بجوائز تصل إلى 35 ألف جنيه.. الأوقاف تطلق مسابقة القراءة الحرة للجميع

في خطوة تحمل بين طياتها روحًا حضارية تعكس جوهر الإسلام الحقيقي، أعلنت وزارة الأوقاف عن إطلاق مسابقة القراءة الحرة لجميع فئات المجتمع، لتكون نافذة جديدة نحو إحياء قيمة عظيمة طالما أكد عليها الدين الحنيف: قيمة القراءة، تلك العبادة العقلية التي كانت أول ما أمر به الوحي في غار حراء.
لقد كانت كلمة "اقرأ" هي أول أمرٍ إلهي نزل به جبريل على قلب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، في لحظة شكّلت نقطة تحوُّل في التاريخ الإنساني كله. لم تكن القراءة في الإسلام يومًا وسيلة للعلم الدنيوي فقط، بل كانت طريقًا إلى الفهم، والهداية، واستيعاب آيات الكون والحياة والنفس.
القراءة.. دعامة للفكر المستنير
ولأن الأمة لا تنهض إلا بالعلم، ولأن الأفكار لا تُصحَّح إلا بالمعرفة، جاءت هذه المسابقة التي تطلقها وزارة الأوقاف كجزء من مشروع تنويري وطني يسعى لتصحيح المفاهيم المغلوطة، وترسيخ الفكر الوسطي، ونشر مكارم الأخلاق والقيم التي نادى بها الإسلام منذ فجر الدعوة.
اللافت في هذه المسابقة أنها لا تقتصر على المتخصصين في الشأن الديني فقط، بل تشمل فئات متعددة من المجتمع: من الأئمة والواعظات إلى الأطباء والمهندسين والمعلمين والطلاب، لتؤكد أن القراءة ليست ترفًا فكريًا ولا حكرًا على فئة دون أخرى، بل هي حقٌّ للجميع وواجبٌ على الجميع.
كتب مختارة.. ومقاصد سامية
اختارت الوزارة كتبًا عميقة في معناها وسهلة في لغتها لتناسب كل المشاركين، فجاء "الفقه الواضح" و"الفقه الميسر" ليرسِّخا فهم العبادات على بصيرة، إلى جانب "جامع العلوم والحكم" لابن رجب الحنبلي الذي يعرض جوامع الكلم النبوي بلغة رقيقة، و"فضائل مصر ومزايا أهلها" ليغرس حب الوطن في النفوس.
جوائز قيمة لتحفيز العقول
ولم تتوقف المبادرة عند حدود الدعوة النظرية، بل رصدت جوائز مالية سخية تصل إلى 35 ألف جنيه للفائز الأول، في محاولة واضحة لجعل القراءة عادة اجتماعية محبَّبة ومحفَّزة، وليس مجرد نشاط فردي موسمي.
القراءة عبادة.. لا عادة
ربما نحتاج اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى أن نعيد تعريف القراءة كعبادة، كما فهمها الصحابة والسلف الصالح. فقد كان الصحابة يقرأون القرآن والعلم ويعتبرونه طريقًا للتقرب إلى الله، وكان العلماء يُدركون أن "طلب العلم فريضة"، وأن "مداد العلماء أفضل من دماء الشهداء" كما ورد في الحديث.
المعارف لا تنهض من فراغ، والحضارات لا تُبنى على الجهل، والمسلم الواعي هو الذي يقرأ ليعقل، ويفهم ليصلح، ويتعلّم ليعبد الله على علم لا على تقليد، مسابقة الأوقاف إذًا ليست مجرد تنافس على جائزة، بل هي نداءٌ إلى الأمة: اقرأوا.. فإن القراءة حياة، والإسلام دين حياة.