من عظمة الوحى ١٤
ما الحكمةُ من التَّعبيرِ بالعُمومِ ﴿ﯹ﴾، فى قوله عز وجل: ﴿ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ﴾، وفى قوله عز وجل: ﴿ﯺ ﯻ﴾ دُونَ التَّخْصِيصِ؟
فى التَّعبيرِ بالعُمومِ ﴿ ﯹ﴾، فى قوله عز وجل: ﴿ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ﴾، وقوله عز وجل: ﴿ ﯺ ﯻ ﯼ جَمَعُواْ ﯾ﴾ أوجه:
• الأول: أنَّه لَمَّا كان هذا القَوْلُ عند الصَّحابَةِ صِدقًا، لا شَكَّ فيه؛ لقِيامِ القَرائِنِ عِنْدَهم على ذلك، كان هذا القَوْلُ بمَنزِلَةِ القَوْلِ المُتَواتِرِ الذى تَمالَأَ عليه الخَلائِقُ؛ فلذلك عَبَّرَ عن قائِلِه بـ(النّاس). وكذلك لَمَّا كانت قُرَيْشٌ أَعْلَى النّاسِ شَجاعَةً، وأوْفاهُم قُوَّةً، وأَعْرَقَهُم أصالةً؛ كانوا كأنَّهم جَميعُ النّاسِ؛ جاءَ التَّعبيرُ بصِيغَةِ العُمومِ أيضًا؛ فقال: ﴿ﯺ ﯻ ﯼ ﴿ ﯾ﴾.
• الثاني: أنَّ التَّعبيرَ بهذا العُمومِ أَمْدَحُ للصَّحابَةِ، مِن التَّعبيرِ عمَّنْ أَخْبَرَهُم ومَنْ جَمَعَ لهم بخاصِّ اسْمِهِ أو وَصْفِهِ؛ إذ المُرادُ الإخبارُ باجتماعِ النّاس جميعًا عليهم، مع عَدَمِ مُبالاتِهم بذلك، فكأنَّ النَّاسَ جَميعًا، ذَكَرَهُم وأُنْثاهُم، وخاصّهم وعامّهم، قد تَناقَلوا هذا القَوْلَ، وكأنَّهم - كافَّة - قد جمعوا لهزيمتهم؛ ليكون ذلك أَمْدَحَ للمُؤمِنِينَ فى أنَّهم - وإنْ تَكالَبَ عليهم جَميعُ النّاسِ- لم يَفْشَلوا لَمَّا سَمِعُوا ذلك، ولا الْتَفَتُوا إليه، بل أَخْلَصُوا لله، وازْدَادُوا طمأنينةً وقوَّةً فى دِينِهم، وثُبوتًا على نَصْرِ نَبيِّهِم .
• الثالث: أنَّ فى التَّعبيرِ بلَفْظِ ﴿ﯻ﴾ تَنْبِيهًا للمُسلِمِينَ إلى أنَّ هؤلاء قد جَمَعُوا كُلَّ صفاتِ الخَديعَةِ والمَكْرِ والشَّرِّ فى النّاسِ.
• الرابع: أنَّه إنَّما عَبَّرَ باسْمِ الجِنْسِ مِن غَيْرِ تَعرُّضٍ لكُفرِهِم؛ لتَحقِيقِ ما فيه الشَّرِكَة بَيْنَهُم وبَيْنَ رَسُولِ الله والمُسلِمِينَ، ولحَضِّ المُسلِمِينَ على عَدَمِ الخَوْفِ منهم؛ لأنَّهم ناسٌ مِثْلهم.
• لِمَ أُوثِرَ تَعريفُ ﴿ ﯹ﴾ فى قوله عز وجل: ﴿ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ﴾؟
• لمَّا كانَ القائِلُ مَعْروفًا للمُسْلِمِينَ، وكانَ المُخوَّفَ مِنْهُم، هُم النّاسُ الذين يُعادُونَهُم؛ جاءَ التَّعريفُ فى
﴿ ﯹ﴾؛ لأنَّهم مَعْهُودُونَ للمُسْلِمِينَ، ومَعْرُوفونَ لَهُم.
وسبحان من هذا كلامه