علماء يحددون بكتيريا لمكافحة الآفات الحشرية

تمكن علماء روس من جامعة نوفوسيبيرسك الزراعية الحكومية في روسيا وبالتعاون مع فريق بحث دولي، من تحديد نوع من البكتيريا يعرف بـ(Bacillusthuringiensis) لمكافحة الآفات الحشرية، وتطوير نوع جديد من المبيدات الحشرية.

ووفقا للدراسة التي نشرتها مجلة "scientificrussia" (نأوتشنايا روسيا) العلمية، فإن بكتيريا عصية تورينجينسيس(Bacillus thuringiensis)، بعد ثلاثة أيام من النمو في وسط صلب (قاعدة مغذية لزراعة الكائنات الحية الدقيقة، والتي لها بنية كثيفة) تسبب ضعف معدل وفيات يرقات الدودة الشمعية مقارنة بالبكتيريا المزروعة في وسط مغذ سائل.
وهكذا، في اليوم الثالث من النمو على وسط صلب، تحتوي مستعمرات الكائنات الحية الدقيقة على عدد أكبر من الجراثيم والسموم، ما يجعلها أكثر خطورة على الآفات. وستساعد البيانات المتعلقة بكيفية عيش وتطور بكتيريا(Bacillus thuringiensis) في ابتكار مبيدات حشرية بيولوجية فعالة، وهي مستحضرات تعتمد على الكائنات الحية الدقيقة لحماية النباتات من الآفات.
وفي الوقت نفسه، تعتبر البكتيريا آمنة للإنسان والحشرات المفيدة، مثل النحل والخنافس، لأن سمومها تؤثر فقط على مجموعات معينة من الحشرات يتم إنتاج هذه المواد، وخاصة سموم "كراي توكسين"، بواسطة البكتيريا أثناء تكوين الجراثيم، وهي هياكل ضرورية للبقاء على قيد الحياة في ظل الظروف غير المواتية.
عندما تدخل سموم "كراي توكسين" إلى جسم الحشرة مع الجراثيم، فإنها تدمر أمعاءها، ما يؤدي إلى الموت. وتوفر جراثيم (Bacillus thuringiensis) للبكتيريا مقاومة للظروف الخارجية، وعندما تنبت في أمعاء الحشرة، فإنها تطلق إنزيمات إضافية تعمل على تعزيز تأثير "كراي توكسين"، وتوفر سيطرة فعالة على مناعة الآفة. كل هذا يجعل بكتيريا(Bacillus thuringiensis) مناسبة لحماية النباتات من الآفات في الزراعة.
بمجرد دخولها إلى جسم الحشرة، تمر بكتيريا (Bacillus thuringiensis) بثلاث مراحل من التطور. في البداية، تتكاثر البكتيريا بشكل نشط في جسم المضيف، وتنتج عوامل الضراوة "سلاح" البكتيريا الذي يمكن أن يعزز تأثير سموم "كراي توكسين" أو يساعد في تجنب مناعة المضيف ويسبب وفاته.
ثم تستخدم البكتيريا العناصر الغذائية من الخلايا الميتة للحشرة بعد موتها (مرحلة النخر) وأخيرًا، في غياب العناصر الغذائية، تشكل الأبواغ وسمومًا جديدة من أجل البقاء (مرحلة التبوغ). علاوة على ذلك، يمكن للبكتيريا أن تنمو في كل من البيئات السائلة والصلبة. ويستخدم الوسط السائل في أغلب الأحيان في الإنتاج البيوتكنولوجي للمستحضرات الحيوية ويحاكي عن بعد الظروف التي تتواجد فيها البكتيريا في الدم للحشرة، في حين أن الوسط الصلب هو الموطن الطبيعي للبكتيريا خارج المضيف، على سبيل المثال، على أوراق النبات وسطح التربة. ومع ذلك، ظل من غير الواضح كيف أثرت هذه الظروف على استراتيجية تطوير البكتيريا ومدى ضراوتها، أي قدرتها على التسبب في موت الحشرة عند الإصابة بها.
قام العلماء بمقارنة كيفية تأثير ظروف نمو (Bacillus thuringiensis) في وسط سائل أو على سطح صلب، وكنموذج للحشرات، استخدم الباحثون مجموعة مخبرية من يرقات عثة الشمع، التي تتغذى في الطبيعة على العسل وخبز النحل وأقراص العسل في خلايا النحل، مما يسبب ضرراً لتربية النحل.
وفي الدراسة، قام العلماء بزراعة بكتيريا (Bacillus thuringiensis) في ظل ظروف مختلفة وقاسوا معدل النمو وتكوين الأبواغ، بالإضافة إلى نشاط الجينات المرتبطة بالضراوة. وقد تم استخدام هذه البكتيريا بعد ذلك لإصابة يرقات عثة الشمع لمقارنة مدى فعالية الكائنات الحية الدقيقة المزروعة في ظل ظروف مختلفة في قتل الحشرات.
وأظهرت النتائج أن البكتيريا التي نمت كمستعمرات على وسط صلب لمدة ثلاثة أيام، تسببت في ضعف معدل وفيات اليرقات مقارنة بالبكتيريا التي نمت في وسط سائل. خلال هذه الفترة، احتوت المستعمرات على عدد أكبر من الجراثيم وسموم "كراي توكسين"، ما أدى إلى ارتفاع معدل وفيات الحشرات عند الإصابة ومع ذلك، بحلول اليوم السابع من النمو، اختفت الاختلافات في الضراوة بين البكتيريا المزروعة في ظل ظروف مختلفة، حيث أكملت معظم الخلايا في كلا المجتمعين عملية تكوين الأبواغ وإنتاج سموم كراي.
كما قام العلماء بفحص نشاط الجينات الرئيسية التي تتحكم في دورة حياة بكتيريا (Bacillus thuringiensis)، وتبين أنه على وسط صلب، كان نشاط الجين المسؤول عن مرحلة تكوين الأبواغ وإنتاج سموم "كراي توكسين" أعلى بشكل ملحوظ بحلول اليوم الثالث من النمو مقارنة بالوسط السائل. علاوة على ذلك، كان نشاط الجين المسؤول عن إنتاج عوامل الضراوة الإضافية مرتفعًا في كل من البكتيريا السائلة والصلبة. ومع ذلك، بالنسبة للبكتيريا في وسط سائل في غياب سموم "كراي توكسين"، فإن هذا لم يوفر أي ميزة.
لذا فإن الفرق هو أنه في الوسط الصلب بالبيئة، تبدأ عملية تكوين الأبواغ وإنتاج سموم البكتيريا في وقت مبكر، مما يجعل البكتيريا أكثر خطورة على الآفات الحشرية. بالإضافة إلى ذلك، يحدث "تقسيم العمل" داخل هذه المجموعة البكتيرية. تشارك بعض الخلايا في تكوين الأبواغ وإنتاج سموم "كراي توكسين"، في حين تنتج خلايا أخرى بشكل نشط عوامل ضراوة إضافية. ويشير العلماء إلى أن هذا التنوع في مراحل الحياة يسمح لمجموعات الكائنات الحية الدقيقة بالتكيف بشكل أفضل مع الظروف البيئية المتغيرة وزيادة قدرتها على البقاء.
وتقول رئيسة المشروع الدكتورة إيكاترينا غريزانوفا، الباحثة الرائدة والأستاذة المشاركة في قسم وقاية النبات في جامعة نوفوسيبيرسك الزراعية الحكومية: "في الدراسات المستقبلية، نخطط لدراسة دورة حياة مجموعات(Bacillus thuringiensis) في جسم الحشرات بعد الحقن، مما سيساعد على فهم أفضل لكيفية تكيف البكتيريا مع الظروف المختلفة داخل المضيف وكيفية جعل المستحضرات الحيوية أكثر فعالية".