رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

بدأنا من التجميع ثم التعبئة والتوزيع

"الوفد" تكشف العالم السري لرحلة الزيوت المستعملة في الدقهلية

قائد تروسيكل لنجميع
قائد تروسيكل لنجميع الزيت المستعمل سمح بالتصوير خلال سيره

 في نهار وليل شهر رمضان، تتجول عربات الموت التي تسمى "بالترسيكلات" لتحمل بين جنباتها جراكن كبيرة مطلوب من صاحبها ملؤها بكميات هائلة يوميًا من الزيوت المستعملة التي يقوم بتجميعها من ربات البيوت في مدن وقرى الدقهلية المختلفة"، ترقبنا خط سير هذه الترسيكلات في محاولة للوصول إلى العالم السري لتلك التجارة الخفية التي تتسبب بشكل مباشر في تدمير صحة الملايين من مواطني الدقهلية!!

البداية:

 تبدأ رحلة تجارة الموت في الزيوت المستعملة من قيام أصحاب مصانع إعادة تدوير الزيوت المستعملة بتأجير "ترسيكلات" والاتفاق مع أصحابها على جمع كميات كبيرة يوميًا لتنطلق الترسيكلات في القرى والنجوع والعزب الصغيرة، بالإضافة إلى المدن الكبرى ومع الترسيكلات "عدة الشغل"، وهي جركن أو اثنان من الجراكن الزرقاء الكبيرة، ومكبر صوت بجميع مشتملاته يتم تشغيله من بطارية الترسيكل وشاب في العشرينات من العمر يتمتع ببنية قوية، ويتغلغل التروسيكل في الحواري الشعبية الضيقة حتى يبتعد عن أية محاولات للفت النظر!!

ست البيت:

بعدها يقوم الشاب العشريني باستخدام لهجة جذابة في مكبر الصوت لتشجيع ربات المنازل على تجميع كل ما يتوفر لديهن من الزيوت المستعملة، وغالبًا تكون من نتاج تحمير البطاطس، أو الدجاج، أو الأسماك، ومع انتشار الترسيكلات بشكل كبير ربما لا تجد ربة المنزل فرصة لتخزين أي كميات إضافية، فهي تقوم ببيع كل ما يتوفر لديها أوَلا بأول، فالسعر مغرٍ جدًا، بدءًا بعشرة جنيهات ووصل الآن إلى 35 جنيهًا للكيلو، والآن تبدأ العبارة الشهيرة التي يرددها الشاب العشريني "نشتري بواقي زيت الطعام المستعمل، نشتري بواقي زيت قلي السمك، الكيلو بـ35 جنيهًا، فكري يا ست البيت".

مرحلة تجميع الزيوت المستعملة من المنازل
مرحلة تجميع الزيوت المستعملة من المنازل
التقطنا صور الجراكن الصفراء بعد تعبئتها بمخازن المنصورة
التقطنا صور الجراكن الصفراء بعد تعبئتها بمخازن المنصورة
هنا مرحلة التجميع في مصانع تمهيدا لتوزيعها على المحلات
هنا مرحلة التجميع في مصانع تمهيدًا لتوزيعها على المحلات

الوقوع بالفخ:

 تقع بالفعل ست البيت في الفخ، وتقوم ببيع ما تحتفظ به من الزيوت المستعملة إلى الشاب العشريني عبر إنزال الكميات من البلكونة ويدفع الشاب ثمن الزيت مباشرة، فهو يحمل يوميًا آلاف الجنيهات التي يحصل عليها من أصحاب المصانع، هنا قام الشاب العشريني بتجميع كميات لا بأس بها من الزيوت المستعملة وتوجه بها لبعض المخازن المؤقتة في مدينة المنصورة. 

تجميع الزيوت:

 التقيت بأحد الشباب الذين يقومون بتجميع زيوت الموت "طبعًا لم يذكر اسمه"، وكشف لي عن خط سير هذه الترسيكلات، بداية من تجميع الزيوت من ربات البيوت، وحتى الوصول للمصانع، حيث قال إنه يعمل في مهنة تجميع الزيوت منذ عامين، يقوم في كل صباح بجمع الزيوت من ربات البيوت في الجراكن الزرقاء، ثم يتوجه بها إلى أحد المخازن في مدينة المنصورة، ويتم في هذا المخزن إعادة وضع الزيوت وتفريغها من الجراكن الكبيرة الزرقاء إلى جراكن صفراء حتى تكون جاهزة بعد إعادة تدويرها للبيع مرة أخرى، وأضاف الشاب بأنه في هذا المخزن تتم التعبئة في الجراكن الصفراء بمنتهى السرية حتى لا يشعر أحد بذلك وبعد الانتهاء من تلك التعبئة تصبح الجراكن جاهزة وبها كميات الزيت، وتتوجه بها سيارات ربع نقل إلى مصانع تحت بير السلم غالبًا في محافظة الغربية، وهناك، وكما يقول الشاب، يتم وضع كميات الزيوت في خزانات عملاقة ووضع كميات من المواد التي تقوم بتنقيتها من الشوائب وإضفاء لون فاتح للزيوت.

الفول والطعمية:

 كشف الشاب الذين التقينا به بأن أصحاب المصانع بعد أن يقوموا بإعادة تدوير الزيوت المستعملة يقومون بوضعه في الجراكن الصفراء مستهدفين بيعه لمحلات الفول والطعمية لسهولة بيع كميات كبيرة إليهم بدلًا من تضييع الوقت في إعادة تعبئتها في زجاجات بلاستيك وبيعها للسوبر الماركت والبحث عن استيكرات وخلافه.

الجراكن الصفراء:

 استطعنا التوصل بطريقتنا إلى موقع في مدينة المنصورة، أو ما يعتبر نقطة تجميع الزيوت المستعملة قبل التوجه بها إلى محافظة الغربية، وقمنا بالتقاط صور لهذه الجراكن التي تم وضعها على هذه العربات، كما سمح لنا الشاب العشريني بتصويره وهو يتجول في شوارع المنصورة لكنه اشترط أن يكون التصوير من خلف التروسيكل حتى لا تظهر ملامحه.

أخر الرحلة:

 هنا تنتهي الرحلة تمامًا بتوزيع الجراكن الصفراء على محلات الفول والطعمية في محافظة الدقهلية من مصانع محافظة الغربية لتصل الزيوت التي قام ربات المنازل ببيعها للتروسيكلات إلى ملايين المستهلكين في شكل أقراص طعمية أو كميات من الفول بالزيت المستعمل، وتبدأ سلسلة من الأمراض الخطيرة التي سبق وتحدث عنها الدكتور جلال شحاتة، استشاري أمراض الباطنة والقلب والسكري لـ"الوفد"، وأوضح بأن إعادة استخدام زيت الطعام بعد القلي ينتج عنه ظهور مواد جديدة في الجسم تسمى منتجات “تحلل الدهون”، حيث يمكن أن يكون لهذه المنتجات عدد من التأثيرات تتراوح بين زيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية وتصلب الشرايين وارتفاع مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة "النوع الذي يتجمع في الشرايين"، ومرض الزهايمر ومرض "باركنسون"، بالإضافة إلى أمراض الكبد المختلفة، لافتًا إلى أن منتجات تحلل الدهون والإجهاد التأكسدي للجسم تؤدي إلى ظهور ما يعرف بـ"الجذور الحرة" التي يمكن أن تسهم في ظهور السرطان والسكري وكثير من الأمراض العصبية.