دراسة علم النفس من أهم الدراسات التى تحرص المناهج الحديثة فى جميع البرامج الجامعية على تدريسها للطلاب وذلك لأهميتها فى فهم واستيعاب كل المواد الدراسية ومدى تأثيرها على النفس البشرية والسلوك الإنسانى خاصة مرحلة الشباب والمراهقة، لذا فإن علم النفس قد أصبح جزءًا حيويًا من الدراسات الإنسانية، وعلى رأسها الدراسات الإعلامية بعد هذا التحول التقنى للإعلام الجديد وانتشار الفضاء الإلكترونى وتعدد الوسائط الإعلامية وما يسمى شبكات التواصل والإعلام التفاعلى بين المستخدمين الجدد للفيس والتيك توك والإنستجرام والمنصات الحديثة، وكل هذا الزخم الإعلامى المنفلت تمامًا والبعيد عن أى رقابة وأى تحكم وأى ضوابط، اللهم إلا بعض المحاذير السياسية الموجهة فقط؛ لكن على الجانب الآخر فإن مظاهر الانفلات المجتمعى والسلوكى فى ذلك الإعلام الجديد امتد ليشمل ليس فقط الإعلام التفاعلى ولكن مساحات جديدة من الحريات المجتمعية الخاصة بما يعرض على الشاشات من موضوعات وقضايا تعد من المسكوت عنها أو التابوهات ويخرج البعض ليدافع عن عمل يطرح قضايا شائكة وحساسة وجدلية تخص المجتمع والعادات والتقاليد والدين بدعوى حرية الفن والإبداع، وأن هذا أحد أدوار الإعلام التوعوى الذى يمارس طقوسه الأساسية ويدق ناقوس الخطر لبعض القضايا التى تمس سلام وأمن المجتمع مثل المخدرات أو الأدمان أو الزواج العرفى أو الاغتصاب أو التحرش أو تأجير الأرحام أو الطلاق أو أطفال الشوارع أو دور الأيتام.. هذه هى القضايا التى تؤثر نفسيًا وسلوكيًا على النشء والأطفال والشباب، وبالتالى على الصحة النفسية لمجتمعات وفئات، وتحقق إما السلام المجتمعى، وإما حالات الاستقطاب والعنف والتطرف، وهذا العام نجد أن ما يعرض على الشاشة كان نتاجًا حتميًا للتعرض لهذه الموضوعات فى أعمال درامية بعضها حاول الرجوع إلى متخصصين فى المجال النفسى والآخر لم يفعل سوى عرض القضايا بأسلوب فج ومبالغ فى من أجل جذب نسب مشاهدة عالية وكانت النتيجة عزوف الجمهور عن المتابعة لأنها أعمال مكررة أيضًا مقدمة بأسلوب يسيء للمجتمع أكثر مما يعبرعنه … إلا بعض الأعمال مثل «ولاد الشمس» و«لام شمسية» على سبيل المثال لا الحصر، حيث تعرض الأول لأبناء الملاجئ، والثانى لقضية التحرش بالأطفال، وكذلك الرواسب النفسية فى تلك الحجرة السوداء لأبطال المسلسل مثل الزوجات اللاتى يعانين من مشاكل نفسية أثرت على العلاقات الزوجية.. القضايا مهمة ومؤثرة، وإن كانت المعالجة متميزة فى بعض الأحيان وبعض المشاهد إلا أن فكرة الـ١٥ حلقة أدت إلى المط والتطويل والدخول فى تفاصيل وحوارات مكانها الغرف المغلقة والفن إيحاء ورمزية وتضمين.. ومع هذا فعلى الرغم من واقعية الاحداث والقضايا إلا أنه يخشى أن يتم التركيز على هذه القضايا الحساسة فى أعمال قادمة استغلالًا لنجاح عمل ما.. النفس البشرية معقدة ومركبة وهناك عدة نقاط مبهمة داخل هذه المغارة البشرية للمشاعر والأحاسيس المعلنة أو المكبوتة والخفية، ولذا فإن الدراسات النفسية للأعمال الدرامية ونقدها وتحليلها من منظور علم النفس كما دراسة البرامج والإعلانات والوسائط الحديثة سوف يسهم فى تحديد خريطة إعلامية أكثر اتزانًا مع النفس البشرية والمجتمع والحياة.