رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

تصاعد الاحتجاجات ف الولايات المتحدة

أمريnا تنتفض ضـــد تـــرامب

بوابة الوفد الإلكترونية

 

 «دع غزة تعيش». . وأعلام فلسطين تسيطر على المظاهرات 

 

شهدت عدة مدن أمريكية السبت موجة واسعة من الاحتجاجات الغاضبة تحت شعار «ابتعدوا عنا!»، حيث نزل مئات الآلاف إلى الشوارع رفضاً لما وصفوه بانحراف خطير فى السياسات الفيدرالية التى يقودها الرئيس دونالد ترامب ومستشاره فى وزارة كفاءة الحكومة، رجل الأعمال المثير للجدل إيلون ماسك. الاحتجاجات جاءت كرد فعل متصاعد على إجراءات حكومية اعتبرت تهديداً مباشراً لبرامج الرعاية الاجتماعية والتعليم والصحة، وضربة قاصمة لوظائف القطاع العام. 

غطت الاحتجاجات كل الولايات الأمريكية الخمسين، وأقيمت فى أكثر من 1200 موقع داخل البلاد وخارجها، تميزت بزخم غير مسبوق. أظهرت صور ومقاطع مصورة تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعى مشاهد لحشود هائلة فى مناطق متفرقة من البلاد، من سانت أوغسطين بفلوريدا إلى سولت ليك سيتى، وحتى فرانكفورت الماطرة بولاية كنتاكى، حيث تجاهلت الجماهير الطقس السيئ وخرجت فى طوابير حاشدة ترفع مطالب اجتماعية وسياسية وإنسانية. البعض لوح بأعلام أوكرانيا، وآخرون ارتدوا الكوفية الفلسطينية ورفعوا لافتات كتب عليها «فلسطين حرة»، فى حين اعتلى عدد من النواب الديمقراطيين خشبة الاحتجاجات لانتقاد سياسات ترامب بشكل مباشر. 

تزامن ذلك مع احتجاجات سابقة شهدتها منشآت شركة تسلا المنتشرة فى أنحاء البلاد، بعد أن قامت وزارة كفاءة الحكومة (DOGE)، بقيادة ماسك، بقرار مفاجئ يقضى بتسريح 200 ألف موظف فيدرالى. الخطوة اعتبرت من قبل المحتجين بمثابة عدوان مباشر على الاستقرار الاقتصادى لعائلات بأكملها، فيما وصف ترامب هذه التحركات الاحتجاجية، التى انزلق بعضها لأعمال عنف محدودة، بأنها «إرهاب محلى». 

قدر منظمو الفعاليات أعداد المشاركين بأكثر من 600 ألف شخص سجلوا أنفسهم للمشاركة، مؤكدين أن المظاهرات لم تقتصر على الداخل الأمريكى فقط، بل امتدت إلى عواصم عالمية مثل باريس وبرلين ولشبونة، فى رسالة تضامن دولية ضد ما يصفه النشطاء بـ»محاولة سيطرة الأوليغارشية على مفاصل الحكم». المطالب كانت واضحة: حماية الضمان الاجتماعى، ووقف تدخلات ماسك فى سياسات الدولة، ورفض الترحيلات الجماعية، ومنع تقليص تمويل البرامج البيئية والتعليمية والصحية. 

أمام حشد كبير فى ناشيونال مول بواشنطن العاصمة، تحدث عدد من أعضاء الكونغرس الديمقراطيين، منهم إلهان عمر، وجيمى راسكين، وماكسويل فروست، مؤكدين أن البلاد تمر بلحظة مفصلية. وقال راسكين: «إنهم يعتقدون أن الديمقراطية محكوم عليها بالزوال، ويعتقدون أن تغيير النظام قادم علينا إذا تمكنوا فقط من الاستيلاء على نظام المدفوعات لدينا».

فى نفس السياق، اعتبرت منظمات حقوقية بارزة أن الإجراءات الأخيرة تعد استهدافاً مباشراً للمجتمعات الضعيفة، بما فى ذلك مجتمع الميم، والطلاب الأجانب، واللاجئين القانونيين. وفى مشهد لافت، عبر بعض من أنصار ترامب السابقين عن ندمهم. راميش بودرام، أحد كبار السن من سكان نيويورك، قال: «أنا مواطن كبير فى السن، ويريد التدخل فى شيكات الضمان الاجتماعى الخاصة بنا. هذا ليس بالأمر اللطيف». وأضاف: «ظننت أن الوضع سيكون أفضل قليلاً. قال إنه سيخفض أسعار البنزين والسوبرماركت، لكن هذا لم يحدث». 

كما علقت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، ليز هيوستن، فى بيان رسمى بأن «موقف ترامب واضح: سيحمى دائماً الضمان الاجتماعى والرعاية الطبية للمستفيدين المؤهلين»، موجهة اتهاماً للديمقراطيين بأنهم يريدون «منح تلك المزايا للمهاجرين غير الشرعيين، مما سيؤدى إلى إفلاس البرامج وسحق كبار السن الأمريكيين»، بحسب تعبيرها. 

رد الفعل الشعبى، بحسب تصريحات قادة المنظمات المنظمة للمسيرات، ليس إلا البداية. ليا جرينبرج، المديرة التنفيذية لمنظمة «إنديفيزيبل»، قالت: «نريد أن نرسل إشارة إلى جميع الأشخاص والمؤسسات التى أظهرت طاعة متوقعة لترامب وأظهرت استعدادها للخضوع، بأن هناك فى الواقع حركة عامة جماهيرية مستعدة للنهوض ووقف هذا». وتابعت: «إذا نهض قادتنا السياسيون، فسندعمهم. نريدهم أن ينهضوا ويحموا قواعد الديمقراطية».

بينما تجاهل ترامب الاحداث حيث كان منشغلاً بلعبة جولف فى فلوريدا وقت ذروة الاحتجاجات، فيما رد ماسك على منشور اتهم «مليارديرات الديمقراطيين» بتمويل الاحتجاجات قائلاً على منصة X: «ستتم محاسبتهم». 

كما دخلت نائبة الرئيس السابقة، كامالا هاريس، على الخط، فغردت عبر منصة «إكس» قائلة: «اليوم، فى كل ولاية فى جميع أنحاء بلادنا، يقف الأمريكيون فى وجه الإدارة بينما تنفذ مشروع 2025 بأقصى سرعة»، مشيدة بأصوات العمال والمتظاهرين، ومؤكدة أن «أصوات العمال ستظل دائماً أعلى من أصوات المليارديرات غير المنتخبين». 

أما النائب الديمقراطى آل جرين، فذهب أبعد من ذلك، حين وعد بتقديم مواد عزل ضد ترامب خلال الثلاثين يوماً المقبلة، قائلاً خلال كلمة ألقاها فى أحد التجمعات: «أنتم لا تستحقون المنصب الذى تشغلونه. لا يمكن أن يؤتمن عليكم على الحرية والعدالة للجميع. لا يمكن أن يؤتمن عليكم على حكومة الشعب من الشعب ولصالح الشعب». وظهر مرتدياً قميصاً كتب عليه «منتقد وليس مسكتاً»، مضيفاً: «أنا قادم إليك». 

جاءت هذه التطورات بعد تراجع ملحوظ فى سوق الأسهم الأمريكية إثر إعلان ترامب عن فرض رسوم جمركية جديدة، ما تسبب فى تداعيات اقتصادية انعكست مباشرة على المزاج الشعبى، وانخفاض نسبة تأييد ترامب إلى 43%، وهو أدنى مستوى له منذ بداية ولايته الحالية، بحسب استطلاع رأى أجرته وكالة رويترز. 

وفى خضم هذا المشهد السياسى المضطرب، خرج الرئيس السابق باراك أوباما ليدعو المواطنين والجامعات والشركات القانونية إلى مقاومة ما وصفه بـ»الأجندة التسلطية لترامب»، قائلاً فى خطاب له بجامعة هاميلتون: «لقد كان من السهل خلال معظم حياتنا أن نقول إننا نؤيد العدالة الاجتماعية دون أن نضطر لدفع ثمن ذلك. أما الآن، فنحن أمام لحظة حاسمة تتطلب الفعل لا القول فقط». وأضاف: «إذا كنت جامعة، فقد تضطر إلى التفكير: هل نحن، فى الواقع، نسير على الطريق الصحيح؟ هل انتهكنا قيمنا أو القانون بأى شكل؟ إذا لم يكن الأمر كذلك، وكنت تتعرض للترهيب فقط، يجب أن تكون قادراً على القول: هذا هو السبب وراء حصولنا على هذه الهبة الكبيرة». 

وأكد أوباما رفضه لقرار إدارة ترامب بسحب التمويل الفيدرالى من الجامعات الكبرى بسبب ما وصفته الإدارة بأنه «تحريض على معاداة السامية»، مشيراً إلى أن هذا القرار يمثل خطراً على حرية التعبير والحريات الأكاديمية. وختم بالقول: «من غير المتصور أن نفس الأحزاب التى تلتزم الصمت الآن قد تتسامح مع سلوك مثل هذا منى أو من مجموعة كاملة من أسلافى». 

بهذا المشهد، يبدو أن «غضب السبت» قد يكون بداية موجة أوسع من المقاومة الشعبية والسياسية، ضد إدارة يرى فيها كثيرون تهديداً حقيقياً لمبادئ الديمقراطية الأمريكية.