل أجر يتفق عليه.

لكن أهم ما تضمنه القانون الجديد هو التشديد على أهمية تطوير مهارات العمال المهنية سواء فى المؤسسات الحكومية أو القطاع الخاص، بشكل مستمر، ومن هنا، يخفف القانون الأعباء المالية على المنشآت التى تعتمد برامج تدريب لمواردها البشرية.

فالتدريب بشكل خاص يمثل نقطة ضعف شديدة فى قطاعات الإنتاج فى مصر، ولا بد من وضع صيغ واضحة لتفعيل برامج تدريب حقيقية وفعالة فى الصناعة، خاصة إن كنا جادين فى تبنى زيادة صادرات مصر إلى 145 مليار دولار بحلول عام 2030.

وأتصور أن مصر غنية بكوادرها المتميزة الجادة المخلصة والطموحة فى مختلف المجالات، ولديها فرص نمو اقتصادى حقيقية تستند على قدرات الموارد البشرية، لكنها فى حاجة لمنظومة عليا لتفعيلها وتطويرها بما يحقق المصلحة العليا للاقتصاد المتطور والإنتاجية الكبيرة، ومصلحة كل فرد عامل فى حياة لائقة ومستقرة وكريمة.

وكل عام وعمال مصر بخير وتفوق. وسلامٌ على الأمة المصرية.