لِمَ أُوثِرَ عَطْفُ جُمْلَةِ ﴿ ﭙ ﭚ ﭛ ﴾ على ما قَبْلَها؟
العَطْفُ في قوله عز وجل: ﴿ﭙ ﭚ ﭛ ﴾ مَعَ ما فِيه من اتِّحادِها في الخَبَرِيَّة مع ما قَبْلَها، هو عَطْفٌ على سَبِيلِ التَّكْمِيلِ؛ مِن وَجْهَيْنِ:
الأول: الإخبارُ بأنَّ المُؤْمِنينَ − زِيادَةً عَمَّا لَحِقَهم من عَظيمِ النِّعْمَةِ والفَضْلِ مُبَرَّئِينَ مِن السُّوءِ − سَلَكوا بجَرَاءَتِهِم وخُرُوجِهِم طَرِيقَ رِضْوَانِه عز وجل، الذي هو مَناطُ الفَوْزِ بخَيْرِ الدَّارَيْنِ.
الثاني: أنَّه عز وجل بَعْدَ أنْ قَرَّرَ الفَوْزَ والثَّوابَ لِمَنْ خَرَجَ إلى المَعْرَكَةِ؛ فبَيَّنَ أنَّه قد تَفَضَّلَ عليهم بالتَّثْبِيتِ، وزِيادَةِ الإيمانِ، والتَّوْفِيقِ للمُبادَرةِ إلى الجِهادِ، وإظْهارِ الجَراءَةِ على العَدُوِّ، والحِفْظِ مِن كُلِّ ما يَسُوءُهُم، وإصَابَةِ النَّفْعِ مع ضَمانِ الأَجْرِ؛ حَتَّى انْقَلَبُوا بنِعْمَةٍ من الله وفَضْلٍ؛ جاءَت هذه الجُملَةُ تَحْسِيرًا للمُتَخَلِّفِ وتَخْطِئةً لرَأْيِه؛ حَيْثُ حَرَمَ نَفْسَهُ مِن هذا الخَيْرِ العَظيمِ.
لِمَ أُوثِرَ التَّعبيرُ بـ ﴿ﭚ﴾ دُونَ (رِضَا)؟
لَمَّا كانَ ﴿ﭚ﴾ هو أَعْظَمَ الرِّضَا وأَكْبَرَهُ؛ إذْ فِيه زِيادَةُ الأَلِفِ والنّونِ الدّالَّة على المُبالَغَةِ وزِيادَةِ المَعْنَى؛ اختصَّ الله تَعالَى به، وكانَ أَعْلَى مِن الجَنَّة، وكانَ في التَّعبيرِ بِه هُنا − دُونَ (الرِّضا) الذي يكون مِن الله جَلَّ وعَزَّ ومِن غَيْرِه− تَنْوِيهٌ بمَنْزِلَةِ هؤلاء المُجاهِدينَ الذين جاءوا بأبْلَغِ عَمَلٍ، وهو الجِهادُ في سَبِيلِ الله عز وجل، وقد قَدَّمُوا أَنْفُسَهُم لمَرْضاتِه، مع ما أَثْقَلَهُم من الجِراحِ، وما نَمَا لَهُم من أقوالِ المُثَبِّطِينَ، وقد تَكاثَرَت أسْبابُ الرَّهْبَةِ، وأَخْبَارُ اسْتِعدادِ العَدُوِّ لهم؛ فاسْتَحَقُّوا أَبْلَغَ الرِّضا، وهو ﴿ﭚ﴾.
ما الحكمةُ من إضافَةِ الرِّضْوَانِ إلى الله في قوله: ﴿ ﭙ ﭚ ﭛ ﴾؟
لَمَّا كانَ أعْظَمُ الرِّضا رِضا الله عز وجل، خُصَّ لَفْظُ (الرِّضْوَان) في القُرْآنِ بِما كانَ مِنْهُ عز وجل، وكانَ في إضافَتِه إليه إيماءٌ إلى عَظَمَةِ هذا الرِّضْوَان وفَخامَتِه.
ما الحكمة من ذكر لفظ الجلالة ﴿ﭛ﴾ دون (رب)؟
لتربية المهابة في القلوب والعظمة والجلال لله تعالى، أما كلمة رب فإنها تعنى ا لتربية والإنعام والتفضل.
وسبحان من هذا كلامه
[email protected]