فاجأ المصريون العالم صباح عيد الفطر المبارك، حيث امتلأت الساحات بالمصلين، الذين امتزجت فرحتهم بمشاعر من التضامن والغضب تجاه ما يعيشه إخوانهم فى قطاع غزة فى ظل العدوان الإسرائيلى الغاشم، فقد ساد شعور بين الشعب المصرى بدون اتفاق مسبق أو ترتيب بأن العيد لا يكتمل إلا بنصرة فلسطين والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطينى فى محنته المستمرة. لذلك تحولت ساحات العيد بعد الصلاة إلى ساحات تضامن، حيث خرج المصريون فى مظاهرات حاشدة، يهتفون ضد العدوان الإسرائيلى، ويجددون دعمهم للرئيس والقيادة السياسية فى اتخاذ كل ما يلزم لحماية الأمن القومى المصرى والعربى.
لم تكن هذه المظاهرات مجرد رد فعل لحظى على الأحداث الجارية، بل كانت امتداداً لموقف تاريخى متجذر فى وجدان المصريين. فمنذ عقود طويلة، ظلت القضية الفلسطينية حاضرة فى الوعى الشعبى المصرى، لا باعتبارها قضية تخص الفلسطينيين وحدهم، بل باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى، ومن مصير الأمة العربية بأسرها.
وعلى مدار الحروب والصراعات التى شهدتها المنطقة، كانت مصر دائمًا فى طليعة المدافعين عن حقوق الفلسطينيين، وقدّمت تضحيات جسيمة على مدار التاريخ. واليوم، رغم التحديات الداخلية والإقليمية، لا يزال المصريون يرون فى دعم فلسطين واجباً لا يمكن التخلى عنه.
وأن تأتى هذه التظاهرات مباشرة بعد صلاة العيد، فذلك يعكس عدة دلالات مهمة. أولاها أن القضية الفلسطينية لم تفقد مكانتها فى قلوب المصريين، بل إنها تأتى فى مقدمة أولوياتهم حتى فى لحظات الفرح. ثانياً: أن التظاهر عقب الصلاة يضفى بُعداً روحانياً على الموقف، حيث يرى المصريون فى دعم المظلومين ونصرة الحق امتدادا لقيم العدل التى يدعو إليها الدين. وأخيراً، رسالة واضحة للعالم بأن التضامن مع فلسطين ليس مجرد موقف سياسى للدولة، بل هو إحساس شعبى عام، يعبر عنه المصريون بكل وضوح كلما أُتيحت لهم الفرصة.
أما على الصعيد السياسى، فقد لعبت مصر دوراً محورياً منذ بداية العدوان الأخير على غزة، حيث قادت جهوداً دبلوماسية مكثفة للضغط على إسرائيل من أجل وقف عملياتها العسكرية، كما قدمت مبادرات للتهدئة، رغم تعنت الاحتلال. وفى الوقت نفسه، لم تتوقف عن تقديم المساعدات الإنسانية، حيث فتحت معبر رفح أمام المصابين والجرحى، وأرسلت قوافل الإغاثة إلى القطاع، لتثبت مرة أخرى أنها السند الحقيقى للفلسطينيين فى أوقات المحن.
وفيما يتعلق بالصعيد الأمنى، فقد كان الموقف المصرى واضحاً فى رفض أى محاولات لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، معتبرة أن ذلك تهديد مباشر للأمن القومى المصرى، وهو ما أكدته القيادة السياسية بشكل قاطع، رافضة أى حلول على حساب السيادة المصرية، لذلك المشهد الذى شهدته مصر صباح عيد الفطر المبارك هو تأكيد جديد على أن المصريين، رغم انشغالاتهم وظروفهم، لا ينسون واجبهم تجاه أشقائهم فى فلسطين فكانت رسالة تحمل معانى القوة والوحدة، وتجدد التأكيد على أن مصر، قيادة وشعبا، لن تقف صامتة على ما يحدث، وأنها ستظل دائمًا فى صف الحق والعدالة.
وأخيراً.. العدوان على غزة ليس مجرد صراع بين طرفين، بل هو قضية تمس استقرار المنطقة بأسرها، ومصر بحكم موقعها ودورها التاريخى، تدرك جيداً أن أى تهديد لفلسطين هو تهديد مباشر لأمنها القومى. ولهذا، فإن موقفها الثابت والداعم للقضية الفلسطينية هو جزء من رؤية استراتيجية تهدف إلى حماية الاستقرار الإقليمى ومنع أى محاولات لتصفية القضية الفلسطينية.
اليوم، وفى كل يوم، يؤكد المصريون أن فلسطين ليست قضية بعيدة عنهم، بل هى جزء من هويتهم، وأنهم، فى كل عيد، وفى كل مناسبة، سيظلون يجددون العهد بأن الحق الفلسطينى لن يُنسى، وأن مصر ستظل دائمًا الحصن المنيع الذى يدافع عن الأمة وقضاياها العادلة.