تسلل
سيتذكر المهتمون بالشأن الكروى والعام فى مصر ما حدث يوم 11 مارس 2025، وبعد أن أطلق الحكم المصرى محمود بسيونى صافرة إنهاء مباراة الأهلى والزمالك معلنا فوز الأخير بالمباراة لانسحاب منافسه، استدعى القائمون على إدارة الرياضة والكرة المصرية طاقم تحكيم سعوديا ليلا أملًا فى تأجيلها وهى التى ألغيت وتمسك الزمالك بعدم إعادتها.
وامتدت «اللخبطة» من اتحاد الكرة والرابطة لوزارة الرياضة، قبل التعرف على الموقف برمته واستدعاء الحكام لنضع أنفسنا فى موقف حرج، وهل سيوافق الزمالك على التأجيل من عدمه، وهل ستوافق الرابطة وكل الأطراف قبل الاستدعاء بدلا من استقدام الحكام وعودتهم ثانية!
وظهر التسرع فى القرار فى تناقض تصريحات المتحدث باسم وزارة الرياضة بين التأجيل وعدمه!
وذكرنى ما حدث بإقامة دورات صيفية بعد عام دراسى «مجهد» بين مراكز شباب المحافظة ويحتج فريق من الفرق ويغيب عن موعد اللقاء وتحت ضغط وأشياء أخرى تُعاد المباراة بطاقم تحكيم جديد، رغم أن الحكم أنهاها وأعلن خسارة المنسحب للمباراة!
ولخص المعلق الإماراتى على المباراة «عامر عبدالله المرى» المُحب لمصر وأهلها القصة بعشق وتلقائية وحسن نية و(أنه يعلق على مباراة لأول مرة يحضرها جمهور ناديين ولن تقام وهذا لا يحدث إلّا فى مصر فقط) فى إشارة لتفرد الجماهير المصرية وعظمتها مثل خطبته العصماء عن عظمة مصر ونبوغها ثقافيا ورياضيا وفنيا وصلابتها دفاعا عن الأمة كلها.
ورغم أن المعلق الإماراتى كلماته تثلج القلوب مدحا وحبا لمصر، لكنها رسالة لمن يهمه الأمر بأننا أصبحنا متفردين فى السلبيات والاستهجان لتكرار الفصول المأساوية، دفعت البعض إلى الابتعاد وعدم إثارة سلبيات «قولا أو كتابة» لعدم جدوى إصلاح الأوضاع الرياضية.
الأزمة رغم تكرارها كشفت عن المأساة التى تشهدها المنظومة كلها ولو حدث ذلك فى دولة خليجية أو أوروبية لتم إزاحة كل المحيطين بالأزمة فى ظل إدارات غير محترفة تقود المنظومة.
وبعد أن كان المشجع حلمه أن يذهب للملعب ويشاهد نجوم هذا الفريق بات مشاهدا لعجائب القدر وسوء الإدارة!
ما يحدث لا ينال من الجانب الرياضى والكروى فقط ويمتد لمواقع أخرى داخل الوطن وخارجه «سمعة وقلة قيمة» تزيد الإحباط والألم الذى يصيب الكثيرين فى مختلف مناحى الحياة.
أزمات وانتكاسات بمؤسسات وهيئات تستشرى فيها العشوائية و«يعشش» فيها أصحاب الصوت العالى والنفوذ وأنصاف الموهوبين والمتخصصين فى تصفية الحسابات تضيع معها الحقوق، ويهرب الأكفاء، وتتبعثر مكتسبات وأموال طائلة على الدولة، بسبب غياب التخطيط والرؤية وفرض المحسوبية، فى وقت ينظر لنا البعض بتقدير ويتغنى بمكانة مصر وعظمتها لوجود مؤسسات يحكمها «الانضباط والموهبة» تتحمل مسئوليتها وتضحى من أجل وضع الوطن فى مكانته المرموقة.
ما حدث فى الساعات الأخيرة يحتاج وقفة حقيقية من رئيس الوزراء بوضع استراتيجية ولوائح وقوانين تطبق على الصغير والكبير وسد الثغرات والبحث عن حلول حتى لا يتكرر ما يحدث بعد أن كشفت الانتخابات أنها لا تأتى بالأصلح لتدخل العاطفة وعوامل ذاتية دون اختيار الأفضل حتى من تتوسم فيهم الكفاءة انزووا وابتعدوا بعد أن تمت إزاحتهم عن المشهد والدفع بأنصاف الموهوبين والمشجعين لصفوف المسئولية فكانت النتيجة تراجيديا سوداء جدا!